«ميدل إيست بريفينج»: جيوش النفط وحروب الأسعار

الاثنين 13 يوليو 2015 12:07 م

في غضون بضعة أشهر، سوف تعود صادرات النفط الخام المستخرجة من الحقول الإيرانية إلى السوق الدولي بشكل كامل، وفي الوقت الذي يزيد فيه العراق صادراته بشكل مطرد هو الآخر، وبالنظر إلى العلاقات السياسية القوية بين بغداد وطهران، يجب على المنتجين في الخليج العربي أن يتوقعوا صعود تحالف جديد في أنابيب التصدير الإقليمية المتزاحمة بطبيعة الحال. وهذا التحالف لا يؤدي إلا إلى زيادة التخمة القائمة. ومن المحتمل أن تكون سببا في تعديل التوازن داخل منظمة أوبك. المساحة بين الحسابات الاستراتيجية والسياسية من جهة، وصادرات النفط من جهة أخرى، قد تصبح تدريجيا أضيق.

سيكون طريقا وعرا لمنظمة «أوبك». فمن الناحية النظرية، تم تصميم المنظمة لفصل الاعتبارات السياسية عن سياسات الإنتاج والتسعير. ومع ذلك، فإنه في واقع الحياة، لم يكن من السهل القيام بذلك. لأن ذلك يقوم على معادلة من المفترض أنها تخدم المصالح «المشتركة» لجميع الأعضاء. لكن الإيرانيين، على سبيل المثال، لا ينظرون إلى الزيادة السعودية الأخيرة في الإنتاج باعتبارها شيء «شائع» بأي شكل من الأشكال. فبعد أن هوت الأسعار، لم يفكروا في ذلك الأمر إلا من زاوية واحدة ألا وهي أن المملكة تعلن الحرب. كما اعتبرت عائدات النفط المتقلصة في إيران كأداة ضغط من «الولايات المتحدة وحلفائها» لإجبار طهران على الخضوع لاتفاق نووي غير عادل. وجاءت هذه الإيرادات المنخفضة في لحظة حرجة بالنسبة للاقتصاد في طهران. والآن، في الوقت الذي تطرح فيه مسألة رفع العقوبات ضمن البطاقات في اللعبة، ومع زيادة كبيرة في الإنتاج والاستخراج في العراق، فسيكون هناك وقت لطهران للتنسيق مع حلفائها العراقيين كوسيلة للرد على السعوديين مجددا ومحاسبتهم على ما فعلوه.

وقال نائب وزير النفط الايراني للتخطيط والإشراف، «منصور معظمي»، في مقابلة أجريت معه مؤخرا أنه بعد وقت قصير من رفع العقوبات عن صادرات بلاده النفطية فسوف تصل إلى 2.3 مليون برميل يوميا، مقارنة مع حوالي 1.2 مليون برميل يوميا في الوقت الحالي. وشبه وضع بلاده المرتقب حاليا بالقول: «إننا مثل طيار على المدرج على استعداد للإقلاع»، مردفا: «إيران بأكملها في الوقت الراهن مثل ذلك».

وارتفع إنتاج أوبك بمعدل 744 ألف برميل محققا بذلك 32.134 مليون برميل يوميا في يونيو/حزيران الماضي. وارتفع الإنتاج العراقي 567 ألف برميل يوميا محققا مستوى قياسي 4.388 مليون برميل خلال نفس الشهر. ويعد العراق ثاني أكبر منتج في أوبك، وكان مسؤولا عن أكثر من نصف إجمالي الزيادة في إنتاج المنظمة.

ورفعت المملكة العربية السعودية إنتاجها بمقدار 150 ألف برميل يوميا محققة 10.45 مليون برميل في يونيو/حزيران. أما إجمالي الإنتاج الإيراني، حتى قبل رفع العقوبات، فقد ارتفع بمقدار 50 ألف برميل يوميا محققا 2.85 مليون برميل في الشهر نفسه، ما وضع الإنتاج على أعلى مستوى منذ مارس/أذار 2014. وتشير التقديرات إلى أن إيران يمكنها مضاعفة الصادرات من مستوياتها الحالية خلال ستة أشهر من رفع العقوبات. وبالفعل، هناك ما لا يقل عن مليون برميل يوميا في السوق الدولي فوق استهلاكه الفعلي.

وربما، نتيجة لما سبق، نتجه إلى مليون برميل إضافي يومي من إيران والعراق في مطلع العام المقبل ليزداد المعروض تخمة على تخمته. وهذا يعني انهيار مؤكد في الأسعار. وليس بالضرورة أن تكون تلك أنباء طيبة بالنسبة للاقتصادات الصناعية. ويمهد ذلك الطريق لأزمة نفط قادمة، لأنه يؤدي إلى إغلاق عدد لا يحصى من الآبار في جميع أنحاء العالم.

