الأردن وسوريا.. عام على فتح الحدود لم يحقق الأمل المنشود

الجمعة 25 أكتوبر 2019 11:06 ص

عام بأكمله انقضى على إعادة فتح معبر "جابرـ نصيب" الحدودي، الرابط بين الأردن وسوريا، بعد إغلاق دام 3 سنوات، في خطوة رأى مراقبون أنها قد تمهد لتطبيع العلاقات بين البلدين.

الكثيرون علقوا آمالاً كبيرة على تلك الخطوة، متوقعين أن تعيد ألق التجارة البينية بين البلدين، وتسهم في عودة آلاف اللاجئين السوريين إلى ديارهم، ما من شأنه تخفيف وطأة المعاناة الاقتصادية التي عاشتها المملكة طوال الأزمة المستمرة بالجارة الشمالية.

فحذر التعامل بين البلدين الجارتين لم يحقق الهدف المنشود، رغم رفع عمان تمثيلها الدبلوماسي مع سوريا، كدليل على حسن النوايا، إلا أن "فوبيا" الاعتقالات التي تعرض لها بعض المواطنين الأردنيين من قبل النظام السوري، بعد إعادة فتح المعبر، خلق حالة من القلق لدى الجانب الأردني.

وفيما يلي، تستعرض الأناضول أبرز الخطوات والأحداث التي شهدها عام فتح الحدود بين البلدين:

أعيد فتح المعبر في ألـ 15 من أكتوبر/تشرين أول عام 2018، بعد أن تمكن النظام السوري من السيطرة عليه، بدعم من روسيا ومليشيات محسوبة على إيران، بعد معارك طاحنة مع فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على المنطقة لثلاث سنوات.

شهد اليوم الأول من فتح الحدود حركة محدودة في العبور للأفراد والسيارات من كلا البلدين.

وحددت اللجان الفنية الأردنية السورية عمل الحدود بكلا البلدين من الساعة الثامنة صباحًا (05:00 تغ)، وحتى الرابعة مساءً (13:00 تغ).

أعاد الأردن خلال عام فتح الحدود تأكيده المستمر على إنهاء الأزمة السورية سياسياً، واعتبر أن قمة اسطنبول الرباعية (تركيا وفرنسا وألمانيا وروسيا)، المنعقدة في أكتوبر/ تشرين أول 2018، "تنسجم مع مطلب المملكة بإنهاء الأزمة السورية سياسياً"، في خطوة تظهر حسن نواياها تجاه جارته الشمالية رغم تشكيك الأخيرة.

وفي نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، زار وفد نيابي أردني "غير رسمي" سوريا، التقى خلالها رئيس النظام "بشار الأسد" وعددا من مسؤوليه، إلا أن مصدرا نيابيا أكد حينها للأناضول بأن الوفد لا يمثل مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، وإنما يمثل النواب أنفسهم وهي مبادرة شخصية.

وفي الشهر ذاته، أفادت مواقع إخبارية أردنية أن وزير النقل "وليد المصري" وجه دعوة إلى نظيره بالنظام السوري "علي حمود" لزيارة عمان، وفق كتاب رسمي جرى تناقله، أظهر بأن الغرض من الدعوة هو "عقد اجتماع الجمعية العمومية للشركة الأردنية السورية للنقل البري"، دون صدور أي تأكيد رسمي بشأن الدعوة.

وبعد 50 يوماً من إعادة فتح الحدود، وتحديداً في الرابع من ديسمبر/كانون أول الماضي، أعلن مسؤول بوزارة الداخلية الأردنية أن 28 ألف سوري غادروا المملكة، في وقت أشارت فيه مفوضية شؤون اللاجئين أن استطلاعات الرأي التي أجرتها تشير إلى عزم 8 بالمئة من اللاجئين السوريين بالأردن العودة إلى بلادهم العام الجاري.‎

عاهل الأردن الملك "عبد الله الثاني"، قال في إحدى لقاءاته بعدد من الصحفيين في 23 ديسمبر/كانون أول الماضي، إن "الأمور في سوريا تتحسن ونتمنى لسوريا كل الخير.. إن شاء الله الشغل سيرجع كما كان من قبل.."، في إشارة على ما يبدو إلى عوده العلاقات التجارية إلى ما كانت عليه سابقاً.

أما "بحارة" الأردن، وفق التسمية المحلية لسائقي سيارات الأجرة العاملة على خط سوريا، فأعربوا عن تطلّعهم لانتعاشة تخرجهم من ضنك الحال الذي مروا به خلال فترة إغلاق الحدود.

وأواخر يناير/ كانون الثاني 2019، أعلن الأردن رفع مستوى تمثيله الدبلوماسي في سوريا إلى درجة قائم بالأعمال بالإنابة، قبل أن تقتصر على موظفين إداريين فقط.

وفي 30 من الشهر نفسه، بحث الأردن و"الصليب الأحمر" عودة السوريين لبلادهم، في لقاء جمع رئيس المنظمة الدولية "بيتر ماور" بوزير خارجية المملكة "أيمن الصفدي"، شدد خلاله الأخير أن "بلاده تشجع العودة الطوعية للاجئين، وتدعو المجتمع الدولي إلى "تفعيل الجهود الدولية للتوصل لحل سياسي للأزمة يتيح عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم".

