أهلا بك في زمن حرب أسعار النفط

الأحد 14 ديسمبر 2014 01:12 ص

حقيقة أن المملكة العربية السعودية تنتج ما يقرب من 10 ملايين برميل من النفط يوميًا ليست هي السبب الوحيد وراء وصفها بأنها «البنك المركزي للنفط» في العالم.

لقد اكتسبت المملكة الصحراوية تلك التسمية نظرًا لاستخدامها هذا الإنتاج الضخم لتصبح صاحبة التأثير الوحيد والقوي على سوق النفط لعشرات السنوات. واستخدمت في الآونة الأخيرة قبضتها الحديدية للمساعدة في الحفاظ على المتوسط السنوي لسعر خام برنت قريبًا من 110 دولار أمريكي لكل سنة من السنوات الثلاث الماضية.

ومع هبوط أسعار النفط في الآونة الأخيرة، كان من المنطقي عندئذٍ أن نتخيل إصدار المملكة العربية السعودية لرد فعلٍ تجاه تلك الهزيمة القوية يتمثل في تشجيع زملائها أعضاء «أوبك» على خفض الانتاج في اجتماعها الذي عُقد أواخر الشهر الماضي.

لكن هذا لم يحدث. فقرار منظمة «أوبك» بالإبقاء على الانتاج المستهدف دون تغيير دفع أسعار النفط لمزيد من التراجع، وهبط «برنت» إلى أدنى مستوياته في خمس سنوات مسجًلاً 66.84 دولار للبرميل، وأغلق «غرب تكساس الوسيط» عند 63.05 دولار يوم الاثنين الماضي. لكن الآثار طويلة الأمد للقرار قد تكون أكثر أهمية من تلك التي على المدى القصير. ومن المحتمل جدًا أن المنظمة قررت التخلي عن دورها منذ فترة طويلة كــ «منتج مرجح» قادر على توجيه مسار السوق كما يقول «جان ستيوارت» محلل النفط في «كريدي سويس».

وإذا كانت تقوم بذلك فعلاً فذاك معناه أنها تُسلم تلك المسئولية بالفعل للموردين من خارج «أوبك» مثل الولايات المتحدة وروسيا وكندا. وسوف يلعب منتجو الصخر الزيتي في الولايات المتحدة دورًا هامًا في تحديد الأسعار - كما يقول ستيوارت - لأن إنتاجهم ينمو بسرعة لدرجة أنهم ساعدوا الولايات المتحدة لتتجاوز المملكة العربية السعودية أكبر منتج للنفط في العالم هذا العام.

ومن الصعب التنبؤ تحديدًا كيف سيلعب الصخر الزيتي الأمريكي هذا الدور، خاصة وأن تلك الصناعة تتكون من مئات شركات النفط المستقلة التي لا ترقى إلى مستوى اتحاد صغير من دول يتيح اتخاذ قرارات جماعية. ويقول «ستيورات»: «سيكون الأمر أشبه بفوضى ووجود حالة من عدم التكافيء، وسوف يستغرق بعض الوقت».

وسوف تكون شركات الصخر الزيتي الأمريكية مترددة بكل تأكيد في تعليق مشاريع جديدة أو خفض الانتاج على الفور، خاصة وأن الكثير منها يستخدم فترات الازدهار وقد أعطوا وُعودًا للمساهمين بتسريع وتيرة النمو بالفعل. ولكنها في نهاية المطاف سوف تلجأ مضطرة إلى تقديرات «كريدي سويس» التي تقول بأن سعر خام «غرب تكساس الوسيط» ينبغي أن يكون نحو 75 دولار للبرميل للحفاظ على تمويل تلك الصناعة لاستمرار عمل حقول الصخر الزيتي. وفي الوقت ذاته فإن الإمدادات لن تتوقف نهائيًا بسرعة.

