الإنترنت.. لعبة القط والفأر بين الحكومات والناشطين في مصر والعراق

الثلاثاء 8 أكتوبر 2019 10:35 م

رغم مرور أكثر من 8 سنوات على ثورات الربيع العربي، والتي لعب الإنترنت فيها دورا محوريا، لازالت الشبكة العنكبوتية تمثل ملعبا ساخنا في المناورات بين الحكومات والمحتجين في كل من مصر والعراق.

وبحسب تقرير نشره "دويتش فيللا"، الإثنين، فإنه يبدو أن كلا من الناشطين والأنظمة، قد تعلمت درسها من تجربة الربيع العربي، فبينما تنوعت طرق الحكومات ما بين الحجب الكامل للإنترنت أو الجزئي أو تعمد تقليل سرعة الإنترنت، بعد أن أصبح الإنترنت ومستخدميه هم "العدو الأول"، استفاد الناشطون من تجارب وأدوات تجاوز الحظر والتضييق.

ففي العراق قد مر نحو 100 ساعة منذ أن فرضت الحكومة إغلاقًا شبه كامل للإنترنت، وفق آخر تقرير من مرصد "نت بلوكس" لتتبع نشاط الإنترنت في العالم، ولكن الناشطين لجأوا إلى وسائل إرسال سرية وأساليب غير مستخدمة على نطاق واسع، ورسائل خارجية باهظة الثمن، للالتفاف على حجب الإنترنت.

فعندما بدأ حجب "فيسبوك" تحرك عراقيون سرا لتنزيل تطبيقات الـ"في بي أن" (شبكة افتراضية تتيح الاتصال بخوادم خارج البلاد)، وبدأ آخرون نشر التفاصيل عن التظاهرات في قسم تعليقات شبكة "سينمانا"، وهو تطبيق بث برامج ومسلسلات ذي شعبية في العراق.

  • لعبة القط والفأر

أحد الناشطين العراقيين، المشاركين في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ الثلاثاء الماضي، وسقط فيها أكثر من 100 قتيل، قال إن المتظاهرين يحتاجون إلى الإنترنت لتوثيق الفعاليات على الأرض و"خصوصاً حالات الاعتداء على المظاهرات السلمية بالرصاص الحي".

ويؤكد الناشط، الذي رفض نشر اسمه، أنه "حتى الاتصالات الهاتفية تعاني من عدم الثبات، فإذا ما زاد طول المكالمة عن دقيقة واحدة فإنها تنقطع فوراً".

وللتغلب على مشكلة حجب الإنترنت، فإن "الناشطين يلجأون للتواصل وجهاً لوجه، والاتفاق في الليلة السابقة على مكان وموعد الالتقاء في اليوم التالي، أو الاتصال مع مسؤولي المجموعات عبر الهاتف، ثم إبلاغ باقي المجموعات عبر الرسائل القصيرة SMS"، بحسب ما أكد الناشط لـ"دويتش فيللا".

ويوضح أنه نتيجة للقطع الكامل للإنترنت فإن البعض ممن لديهم شريحة اتصالات أجنبية، وبها إنترنت،  يرفع المحتوى المصور.

ويستدرك: "لكن تكلفة الاتصال الدولي بالإنترنت مرتفعة للغاية، وعدد من لديهم شريحة أجنبية فعالة داخل العراق قليل جداً، وأحيانا ننتظر عودة الإنترنت لفترات قصيرة للغاية لنرفع المحتوى".

ويتابع "مثلاً قبل يومين عادت الإنترنت بين الساعة الثالثة والنصف والخامسة صباحاً، وهنا قمنا فوراً بتفعيل تطبيق VPN لتجاوز حجب مواقع التواصل الاجتماعي، وخلال هذه الفترة القصيرة نرفع المحتوى الذي لدينا بأقصى ما نستطيع من سرعة".

وبحسب "نت بلوكس"، فإنه منذ قطع الحكومة العراقية الإنترنت، لم يتسن الوصول إلى خدمات الإنترنت سوى من خلال شبكة افتراضية خاصة والتي تخفي موقع الجهاز المستخدم للولوج إلى الإنترنت.

ويقول الناشطون إن حكومة رئيس الوزراء العراقي "عادل عبدالمهدي" عمدت لذلك بهدف منع نشر ما يثبت انتهاكات القوات الأمنية، وتعاملها العنيف مع المحتجين، والحد من وضع العالم الخارجي في صورة ما يحدث على الأرض، ومنع التواصل بين المتظاهرين.

