كاتب مصري: 3 جهات حكومية وراء أزمة سد النهضة بينها المخابرات

الخميس 24 أكتوبر 2019 08:47 م

حمل الكاتب الصحفي المصري، رئيس تحرير صحيفة الأهرام الحكومية الأسبق؛ "عبدالعظيم حماد"، تهديد سد النهضة الإثيوبي لحصة بلاده من مياه نهر النيل إلى سوء تقدير وإدارة المسؤولين في 3 مؤسسات حكومية بينها جهاز المخابرات العامة.

وفي مقال نشره بموقع "مدى مصر"، الخميس، اعتبر "حماد" أنه تم استدراج هذه الجهات الثلاث المعنية بملف سد النهضة، إلى تدويل الملف والقبول بمبدأ "تسليع وتسعير" المياه، حسب تعبيره.

وذكر "حماد" أن وزير الري المصري الأسبق، "محمود أبو زيد"، قاد سلسلة من "التحولات الانقلابية" في سياسة مصر النيلية، بينها تأسيس مبادرة حوض النيل بين الدول الأعضاء، بناء على نصيحة من المؤسسات والأطراف الدولية عام 1998، بذريعة تنمية الحوض لصالح الدولة المصرية، وتبني استراتيجية الاعتماد المتبادل، من خلال مشروعات تعالج النهر والحوض معًا كوحدة واحدة.

وأكد الكاتب المصري أن مصر التزمت بالمبادرة دون تحقق أي من "الفوائد" المزعومة لها، مشيرا إلى أن مجرد دخول مصر بها شكل تحولا كاملا في سياستها المائية، إذ بموجب هذه المبادرة وافقت مصر لأول مرة في تاريخها على مبدأ إعادة توزيع مياه النيل بين دول الحوض، بعد أن كانت تتمسك بمبدأ الحق التاريخي في توزيع حصص المياه وفق الاتفاقيات الموقعة سابقا.

وبحسب المقال، فإن "أبو زيد"، أعلن في مؤتمر موسع أمام رئيس الجمهورية آنذاك (محمد حسني مبارك)، في فبراير/شباط عام 2000، أن إجمالي الموارد المائية في حوض النيل من الوفرة بحيث يكفي احتياجات جميع دوله، ويزيد عنها لعدة مئات من السنين.

وأضاف "أبوزيد" أن وزارة الري المصرية بصدد تعظيم الاستفادة من مواردها المائية الأخرى غير النيلية، كالأمطار والمياه الجوفية، و"هو ما لم يتحقق بعد نحو 20 عامًا كاملة، بينما استطاعت إثيوبيا بناء نحو 70% من سد النهضة الذى سيضر بحصة مصر من مياه الفيضان ضررًا جسيمًا"، وفق "حماد".

وفي السياق، اعتبر الكاتب المصري وزارة الخارجية إحدى الجهات المسؤولة عن أزمة السد الإثيوبي، مشيرا إلى أنها كانت ترجح، حتى وقت قريب جدًا، أن أديس أبابا غير قادرة على بناء سدود ضخمة تسبب ضررًا ملموسًا لمصر، بسبب "وعورة الهضبة الوسطى، وشدة انحدار  سفوحها، والضعف الشديد للاقتصاد الإثيوبى".

وأشار إلى أن الوزارة اعتبرت أن أكثر التقديرات تشاؤما لما يمكن أن تحجزه المشروعات الإثيوبية من مياه هو نسبة 6% سنويًا ولفترة محددة، وهو ما يمكن تعويضه دون خطر من بحيرة السد العالي، جنوبي مصر، الأمر الذي ثبت أنه ليس سوى "معلومات مغلوطة روجتها إثيوبيا حول مشروع لتوليد الكهرباء ذي سعة تخزينية محدودة".

المخابرات العامة المصرية هي ثالث الجهات المسؤولة عن أزمة سد النهضة، بحسب مقال "حماد"، الذي أكد أنه سمع مدير الجهاز الأسبق، اللواء "عمر سليمان"، في واشنطن (أغسطس/آب 2009)، مستبعدا إمكانية بناء سد كبير على النيل الأزرق، بزعم عدم توافر القدرات الفنية والاقتصادية لدى إثيوبيا.

