رسل ومنى ورنا.. ضحايا شبكة لتجارة الجنس يديرها معممون شيعة بالعراق

الأربعاء 9 أكتوبر 2019 11:17 م

استيقظت الفتاة المراهقة من نومها لتجد نفسها بمفردها، إذ اختفى زوجها الجديد فجأة بعد زواج لم يدم إلا 3 ساعات، ولم تكن تلك زيجتها الأولى ولا الثانية ولا الثالثة ولا حتى الرابعة، بل تزوجت مرات عديدة تستعصي على الحصر.

إنها العراقية "رسل" التي كشف تحقيق استقصائي لهيئة الإذاعة البريطانية BBC عن كونها إحدى ضحايا شبكة واسعة لتجارة الجنس قرب المراقد المقدسة لدى الشيعة، تحت ستار ديني هو "زواج المتعة". 

اضطرت الفتاة الصغيرة إلى العمل بعدما أصبحت الحياة أكثر قسوة عليها، إذ لم يكن راتبها البسيط يكفي لتلبية احتياجاتها المعيشية في بغداد.

راودها حلم الزواج، وتمنت أن تجد زوجا يعتني بها وبأختها، وكانت البداية بلقاء في مكان عملها دفعها إلى سلوك طريق "المتعة".

جاء رجل ذات يوم إلى مكان عملها وأخذ يتجاذب معها أطراف الحديث، وتحدثت معه عن ماضيها والأسباب التي حملتها على العمل بدلا من الذهاب إلى المدرسة، وعن مسقط رأسها، وشعرت أنه مهتم بها فعلا.

أخذ الرجل يتردد على مكان عملها يوميا ويسعى بشتى الطرق لكسب ودها، ولم تكد تمر أسابيع معدودة حتى تقدم إليها لطلب يدها، واصطحبها إلى حي الكاظمية في بغداد، حيث مكتب الزواج الشرعي، وشعرت حينها "رسل" أن قلبها يكاد يطير فرحا.

ولم تستغرق مراسم الزواج وقتا طويلا، إذ استهلها الشيخ الشيعي بقراءة بضع كلمات، ثم سألها إن كانت توافق على الصداق المسمى وقدره 250 دولارا، وقدم لها عقدا، لم تعرف تفاصيل بنوده لأنها أمية.

وبعد دقائق من مباركة الشيخ لزواجهما، انطلق بها زوجها مسرعا إلى شقة مجاورة للدخول بزوجته، وكانت "رسل"، رغم القلق الذي تملكها، تتطلع للسكن في منزل لائق مع أختها، بعد سنوات من المعاناة والمشقة

أخذت الفتاة تدعو الله أن يعاملها زوجها بالحسنى وأن تستمر حياتهما معا للأبد، وبدت الأيام القليلة الأولى بالفعل أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.

وعن تلك الأيام تقول رسل: "شعرت أن عبئا ثقيلا أزيح عن كاهلي، وأنني لن أحمل هم المال بعد اليوم".

لكن ذلك لم يستمر سوى أيام، فبعد أسابيع قليلة اختفى زوجها، الذي لم تكن "رسل" تعرف أنه تزوجها بعقد محدد الأجل.

ولما قررت الفتاة العراقية اللجوء للشيخ الذي عقد قرانهما، بدا وكأنه كان ينتظر قدومها، ناصحا إياها بأن تستمر في ممارسة زواج المتعة مع المزيد من الرجال، زاعما أنه الحل الوحيد للمشاكل التي تواجهها.

ومن أجل ذلك التقط الشيخ صورا للفتاة، لتصبح واحدة من عديد الضحايا، إذ ينتشر زواج المتعة بأوساط الشيعة العراقيين، رغم كونه غير قانوني.

وتصف "رسل" ما حدث معها بالقول: "أصبح الشيخ سمسارا، يوفر لي العمل، ولم أجد مفرا من السير في هذا الطريق"، لافتة إلى أنه يوفر لها حقن منع الحمل ليضمن أنها لن تحمل.

كانت الفتاة الصغيرة تدرك في قرارة نفسها أنها ستعجز آجلا أو عاجلا عن تدبير نفقات المعيشة براتبها الضعيف، وأن فرصها في تحسين دخلها تكاد تكون معدومة كونها لم تنل حظا من التعليم، كما أن آمالها تبددت في العثور على رجل يريد زوجة دائمة منذ أن فقدت عذريتها.