في المقابل، تقول الحكومة العراقية إن "قناصة مجهولين" يطلقون الرصاص على المحتجين وأفراد الأمن على حد سواء لخلق فتنة.

إلا أن الناشطين العراقيين نجحوا بوسائل مختلفة في تحميل محتوى من الصور والفيديوهات التي يقولون إنها تثبت عكس ما تزعمه الحكومة العراقية، قائلين إن أشخاصا من دول مجاورة عبروا الحدود وشاركوا في قمع الاحتجاجات، وتخفى عدد منهم كمتظاهرين واندسوا بين الجموع واختطفوا أكثر من شخص من وسط التظاهرات.

وانتشرت على "فيسبوك وتويتر وانستغرام وسوم عدة شهدت مشاركات كبيرة من داخل وخارج العراق كان أبرزها #العراق_ينتفض و #ساحة_التحرير و #مظاهرات_العراق و #نريد_وطننا، كما شهدت وسوماً باللغة الإنجليزية مثل #Save_the_Iraqi_people و #revolution_now_in_iraq مشاركات كبيرة أيضاً.

  • مصر.. "خطأ 2011 لن يتكرر"!

أما في مصر، فقد شهدت، الشهر الماضي، تظاهرات شعبية نادرة الحدوث، خلال السنوات الأخيرة، طالبت برحيل الرئيس "عبدالفتاح السيسي" ونظامه، وذلك على خلفية وقائع فساد في مؤسستي الرئاسة والجيش، كشف عنها المقاول المصري، "محمد علي"، مؤخرا، في مقاطع فيديو، بثها على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظيت بانتشار واسع بين المصريين.

ومنذ عام 2011 واندلاع الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، انتبه النظام المصري في أعقاب انقلاب 2013 لأهمية الإنترنت، فتم حجب أكثر من 500 موقع إخباري وحقوقي بجانب مدونات، فيما أقر البرلمان المصري حزمة من القوانين المشددة الخاصة بالممارسات على الإنترنت، والتي أدت إلى اعتقال الكثيرين بسبب تغريدات أو منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، كان آخرهم أستاذي العلوم السياسية البارزين "حازم حسني" و"حسن نافعة".

إلا أن هذا التشديد تصاعد بشكل دراماتيكي، إثر التفاعل غير المتوقع مع فيديوهات "محمد علي"، فقامت السلطات بإبطاء سرعة الإنترنت، ونشرت المئات من عناصر الشرطة في الشوارع لفحص الهواتف المحمولة للمارة، الذين اعتقل بعضهم بالفعل بسبب وجود رسائل على برنامج واتسآب وصور وفيديوهات تتعلق بمعارضة سياسات النظام المصري.

وينصح الناشط المصري، "حسام الحملاوي"، الناشطين بوجه عام، بأن يكون لديهم حزمة من التطبيقات للتواصل والتراسل، "والأفضل تطبيقات التشفير ثنائي الجانب End to End encryption وهي بالترتيب تطبيق سيغنال Signal يليه تطبيق واير Wire ثم تطبيق واتسآب whatsapp وأخيراً تليغرام Telegram".

ويرشح "الحملاوي" تحميل أحد تطبيقات VPN، والتي تحافظ، كذلك، على خصوصية المستخدم، مردفا: "لكن المشكلة تكمن في أن أغلب هذه التطبيقات مجانية، ما يعني خدمة بطيئة للغاية، أو محدودة، بحجم محتوى معين، كما أن الشركات المطورة لها قد تحتفظ بسجلات لما تم تصفحه، وبالتالي فهناك احتمال أن تسلم هذه السجلات records للجهات الأمنية".

وتابع "لذا فمن الأفضل اللجوء إلى VPN التي يدفع مقابل للحصول على خدماتها"، مضيفا أنه إذا صادف الناشط أي مشكلة في الاقتراحات السابقة، فإن "الحل الأخير هو استعمال متصفح TOR وهو بديل بطئ لكنه الملاذ الأخير وآمن للغاية".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

شبكة الإنترنت سرعة الإنترنت حجب الإنترنت احتجاجات العراق منع مظاهرات

نظام السيسي يحجب جزئيا فيسبوك ومواقع إخبارية عدة

رغم عودة الإنترنت.. استمرار حجب مواقع التواصل الاجتماعي بالعراق

عودة الإنترنت بالعراق خلال أوقات الدوام الرسمي فقط

كيف استخدمت مصر التكنولوجيا العالمية لإنتاج منظومة خاصة لمراقبة المعلومات؟