«نيويورك تايمز»: واشنطن خذلت الداعين إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين

الأربعاء 8 يوليو 2015 12:07 م

قررت الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي استئناف «المساعدة الأمنية» إلى البحرين، والذي ينهي حظرا على مبيعات الأسلحة للبحرين استمر أربعة أعوام منذ اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية في البلاد عام 2011.

وادعت وزارة الخارجية الأمريكية أن البحرين حققت تقدما كافيا في إصلاح حقوق الإنسان لتتم مكافأتها على ذلك برفع الحصار بالرغم من أن حالة حقوق الإنسان في البحرين ليست «كافية». خصصت الخارجية 49 صفحة للبحرين في تقريرها لعام 2014 في مجال حقوق الإنسان والذي صدر الشهر الماضي.

إنها وثيقة دامغة احتوت على تفاصيل الاعتقال التعسفي والتعذيب واكتظاظ السجون، والقيود على حرية التعبير وغير ذلك. ومن ثم فإن القرار، الذي سمح بالعربات المدرعة والمركبات المحصّنة ضد الألغام والكمائن وسيارات الهامفي وصواريخ بي جي إم-71 تاو وأسلحة وذخيرة، متناقض وقصير النظر ومصحوب بعواقب كارثة.

وانتقد الأمير «زيد بن رعد الحسين»، المفوض السامي لحقوق الإنسان، أعمال التعذيب في البحرين عند افتتاح أعمال الدورة 29 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف الشهر الماضي، ودعا الحسين الى «تحقيق فوري» في مزاعم التعذيب في سجون البحرين والإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية أنشطتهم السلمية.

فلو كان الأمير «زيد» بحرانيا لتم القبض عليه بتهمة «هانة هيئة نظامية»، كما حدث للمدافع عن حقوق الإنسان «نبيل رجب» بعد أن دعا لمحاكمة المسؤولين الذين ارتكبوا التعذيب في السجن والذي يواجه الآن ما لا يقل عن 10 سنوات سجن بتهم مختلفة تتعلق بنشاطه.

لقد تم اعتقالي في مارس/أذار من عام 2011، بعد ان أعلنت الحكومة حالة الطوارئ بيوم واحد، وبعد اندلاع الاحتجاجات بشهر. وأودعتني المحكمة العسكرية في السجن بتهمة التظاهر والتحدث إلى وسائل الإعلام. إن ما فعلوه معي في السجن لن أنساه طوال عمري.

في أول أيامي في سجن جو، يبعد 20 ميل جنوب العاصمة المنامة، قام ضابط بتعذيبي وإذلالي وإهانتي، وسحبني من شعري، وقام بقذفي بالحائط. وخلال الاستجواب لطمني آخر على وجهي وقام بتكبيلي حتى لا أحمي نفسي. لقد اخبروني أني سأتعرض للتعذيب بقدر ما جنته يداي.

وبينما كنت أتعرض للتعذيب في السجن، ظهرت تقارير لمنظمات حقوقية تتحدث عن تعذيب أربعة أفراد حتى الموت. وفي غرفة الاستجواب كنا دوما نفكر في من ماتوا وهم قيد التعذيب أو الاستجواب، ولم يغيبوا عن بالنا، وكنت أظن أني سأكون الخامس. وبعد إطلاق سراحي من السجن غادرت البحرين، وفي عام 2012 طلبت اللجوء في بريطانيا. وخلال يناير/كانون الثاني من العام الجاري جردتني البحرين من جنسيتي مع 71 آخرين، وبتنا جميعا بلا وطن أو هوية.

 الوضع في البحرين لم يتحسن منذ عام 2011. في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تعرض سجين للضرب بلا هوادة وألقي في الحبس الانفرادي، حيث توفي متأثرا بجروحه خلال الليل. وفي مارس/أذار اندلعت أعمال شغب في السجن. وكان السجناء غاضبين بشأن معاملتهم في ظروف مكتظة وغير صحية، وأيضا بشأن المحاكمات الجائرة التي وضعت أكثر من ألف منهم هناك. ويتهم السجناء سلطات السجن باستخدام القوة المفرطة ضدهم.

ما حدث بعد ذلك كان لا يضاهى بما تعرضت له. ووفقا لتقرير نشر الشهر الماضي من قبل تحالف لجماعات حقوق الإنسان، من بينها جماعات محلية، قال السجناء إن ضباط الشرطة استخدموا الغاز المسيل للدموع ضد السجناء داخل الزنازين. وتم حبس بعضهم في زنازين انفرادية وساحات مكشوفة معرضين لحرارة الشمس القوية التي لا يغفلها أحد عن البحرين. ويزعم سجناء سابقين أن ضباطا أجبروا سجناء على الركوع ولعق أحذيتهم. ودخل أكاديمي يدعى «عبد الجليل السنكيس» في إضراب عن الطعام منذ أكثر من 100 يوما، احتجاجا على سوء المعاملة التي تعرض لها السجناء في مارس/أذار. (وهناك مخاوف متزايدة بشأن صحته).

