«واشنطن بوست»: هل تدفع هزة النفط الأخيرة السعودية إلى تنويع اقتصادها؟

الاثنين 9 فبراير 2015 03:02 ص

قاد «أحمد آل غيث» سيارته «دودج دورانجو» إلى محطة وقود في وسط العاصمة السعودية الرياض ثم طلب من الشخص الذي يعمل بالمحطة ملأ خزانها بالوقود. وفي بلد  يُباع فيها جالون البنزين بــ 45 سنتاً فإن تعبئة سيارته بالوقود يكلفه 12 دولاراً فقط.

ومع تراجع أسعار النفط العالمية، فإنك ربما تعتقد أن الناس في المملكة العربية السعودية التي إذا ذُكر اسمها ذُكر النفط والعكس صحيح – حيث يأتي 90% من إيرادات الحكومة من حفر آبار في رمالها تدرّ عليها عليها دخلاً كبيرًا - سوف يفقدون هدوءهم .

ولكن في محطة وقود مزدحمة وسط المدينة قبل يوم واحد لم تكن هناك ذرة من القلق أو الضيق بين السائقين الذين يقودون سيارات مثل أوديس وكاديلاك ومرسيدس بينز وغيرها من التوقف في محطات البنزين في بلد تدعم فيه الحكومة البنزين، ما جعله رخيصًا مثل الماء.

وعن تراجع أسعار النفط قال غيث - (49 عاما) الذي يعمل في محل لبيع الكتب وينفق حوالي 40 دولارًا في الشهر لتزويد سيارته الأمريكية بالبنزين «شخصيًا، الأمر لا يؤثر عليّ في شيء»، مُضيفًا «قد يؤثر على الحكومة في المستقبل، ربما يضطرون في المستقبل لخفض المشاريع الكبيرة. أما بالنسبة لي فلا مشكلة على الإطلاق».

وفي المملكة العربية السعودية؛ فإن الاستجابة العامة لانخفاض أسعار النفط العالمية إلى النصف - من أكثر من 100 دولار للبرميل منذ ستة أشهر إلى حوالي 50 دولارًا الآن – هي حالة من اللامبالاة إن جاز التعبير.

هل تتذكر عمليات تزويد السيارة بالوقود في الولايات المتحدة بتكلفة 60 دولاراً نظرًا لبيع جالون البنزين قريبًا من 4 دولارات على مدى السنوات القليلة الماضية؟ وفي الوقت الذي تتأثر فيه حافظة نقودك، فإن المواطنين في المملكة العربية السعودية في مأمن من ذلك كله. وتنام المملكة العربية السعودية على أكثر من 750 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية، والتي تكفيها لعدم إطفاء الأضواء بالإضافة إلى درء الذعر بعيدًا عن أسواق النفط.

«الحكومة لديها مصدات تقيها مخاطر انخفاض أسعار النفط» بحسب «طارق السديري» - الرئيس التنفيذي لشركة «جدوى» للاستثمار - البنك الاستثماري الخاص في العاصمة الرياض. «والسؤال هو إلى متى ستستمر هذه الفترة من انخفاض أسعار النفط، وهل سيطول أمد هذا التراجع بما يكفي لإجبار الحكومة على اتخاذ قرارات صعبة؟».

وقال «السديري» ومحللون آخرون إن تلك القرارات الصعبة تتطلب أساسًا برنامجاً حكوميًا هائلاً من مشاريع البنية التحتية. في عهد الملك «عبد الله بن عبدالعزيز» - الذي تُوفي الشهر الماضي – أنفق السعوديون مليارات الريالات على الطرق والسكك الحديدية والجامعات والمستشفيات والمطارات والموانئ والإسكان والمدن الجديدة وغيرها من المشاريع التي يتم تمويلها بالكامل من خلال عائدات النفط.

وتشهد العاصمة الرياض في هذه الأيام حالة من التكدس المروري السيئ جرّاء بناء أول مترو أنفاق في المدينة التي أغلقت العديد من الشوارع الرئيسية. ويجري العمل على قدم وساق في المشروع الضخم المترامي الأطراف؛ حيث يقوم  آلاف المتعاقدين بالعمل خلف وتحت الحواجز الحمراء والبيضاء التي ظهرت في كل مكان.

