عنتيبي وإعلان المبادئ.. هكذا نالت إثيوبيا حق بناء سد النهضة

الخميس 24 أكتوبر 2019 09:06 م

في مايو/أيار 2010، كانت القارة السمراء على موعد مع اتفاق جديد، يعيد تشكيل حصص المياه، بين دول حوض النيل من جانب، ويفتح بابا للصراع بين مصر وإثيوبيا على الجانب الآخر، بشأن سد النهضة.

إنها اتفاقية عنتيبي، التي تضم 13 بندا، أخطرها وأهمها بند "الانتفاع المنصف والمعقول بموارد مياه نهر النيل"، الذي أثار جدلا بين دول الحوض التي وقع بعضها، ورفض البعض الآخر.

ونالت الاتفاقية موافقة كل من إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا، بينما أصدرت كينيا بيان تأييد للاتفاقية دون التوقيع، وغاب مندوبو الكونغو الديمقراطية وبوروندي وإريتريا، ورفضتها مصر والسودان.

وبموجب القانون الدولي، من الممكن أن تدخل اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ في حال مصادقة ثلثي دول حوض النيل، أي 6 دول من أصل عشرة.

وشهد العام الجاري تحولا تاريخيا بإبرام مصالحة بين إثيوبيا وإريتريا، وتبادل لفتح السفارات، ما يعزز موقف أديس أبابا في قضية السد، ويؤزم موقف مصر، ورئيسها "عبدالفتاح السيسي"، الذي يسعى لوساطة دولية (أمريكية-روسية) لحلحلة الموقف الإثيوبي.

وتستمد مصر معظم مياهها العذبة من النيل، وتتوقع الأمم المتحدة أن البلاد، التي يعيش فيها حوالي 100 مليون نسمة، ستبدأ في معاناة نقص المياه بحلول عام 2025.

وهناك توقعات بحرمان مصر من 15 مليار متر مكعب سنويًا من حصتها في مياه نهر النيل حال انتهاء إثيوبيا من ملء خزان سد النهضة (74 مليار متر مكعب)، على مدار خمس سنوات.

اتفاق 1929

وتشكل اتفاقية "عنتيبي"، تجاوزا للاتفاق القائم، والذي تم توقيعه عام 1929 بين مصر وبريطانيا، وتمت مراجعته عام 1959، وينص على منح مصر حصة قدرها 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، بينما يبلغ نصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب سنويا، أي أن البلدين يحصلان على حوالي 87% من مياه النهر البالغة 84 مليار متر مكعب سنويا.

حتى عام 2014، كان سد النهضة مجرد مشروع لا حقيقة على أرض الواقع، حيث تظهر صور "جوجل إيرث" أن عملية صب الأساسات بدأت في يونيو/حزيران 2014، بالتزامن مع تنصيب "السيسي" رئيسا لمصر بعد أن قاد انقلابا عسكريا، على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر، منتصف 2013.

وانتهت طبقة أساسات السد في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2015، وما قبل ذلك كانت عمليات تحديد مكان السد وتجريف المنطقة استعدادا لبنائه.

وفي 23 أبريل/نيسان 2014، نجحت مصر في استصدار قرار بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والبنك الدولي، يقضي بوقف التمويل الأجنبي لسد النهضة (تكلفته 5 مليار دولار)، وكذلك وقف القروض التي كانت ستحصل عليها إثيوبيا والمخصصة لإقامة سدود أخرى على النيل الأزرق، من كل من الصين وإيطاليا وغيرها من الدول.

لكن يبدو أن قرار مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، بتعليق عضوية مصر في الاتحاد، بسبب الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل "محمد مرسي"، كان ورقة استخدمتها إثيوبيا لاحقًا في مساومة "السيسي"، للاعتراف بالسد في مقابل الاعتراف بشرعيته، وعودة مصر لعضوية الإتحاد.

إعلان التنازل

وجاء التطور الخطير في ملف السد، متمثلا في قيام "السيسي" بتوقيع اتفاق المبادئ المثير للجدل في مارس/آذار 2015 مع إثيوبيا والسودان، والذي بمقتضاه تنازل عن حصة مصر القانونية والتاريخية في مياه النيل.

الأخطر من ذلك أن "إعلان المبادئ"، أعطى شرعية لإثيوبيا لبناء السد، وفتح مجددا باب التمويل أمامها لاستكمال المشروع، وفي المقابل حرم مصر من اللجوء إلى الأمم المتحدة لوقف بناء السد إلا بموافقة إثيوبيا.

وتنص الاتفافية التي وقعها "السيسي" مع نظيره السوداني المخلوع "عمر البشير"، ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق "هايلي ماريام ديسالين"، على سماح الدول الثلاث ببناء السدود على نهر النيل لتوليد الكهرباء، وهو ما يعني اعترافا مصريا سودانيا بشرعية بناء سد النهضة.

كما نص الإعلان على أن "تقوم المكاتب الاستشارية بإعداد دراسة فنية عن سد النهضة في مدة لا تزيد على 11 شهرا، ويتم الاتفاق بعد انتهاء الدراسات على كيفية إنجاز سد النهضة وتشغيله من دون الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان".

منتصف عام 2018، خرج "السيسي" الذى التقى رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد "آبي أحمد"، على الهواء، داعيا إياه ليردد خلفه قسما بأنه لن يضر مصر والمصريين، مطالبا المصريين بالاطمئنان.

وخلال المؤتمر أقسم "آبي أحمد"، أمام "السيسي"، قائلاً: "والله لن نقوم بأي ضرر بمياه مصر"، فيما رد الرئيس المصري: "والله والله لن نضر بكم أبدا".

والشهر الجاري، استيقظ المصريون على إعلان من أديس أبابا بانتهاء حوالي 70% من أعمال بناء السد، في مقابل إعلان القاهرة رسميا فشل المفاوضات، تلا ذلك، استغاثة مصرية طلبا لتدخل وسيط دولي، وتصعيد إثيوبي بإعلان "آبي أحمد" أن بلاده لا تخشى الحرب، وأنها ستحشد الملايين للدفاع عن السد.

"عنتيبي" كانت البداية، عززها "السيسي" بمنح إثيوبيا شرعية لبناء السد عبر "إعلان المبادئ"، ووقتا إضافيا بـ"قسم على الهواء"، وأخيرا مصارحة المصريين بالواقع، وإعلان اللجوء إلى خطط لتدوير المياه، وتحلية مياه البحر، مع تحميلهم مسؤولية ذلك بخروجهم على نظام الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، في 25 يناير/كانون الثاني 2011. 
 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مفاوضات سد النهضة مشكلة سد النهضة سد النهضة الإثيوبي اتفاقية عنتيبي

إثيوبيا تتعهد بحشد الملايين لحماية سد النهضة

الأردن والعراق يدعمان مساعى مصر لحماية حقوقها المائية

شركة سعودية تفوز بتشغيل مشروع للطاقة في إثيوبيا

ما هي خيارات مصر بعد فشل مفاوضات سد النهضة؟

ديسالين يذكر السيسي بإعلان المبادئ 2015 لملء سد النهضة

نكاية بمصر والسودان.. إثيوبيا تدعو دول حوض النيل للتوقيع على اتفاقية عنتيبي