حاجز الخوف

غير أن فتح الحدود بين البلدين لم يكسر حواجز الخوف لدى لاجئي سوريا في الأردن، فقد أظهرت لقاءات ميدانية للأناضول عزوفا لديهم عن العودة إلى بلادهم جراء الوضع الأمني، وتهدم البيوت ونقص المؤن، إضافة لمسألة التجنيد الإجباري والخدمة الاحتياطية في جيش النظام.

ومطلع مارس/ أذار الماضي، شارك رئيس مجلس الشعب السوري "حمودة صباغ"، في أعمال المؤتمر البرلماني العربي، للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011، تلبية لدعوة رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، في خطوة اعتبرها البعض رداً على رفع الأردن تمثيله الدبلوماسي مع سوريا.

وفي الشهر نفسه، قالت المفوضية السامية لشؤون للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، إن لاجئي سوريا بالأردن يتخوفون من العودة إلى بلادهم؛ نتيجة تردي الأوضاع الأمنية فيها.

وشكل شهر مارس/آذار الماضي بمثابة انعطافة في علاقات البلدين حالت دون اكتمال أركان إعادة التطبيع، فقد شهدت الأخبار ازدياداً عن حالات اعتقال لعدد من الأردنيين في سوريا، حيث استدعت عمان القائم بأعمال نظام السوري لديها وطالبت بالإفراج عن أحد مواطنيها.

وحذر الملحق التجاري لدى السفارة الأمريكية بعمان، خلال اجتماعه بعدد من التجار الأردنيين من "توجيه تجارتهم نحو سوريا، والالتفات نحو العراق"، ليرد عليه 20 عضوا في مجلس النواب الأردني، بمذكرة استهجان، اعتبرت حديثه تدخلا سافرا وتعد على السيادة الأردنية.

وقررت هيئة الطيران المدني الأردنية إعادة السماح لمشغلي الطيران في البلاد باستخدام الأجواء السورية، بعد تعليق استمر نحو 7 سنوات.

وفي الثامن من إبريل/ نيسان الماضي، أعلن الأردن إفراج سلطات النظام السوري عن 8 أردنيين من بين 30، بعد أن جرى استدعاء القائم بأعمال النظام السوري لدى المملكة 4 مرات لذات السبب.

وزاد قلق الأردنيين من السفر إلى سوريا، وبدأت الحركة التجارية تتراجع، خاصة بعد حادثة اختطاف أردنيين اثنين مقابل فدية مالية، في شهر مايو/ أيار، أفرج عنهما بعد يومين فقط، رغم ما شهدته تلك الحادثة من تشكيك شعبي في صحتها.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أعلن الأردن في الشهر نفسه، متابعته مع النظام السوري مصير مواطن وزوجته، انقطع الاتصال معهما أثناء زيارة قاما بها إلى سوريا، ليعلن عودتهما إلى بلادهما لاحقاً.

أما أغسطس/ آب الماضي، فكان شهرا فارقاً في العلاقات الأردنية السورية، فقد تحول خطأ إخباري لتلفزيون "المملكة" الحكومي إلى ساحة سجال بين سفير سوريا "المطرود" بهجت سليمان، وبرلمانيون أردنيون، بعد أن هاجم الأول المملكة، ووصفها بـ"الهشيمية".

وأواخر أغسطس/آب، شهدت مدينة الرمثا شمالي البلاد احتجاجات واسعة على خلفية قرار حكومي حدد كميات السجائر المسموح بدخولها للبلاد، استخدمت خلالها قوات الأمن الأردني الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين وتوقيف عدد منهم، قبل حل الإشكال مؤقتاً في وقت لاحق.

وفي 24 من ذات الشهر، أعلن الأردن إطلاق سراح مواطن احتجزه مجهولون في سوريا وانقطع الاتصال به في الـ12 من الشهر ذاته، وقالت الخارجية الأردنية حينها بأن إطلاق سراحه كان بجهود مشتركة من القوات المسلحة والأجهزة المختصة.

وفي آخر ما شهده المعبر، فقد أعلنت الحكومة الأردنية أمس الخميس بأن "الحركة على المعبر الحدودي الاردني السوري طبيعية، وأن حركة العبور على معبر جابر الحدودي بين الاردن وسورية عادت الى طبيعتها، بعد إغلاق مؤقت من الجانب السوري استمر لساعات، نتيجة الأوضاع في الجانب السوري، بسبب مساعي ضبط التهريب، وبهدف حماية المغادرين".

ويرى مراقبون أن فتح الحدود لم يجد نفعاً على المستوى الاقتصادي، فقد باتت البضائع المسموح بنقلها والمتوفرة للأردنيين في سوريا عاجزة عن تحقيق العائد المالي المنتظر، في ظل ظروف اقتصادية صعبة تشهدها البلاد.

واختار الأردن منذ بداية الأزمة في جارته الشمالية الحياد في مواقفه "المعلنة" إزاء ما يجري، مُطالباً في كل المحافل الدولية بحلّ سياسي يضمن أمن سوريا واستقرارها.

إلا نظام "بشار الأسد" تمسك بـ"نغمة التشكيك" الدائم والاتهامات المستمرة لعمان، بدعمها لـ"العصابات الإرهابية" بسوريا، وهو ما نفاه الأردن جملة وتفصيلا.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الحدود الأردنية السورية الحدود السورية الأردنية

رسميا.. افتتاح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن

إعادة فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن

الحياة تعود إلى خط "عمان-دمشق" بعد سنوات من الحرب

رئيس النواب الأردني يتحدث عن علاقة المملكة بسوريا.. ماذا قال؟