وقال مسؤولون في بنك «جدوى» إن الحكومة تزيد الإنفاق الرأسمالي بمُعدل 25% سنويًا في السنوات الأخيرة. وتعتقد الحكومة أن بإمكانها المضي قُدمًا لسبع أو ثماني سنوات دون تقليص خططها؛ وذلك باستخدام الاحتياطيات الضخمة التي بكل بساطة تساوي 100% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتغطية العجز في الميزانية. وأعلنت الشركة أيضًا أن الحكومة لديها ديون مُنخفضة للغاية، ويمكنها أن تقترض إذا اختارت أن تفعل.

وبحسب «السُديري» فإنه على الأرجح أن تقوم الحكومة عن كثب بمراقبة أسعار النفط لنحو 18 شهرًا، وإعادة النظر في الاستراتيجية إذا لم تنتعش الأسعار.

وقال «السديري» إن الاحتياطيات النقدية للحكومة تُغطي على مُشكلة جوهرية بالغة؛ فعلى الرغم من أن السعوديين عملوا على تنويع اقتصاد بلادهم في السنوات الأخيرة، إلا إنهم لا يزالون أكثر اعتمادًا بشكل كبير على النفط. وحتى الصناعة المُزدهرة؛ خاصة في مجالات مثل النقل والبناء تعتمد بشكل كبير على الإنفاق الحكومي الذي يأتي في الأساس وبشكل حصري من النفط.

وقال «علينا أن ننزعج عندما يرتفع النفط إلى 100 دولار للبرميل» بحسب «فهد محمد التركي» الخبير الاقتصادي البارز في شركة «جدوى»، والذي أردف: «هذه حبوب منوّمة جعلتنا بمنأى عن القلق بشأن المشاكل على المدى الطويل. هل سنذهب لكسر اعتمادنا على النفط باعتباره المصدر الرئيسي للدخل؟».

وكتب «عبدالرحمن الراشد» - مدير قناة العربية السابق- مُؤخرًا أن انخفاض أسعار النفط يمكن أن يكون بمثابة الهزة التي يحتاج إليها المسؤولون السعوديون ليحوّلوا تركيزهم إلى تنويع الاقتصاد؛ حيث ما زال معظم السعوديين يعملون في وظائف حكومية.

«ما قيمة المال إذا لم يتم إنفاقه على بناء مجتمع قادر على الوقوف على قدميه غدًا بدون نفط أو مع عائدات نفط صغيرة؟» هكذا كتب «الراشد» في صحيفة الشرق الاوسط التي تتخذ من لندن مقرًا لها.

ولاحظ الاقتصاديون أيضًا أنه إذا كانت الحكومة قلقة حقًا بشأن أسعار النفط، فإنه يمكن أن تستخدم نفوذها لرفعها مُجددًا. وقاومت المملكة العربية السعودية - أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للذهب الأسود (أوبك) والتي توفر حوالي 40% من النفط في العالم دعوات خفض الإنتاج التي يعلّق عليها كثيرون الآمال لدفع أسعار النفط للارتفاع.

المصدر | واشنطن بوست – كيفين سولفان

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط السعودية أوبك

«التليجراف»: الملك «سلمان» يقيد يد «النعيمي» في «النفط» بتعيين نجله نائبا له

«فورين أفيرز» : لعبة النفط الخطرة .. لماذا تصر السعودية على خفض الأسعار؟

العساف: السعودية ستتحمل تراجع سعر النفط ولا حاجة لصندوق سيادي

العساف: السعودية ستواصل في 2015 سياسة مالية عكس الدورات الاقتصادية رغم التحديات العالمية

أهلا بك في زمن حرب أسعار النفط

وول ستريت جورنال: أسواق الخليج تتعرض لهزة عنيفة بسبب تراجع أسعار النفط

التهريب والسوق السوداء وضعف الرقابة يهددون منظومة رفاهية الوقود في السعودية

«بلومبيرج»: دول الخليج أضاعت فرصة ذهبية لإنهاء اعتمادها على النفط

«فاينانشيال تايمز»: تحقيق الازدهار في السعودية يتطلب ”الحفر أعمق من النفط“

«هافينجتون بوست»: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد الشرق الأوسط بالفعل؟

تقييم الملكيات الخليجية (1): كيف بنى الخليجيون ثروتهم؟

شركة استشارية عالمية تنصح السعودية بالإسراع في إجراء إصلاحات اقتصادية

«بروكنغز»: التداعيات السياسية للتحول الاقتصادي في السعودية وإيران