وضرب "سليمان" مثلًا على ترجيحه بأن فيضان عام 2008 كان عاليًا، وأدت كميات الطمي الهائلة المصاحبة له إلى إغلاق مخرج إحدى البحيرات التي تصرف في النيل الأزرق، ما أدى إلى  تهديد جميع جزر البحيرة بالغرق، وكان لإحدى هذه الجزر أهمية دينية استثنائية حيث بنيت عليها أول كنيسة في التاريخ الإثيوبي، وعندما لم يستطع الإثيوبيون لا فنيًا ولا اقتصاديًا حل المشكلة، استغاثوا بمصر التي أرسلت المعدات وطهرت المخرج.

ونقل "حماد" أن "سليمان" علق على رواية فيضان المياه إلى النيل، ضاحكًا: "مانابنا إلا أن تكلفنا 12 مليون دولار لإنقاذ كنيستهم، فكيف نصدق أن هؤلاء سيبنون سدًا كبيرًا على النيل الأزرق؟".

وشدد رئيس تحرير الأهرام الأسبق على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تكن يومًا بعيدة عن كل التطورات في قضية المياه في الشرق الأوسط، وقضية مياه النيل تحديدا، والعلاقات المصرية الإثيوبية على وجه الخصوص، فقد شارك خبراؤها في دراسة مشروعات السدود في إثيوبيا منذ ستينيات القرن الماضي.

وأضاف أن تضاعف عدد سكان (إسرائيل) اليهود عدة مرات جعل من تأمين زيادة مطردة في مواردها المائية حاجة ملحة، مشيرا إلى أن دولة الاحتلال أدرجت في تقرير المخابرات المركزية الأمريكية لعام 1993 كمرشحة للدخول في حرب من أجل المياه.

واعتبر "حماد" أن العرض الذي قدمه الرئيس المصري الأسبق "أنور السادات" بتوصيل مياه النيل إلى (إسرائيل) في سياق مفاوضات اتفاقية السلام "كامب ديفيد"، لم يأتِ من فراغ كمبادرة منه لتسهيل عملية السلام، كما ادعى هو ذلك، بل جاء إعلانًا لخطة عرضها عليه الخبير الإسرائيلى "شاؤول أولوزروف" عام 1979.

وكان "أولوزوروف" يشغل وقتها منصب نائب مدير هيئة المياه الإسرائيلية، التي لا تقل أهميتها لدولة الاحتلال عن الجيش، والتي أسسها في عشرينيات القرن الماضي "ليفي أشكول"، الذي صار فيما بعد رئيس وزراء (إسرائيل) بعد "بن جوريون".

وأشار "حماد" إلى أن (إسرائيل) كلفت خبراءها عام 1996 بوضع خطة متكاملة فنيًا واقتصاديًا وسياسيًا للبدء في نقل 1% من مياه النيل سنويًا إليها.

وتابع: "بما أن سد النهضة الإثيوبي قد شرع في بنائه، وبما أنه سيحول بحيرته إلى  البنك المائي المأمول (لإثيوبيا)، وبما أن (إسرائيل) أحد أهم الأطراف الإقليمية والدولية تعاونًا مع إثيوبيا في المشروع منذ الخطة الأولى، فسوف تطلب وتحصل على نسبة أعلى كثيرًا من نسبة الـ 1% المقترحة قديمًا".

وكانت تقارير غربية قد أشارت إلى إمكانية حل مصر لأزمة سد النهضة الإثيوبي عبر بوابة (إسرائيل) مقابل حصول دولة الاحتلال على حصة من مياه النيل.

يذكر أن "حماد" أعلن توقفه عن كتابة مقاله الأسبوعي في صحيفة "الشروق" (مستقلة)؛ إثر تهديدات أمنية متكررة وصلت حد التهديد بعدم طبع العدد اليومي للصحيفة.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

سد النهضة الإثيوبي العلاقات المصرية الإثيوبية

عنتيبي وإعلان المبادئ.. هكذا نالت إثيوبيا حق بناء سد النهضة

وزير الأوقاف المصري: الأمطار ستكون بديلا لسد النهضة