رفض الكاتب المختص بشؤون الشرق الأوسط "روبرت فيسك"، لوم متظاهري لبنان على ما شهدته بلادهم من حرائق وتحطيم لمباني حكومية، لافتا إلى أن المتظاهرين "فقراء وغاضبون وجوعى".
وفي مقاله بصحيفة "الإندبندنت" الإلكترونية، قال "فيسك": "على كورنيش بيروت في المنطقة التي أسكن فيها بالمدينة أغلب الشقق فارغة، حيث يعتبر المبنى استثمارا عقاريا، يمتلكه العراقيون والسعوديون، بينما في وادي البقاع يتكدس الناس في غرف ضيقة".
ودلل "فيسك"، بذلك على التردي في الأوضاع الاقتصادية في لبنان، مشيرا إلى أنه "كان يظن أن أيام قيامه بدفع الإطارات المحترقة بقدمه من طريقه في لبنان، قد ولت دون رجعة، لكنه كان مخطئا".
وأضاف أن "نسبة كبيرة من الشعب اللبناني تعاني من الفقر ولا تجد ما تأكله، وهؤلاء هم من يتظاهرون منذ أيام احتجاجا على أوضاعهم".
وتابع: "العملة المحلية تراجعت وأسعار المواد الغذائية ارتفعت كثيرا".
وواصل "فيسك" حديثه عما تشهده لبنان، قائلا: "هناك أمر مختلف يحدث هنا.. فالغضب الشديد للمواطنين والذي يظهر بشكل ملموس يؤكد أنه ليس فقط اندفاعا ذا طابع فصائلي وليس بسبب مواطنين عاديين يشعرون بالجوع، وهم كذلك".
وزاد: "لكنه بسبب نظام ظالم يستمر في فرض المزيد من الضرائب ويرفع الأسعار بشكل دائم، وهذا يجعل من المستحيل على المواطنين أن يعودوا بالمال إلى المنزل مهما قضوا من ساعات في العمل".
وختم "فيسك" مقاله بالقول: "طالما استمر الفقراء في سهل البقاع واللاجؤون السوريون والفلسطينيون يعيشون في مخيمات بائسة، فلن يتحسن الوضع (..) وأخشى أننا سنستمر في رؤية المزيد من الإطارات المحترقة في الشوارع".
وبدأت التظاهرات، في لبنان، ليل الخميس الجمعة، بعد ساعات من فرض الحكومة رسما بقيمة 20 سنتا على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة "واتس آب"، لكنها سرعان ما تراجعت عن قرارها على وقع التظاهرات.
ولم يحل ذلك، دون خروج آلاف المتظاهرين في بيروت ومناطق أخرى تعد معاقل رئيسية لقوى حزبية وسياسية نافذة، مطالبين باستقالة الحكومة.
وفي محاولة لتدارك الأزمة، منح رئيس الحكومة "سعد الحريري"، ليل الجمعة السبت، شركائه في الحكومة، في إشارة إلى "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، مهلة 72 ساعة، "لتقديم جواب واضح (...) بأن هناك قرارا لدى الجميع للإصلاح ووقف الهدر والفساد".
ووفق مراقبين للشأن اللبناني، فإن الغضب الشعبي الذي يشهده لبنان هو تحصيل حاصل للفساد السياسي وتدهور الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.
وتدهور الوضع الاقتصادي في لبنان بعدما سجل معدلات قياسية للدين العام في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد. كما يشهد النمو الاقتصادي تراجعا على خلفية حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة في وقت سجلت نسبة البطالة في صفوف الشباب حوالي 38%.
ويشهد لبنان عجزا في السيولة المالية؛ بسبب قلة تدفقات رأس المال الذي يعتمد أساسا على التحويلات المالية التي يرسلها المغتربون.
كما يشهد الاقتصاد الفعلي أزمة حقيقية بسبب عدم توفير العملة الأجنبية المتمثلة أساسا في الدولار بسعر الصرف المحدد.
وبسبب الجمود السياسي وعدم إجراء تغييرات، يتردد المانحون الأجانب في عرض مساعدات مالية للبنان في الوقت الحالي.