ويقول السعوديون إنهم استهدفوا زيادة إنتاجهم لإخراج الصخر الزيتي الأمريكي من المنافسة. والهدف بالفعل تم تحقيقه بصورة أو بأخرى وبمستوى ما. وهل سيكون من الممكن بعد ذلك التوصل إلى اتفاق لاستعادة النظام داخل أوبك؟

وفي عام 2015، بقيت الأسعار المقدمة منخفضة كما نرى الآن، فقد أعطت أوبك المستهلكين العالميين حوالي 500 مليار دولار أمريكي. ولنقل أن 500 مليار دولار من جيوب دول مثل نيجيريا والجزائر ودول مجلس التعاون الخليجي وإيران إلى المستهلكين هو في الواقع خطأ. فمن الحكمة استدعاء سياسات حاولت في السابق تنسيق الأسعار ومستويات العرض داخل المنظمة كما هو الحال مع المنتجين الرئيسيين خارج أوبك. وتلك خسائر ضخمة متعمدة ذاتيا إلى حد ما.

وفي حين أن المواجهة تقترب بين الإنتاج الإيراني- العراقي وبقية أوبك، فإن هذا يهدد بتأثير كارثي على الأسعار، فإنه قد يكون كذلك فرصة للحوار بين طهران والرياض. السعوديون بحاجة إلى 100 دولار للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانياتهم بينما يحتاج الايرانيون إلى متوسط سعر 130 دولارا للبرميل لتحذو حذوها. ويجب أن يبدي الروس مرونة للاستماع، في الوقت الذي يكلفهم فيه كل دولار واحد تراجعا في سعر النفط حوالي مليوني دولار أمريكي. وسوف تتعاون شركات النفط العالمية مع أي مستوى معقول من الأسعار التي وضعها المنتجون الرئيسيون.

وتشير القضية برمتها، مجددا، إلى ضرورة إجراء حوار إقليمي عام بين اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط. إذا كانت سياسات إنتاج أوبك لتمثيل الأرضية المناسبة للحوار بحكم الضرورة الملحة لهذه القضية، فإن هناك آمال معقودة على إمكانية تطور الأمور في نطاقها، فعدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الأهداف الاستراتيجية والسياسات النفطية ليست سوى تشوش واضطراب وتيه في غمامة إقليمية حالية.

ومع ذلك، فإن الزيادة في إنتاج منتجي الشرق الأوسط يأتي بمثابة حقيقة مدهشة في منطقة تنفجر هنا وهناك. ولجأت الحكومات الإقليمية إلى تشكيل جيوش صغيرة بمهمة واحدة تتمثل في حماية حقول النفط والمنشآت.

وقال وزير النفط العراقي مؤخرا إن بلاده خصصت 27 ألف رجل كجيش قوي لحماية منشآتها النفطية. تلك «الجيوش النفطية» الصغيرة لديها هيكل قيادة منفصل وقدرات منفصلة عن الجيش الوطني. ويعتقد أن مقر قيادة جيش النفط الجديد سوف تكون في البصرة. ولقد كانت تلك القوة شبه المستقلة سببا في إزعاج العديد في العراق.

وقال «سلام الزوبعي الدواري»، أحد القادة المحليين للمليشيات الشيعية التابعة للحشد الشعبي في البصرة، إن قواته رصدت طائرات بدون طيار تحلق فوق المحافظة بأكملها بانتظام في الآونة الأخيرة، «اكتشفنا طائرات بدون طيار تابعة لشركات النفط تحلق خارج مناطق عملياتهم. قوة شركات النفط هي في الواقع كبيرة جدا، لديهم الآلاف من العربات المدرعة وقوة لنيران كبيرة. نحن بحاجة إلى تنظيم مهامها في البيئة الحالية في العراق».

وهناك سبب واضح لماذا تم تشكيل هذا الجيش. ومع ذلك؛ فإن وجودا واضحا لشركات الأمن الأجنبية للتعامل مع هذا العمل قد لا يكون القرار الأكثر تعقلا في هذا الصدد. وفي حالة ليبيا، على سبيل المثال، تم رفض الفكرة نفسها مرتين في عام 2013 ومرة أخرى في عام 2014. صحيح أن بعض الشركات تقوم باستئجار شركات أمنية لضمان سلامة موظفيها وعملياتها حتى في ليبيا، ولكن لزيادة هذه المشاركة إلى مستوى تشكيل جيش خاص هو اقتراح محفوف بالمخاطر. وسوف يثير ذلك تساؤلات، وينبغي أن ينظر إليه باعتباره تعديا على سيادة بلد معين.

  كلمات مفتاحية

النفط أوبك السعودية العراق إيران

أهلا بك في زمن حرب أسعار النفط

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

السعودية تشن حرب أسعار ”غير مُقنِعة“ على النفط الصخري الأمريكي في اجتماع «أوبك»

السعودية وإيران: حرب أسعار النفط إذ تشتعل

انخفاض أسعار النفط وتوقعات ببقاء إنتاج السعودية مرتفعا في الصيف

ليست مجرد «نظرية مؤامرة»: النفط هو المحرك الرئيسي للغرب في الشرق الأوسط

«بزنس إنسايدر»: حرب أسعار النفط ترتد بنتائج عكسية في السعودية