وفيما يتعلق باعتبار إطلاق سراح «إبراهيم شريف»، «علامة على إصلاح ذي مغزى»، فإنه ادعاء «عبثي»؛ لأن «شريف» سجين سياسي وقضى أكثر من مدة محكوميته في السجن، وفي ذات الوقت الذي أفرجت فيه السلطات عنه زجت بسياسي آخر في السجن الا وهو الشيخ «علي سلمان»، والذي حصل على حكم بأربع سنوات سجن لمعارضته الحكومة.

وعندما عبرت أمريكا عن قلقها حيال تواصل القضايا الجنائية المتعلقة بالتعبير السياسي والتجمع في البحرين قبل أسابيع قليلة رفضت ذلك البحرين وقالت إنه لا أساس له من الصحة ولا ينبني على دليل. لقد ازدرت البحرين حليفها الأمريكي، فما الذي يتوجب على الولايات المتحدة أن تكافئ به مثل هذا الازدراء؟ هل تكافئه بتجديد المساعدات العسكرية؟!.

ويكمن تفسير ذلك وفق معطيات «الجغرافيا السياسية». حكام الخليج في «حالة تأهب قصوى» مع اقتراب الولايات المتحدة من توقيع اتفاق نووي مع إيران حول برنامجها النووي. إنهم يريدون حماية مراكزهم بوصفهم شركاء استراتيجيين للغرب وللحفاظ على نفوذهم في الشرق الأوسط. كما أن صعود «الدولة الإسلامية» يشكل تهديدا قويا للأمن، ولذا تسعى الولايات المتحدة لتقديم الدعم العسكري. وتجدر الإشارة إلى أن استئناف عمليات نقل الأسلحة ليس فقط مرتبطا بالعلاقة الأمريكية بالبحرين بل بعلاقتها بالسعودية وهي في غاية الأهمية.

وتأتي هذه الاعتبارات الدبلوماسية على حساب التخلي عن المكانة الأخلاقية التي تتمتع بها الولايات المتحدة في البحرين. إنهاء تعليق المساعدات العسكرية يعتبر سوء استخدام لنفوذ الولايات المتحدة الكبير لإحداث تغيير إيجابي على حالة حقوق الإنسان في البحرين والخليج، والتي تدهورت منذ عام 2011. وبالنسبة للبحرينيين المتعطشين للديمقراطية فإن الخطوة الأمريكية تعتبر تراجعا.

لقد وعد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» بإجراء «محادثة صعبة» مع حكام الخليج عندما التقى بهم في مايو/أيار الماضي، فهل كان هذا ثمرة تلك المحادثة.

  كلمات مفتاحية

البحرين حقوق الإنسان رفع حظر السلاح الأمريكي نبيل رجب

رفع حظر السلاح الأمريكي عن البحرين يرتبط بـ«التغييرات الإقليمية» وليس بتحسن حالة حقوق الإنسان

واشنطن تقرر استئناف مساعداتها للجيش البحريني

إحالة 12 متهما بالإرهاب في البحرين للمحكمة الكبرى

بريطانيا تخطط لإنشاء قواعد عسكرية في الإمارات والبحرين وعُمان

بحرينيون يطالبون بإرجاع جنسية أبنائهم ويؤكدون: قرار السحب يخالف كل الأعراف القانونية

«الوفاق» تستنكر إعادة اعتقال «إبراهيم شريف» وتطالب بالإفراج الفوري عنه

حبس المعارض البحريني «إبراهيم شريف» بتهمة التحريض على تغيير نظام الدولة

«هيومن رايتس ووتش» تطالب البحرين بإطلاق سراح النشطاء الحقوقيين

البحرين توقف الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد .. وحقوقيون: «سحق للمعارضة»

«الاتحاد الأوروبي» يستنكر وقف صحيفة «الوسط» البحرينية

مصادر: اعتقال الناشط الحقوقي البحريني «ميثم السلمان»

البحرين تحيل المعارض السني «إبراهيم شريف» للمحاكمة مجددا

32 دولة تنتقد تعذيب السجناء في البحرين

الديمقراطية في غياب الدولة

الحبس عام للمعارض البحريني «إبراهيم شريف» بتهمة التحريض على كراهية النظام