ويعني تجميد تلك الصناعة أن الجميع متساوون في نهاية المطاف، والحاجة إلى بناء مخزون في الربع الأول من المرجح أن يحافظ على أسعار «خام غرب تكساس الوسيط» بمعدل 62 دولارا للبرميل في الربع الأول بحسب ما قاله بنك «كريدي سويس». وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض الشركات تقليص النمو، فإن خام «غرب تكساس الوسيط» ينبغي أن يعود إلى 70 دولار للبرميل بحلول الربع الثاني. وما يحفظ النعمة للمنتجين في الولايات المتحدة – على حد قول ستيوارت – هو أنه سيكون هناك خلل كبير في المعروض العالمي أو الانتعاش في الطلب. فيما يتعلق بخلل في المعروض العالمي فليس هو الشيء الذي يعتمد عليه فريق إدارة المخاطر، أما انتعاش الطلب فهو أمر مشكوك فيه نظرًا لتباطؤ النمو في الصين واليابان وأوروبا.

لا أحد يرغب أن يصبح منتجًا مُرجحًا في أوقات التراجع. إذا سجلت معدلات خام «غرب تكساس الوسيط»70 دولارا للبرميل في عام 2015، فإن التدفق النقدي لمنتجي الصخر الزيتي الأمريكي سينخفض بنسبة 20% العام المقبل، كما ستنخفض النفقات الرأسمالية بنسبة 18% وفقًا لبيانات بنك «كريدي سويس». والنتيجة المحتملة – من وجهة نظر ستيوارت - أن إنتاج الصخر الزيتي الأمريكي سوف ينمو فقط بحوالي 400 ألف برميل يوميًا خلال العام المقبل مقارنة بزيادة متوقعة هذا العام بمقدار 1.1 مليون برميل. وسوف تكون بعض الشركات في تشكيل «باكن داكوتا الشمالية» أكثر عرضة للتأثر بصورة خاصة لأن المناطق التي تم اختيارها في تشكيل «إيجل فورد» أو حوض «بريميان» تميل إلى أداء أفضل.

يرى الجميع أن نهاية الصخر الزيتي في الولايات المتحدة ليست وشيكة. وستجبر أسعار النفط المستمرة في الانخفاض بالتأكيد الصناعة على إبطاء وتيرتها. وبالنسبة لمشاريع الحفر الجديدة فسيتم تعليقها ما يدفع نحو تسريح العمال، ويرى «ستيوارت» أن إجمالي التدفقات النقدية سيتراجع من 170 مليار دولار سنويًا إلى 140 مليار دولار. ولكن هذه الشركات التي تمتلك ميزانيات قوية ينبغي أن تكون قادرة على الصمود في وجه الضغوط المتوقعة في القريب. ويعلق ستيورات: «هذه ليست الصناعة التي تدخل في أزمة من مجرد موقف ضعيف وإنما بسبب موقف قوي. أنت لا تستطيع أن تقتل صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة».

المصدر | جينز إريك جولد، بيزنس إنسايدر

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط النفط الصخري حرب أسعار النفط النفط

طفرة الصخر الزيتي الأمريكي تقلص توقعات الطلب على نفط «أوبك»

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

مخزون الخام الأمريكي يرتفع 1.5 مليون برميل الأسبوع الماضي بخلاف المتوقع

السعودية تشعل الحرب ضد النفط الصخري بـ«خفض الأسعار» بعد رفضها حفض الإنتاج

السعودية تشن حرب أسعار ”غير مُقنِعة“ على النفط الصخري الأمريكي في اجتماع «أوبك»

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

هل تصبح أمريكا "شرقا أوسطا جديدا" كأكبر منتج للطاقة في العالم؟

محلل إسرائيلي: «ربيع النفط» سيضع نهاية لنفوذ دول الخليج بعد انهيار الأسعار

«واشنطن بوست»: هل تدفع هزة النفط الأخيرة السعودية إلى تنويع اقتصادها؟

«أوبل برايس»: مراحل تطور استخدام «سلاح النفط»

«ميدل إيست بريفينج»: جيوش النفط وحروب الأسعار

الاستراتيجية السعودية في حرب أسعار النفط

حرب أسعار النفط: المملكة العربية السعودية تربح .. ولكنها تتألم أيضا