ولم تفصح "رسل" عن تفاصيل المبالغ التي تتقاضاها، لكنها تقول إن الشيخ يحصل على رسوم من العميل ثم يدفع لها المهر، مشيرة إلى أن آجال عقود زواج المتعة تتراوح ما بين ساعات قليلة وأسابيع عدة.

مارست ضحية زواج المتعة الجنس مع الكثير من الرجال إلى حد أنها لم تعد تتذكر أعداد الرجال الذين جامعوها.

"منى" ضحية أخرى كانت قد تجاوزت الرابعة عشرة من عمرها حين تم إقناعها بزواج متعة من رجل يكبرها سنا تتبعها من مدرستها إلى بيتها.

وتبلغ "منى" اليوم السابعة عشرة وتضغط أسرتها عليها للزواج ولكنها تشعر بالرعب من أن يكتشف زوج المستقبل أنها ليست بكرا، وتقول إنها تفكر في الانتحار.

لكن ضحايا "المتعة" لسن من الصغيرات وحدهن، فـ"رنا" في العشرينات من عمرها، وطلقها زوجها منذ 5 سنوات، بعد هربها إلى بغداد إثر اجتياح مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" لمدينته، والتقت بشخص آخر وفرحت حين فاتحها بالزواج، إذ افترضت أنه زواج دائم ولم تقرأ العقد لثقتها فيه.

وحتى لو كانت قرأت العقد، فربما فاتها أن ترى أنه زواج متعة لأن العقد يشبه تماما عقد الزواج الشرعي المعتاد باستثناء أن الشيخ يكتب بين قوسين كلمة "متعة" كجزئية يسهل التغافل عنها، بحسب BBC.

أمضت "رنا" 3 أيام من أسعد أيام حياتها، لكن زوجها أخذها بعد ذلك للتسوق، واختفى دون أثر.

وحين اكتشفت أسرتها أن زواجها كان مؤقتا رفضتها، فرغم تحليل رجال الدين الشيعة لزواج المتعة، إلا أن كثيرين بالمجتمع العراقي -الشيعي والسني- يرونه عارا لا يختلف عن البغاء.

تقول "رنا": "حين تتزوجين تشعرين بالأمان والسعادة فلديك زوج ولديك مستقبل، ولكن يتضح أن الأمر كله كذبة. نرى المعمم شخصا له إجلاله حتى يتضح لك أن هذا المعمم كان أفّاقا".

وكانت زيجات المتعة شائعة في إيران والجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام، واليوم يبيحه أئمة في العراق وإيران، حيث يشكل أتباع مذهب الاثنى عشرية الغالبية العظمى من الشيعة.

ويقول خبراء إن الهدف من هذا النوع من الزيجات هو إشباع الرغبات الجنسية وليس التناسل، وإن أغلب هذه الزيجات كانت تنعقد في القرون الماضية في الأماكن المقدسة للشيعة.

ويخضع زواج المتعة لعقد ينص صراحة على الأجل والمبلغ الذي يقدمه الزوج لزوجته المؤقتة نظير الاستمتاع بها، وقد يكون العقد غير مكتوب ولا يشترط في بعض الأحيان أن يوثقه الشيخ المعمم.

وقد تتراوح مدة عقد زواج المتعة من ساعة واحدة إلى 99 سنة، ويحق للزوج أن ينهي العقد في أي وقت شاء.

ويفتح زواج المتعة الباب للاعتداء على الأطفال في بعض حالات الفتيات القاصرات، مثل "رسل"، فضلا عن أن هذه العقود غير معترف بها في القانون العراقي، الذي ينص على أن يعاقب كل من يمارس الجنس مع فتاة أو امرأة خارج إطار الزواج بالسجن لحد أقصى سبع سنوات، إذا كانت الفتاة يتراوح عمرها من 15 إلى 18 عاما أو لحد أقصى 10 سنوات إذا كانت الفتاة دون 15 عاما.

المصدر | الخليج الجديد + BBC

  كلمات مفتاحية

زواج المتعة تجارة الجنس

السيستاني عن حذف زواج المتعة من كتابه: تجاوزه الزمن

مجهول يكتب للإندبندنت: عالم مرعب لتجارة الجنس السرية بالعراق