«فاينانشيال تايمز»: تحقيق الازدهار في السعودية يتطلب ”الحفر أعمق من النفط“

الأربعاء 20 مايو 2015 09:05 ص

عندما يتراجع دخلك بمقدار النصف، فإن هذا يعني أن تفقد بضعة دولارات من جهة، ولكن في المقابل لابد من وقفة من جانبك لإجراء تغييرات. لذلك فإنه في المملكة العربية السعودية، التي تعتمد على صادراتها من النفط في الأساس، والتي صارت تجلب أقل مما كان عليه قبل عام بمقدار 50%، توجد الآن خيارات من شأنها أن تغير وجه المملكة.

جمعت السعودية صندوق مؤونة حرب تحسد عليه منذ انتهاء هبوط أسعار النفط الماضي في مطلع هذا القرن، مسجلين فائضا في الميزانية في كل الأعوام منذ عام 2001، باستثناء عامين فقط. وانخفض الدين الحكومي من حوالي 100%  من الناتج المحلي الإجمالي إلى صفر تقريبا. احتياطيات النقد الأجنبي كافية لإشباع شهية الاستيراد لما يقرب من ثلاث سنوات.

ومع ذلك، فإن هناك شيئا لابد أن تمنحه. فالمملكة العربية السعودية سوف تسجل أول عجز في ميزانيتها هذا العام. ومع استمرار سعر النفط على ما يبدو عالقا عند 60 دولارا للبرميل، فإن الأعمال التجارية تراقب ما قد تقوم به الحكومة لاحقا.

وتركز أهم الإصلاحات على الطاقة، والتي يتم استخدامها بإسراف في المملكة العربية السعودية. الكثير منها يأتي من الغاز، النتيجة الثانوية للحفر الذي كان يوما ما من المستحيل تصديره، وكان لذلك، في عيون السعودية، لا يستحق الادخار أو التخزين. ويأتي الباقي من النفط، والذي يتكلف ما بين 4 إلى 5 دولارات للبرميل فقط ليتم استخراجه من الأرض.

صحيح أن كل برميل احترق داخل المملكة العربية السعودية هو برميل لا يمكن تداوله بالعملة الصعبة، ولكن هذا لا يكاد يهم السعوديين، حيث إن ما يعنيهم هو ما ينفقونه لا ما يكسبونه من النقد الأجنبي في الوقت الحالي. ويأكل الاستهلاك المحلي للطاقة أكثر من ربع إجمالي إنتاج النفط الخام. ولا تزال السيارات الرياضية متعددة الاغراض تجوب الطرق السريعة الصحراوية، والتي تستهلك كميات كبيرة من البنزين بتكلفة فقط 0.45 دولارا للجالون. أسعار الطاقة لابد وأن ترتفع لتوفير حافز لتحقيق الكفاءة ولفتح باب الاستثمار في مصادر بديلة مثل الطاقة المتجددة. دعم الطاقة الذكية لمن يحتاجون ذلك ينبغي أن يكون الطريق الذي يُسلك.

وينبغي ألا يتوقف تنويع الطاقة، فالمملكة العربية السعودية تحتاج مصادر جديدة لتحقيق الازدهار أيضا. وتتسع قاعدة الطبقة الوسطى، وقد انضم أكثر من مليون سعودي إلى أرباب العمل في القطاع الخاص منذ عام 2009، في قطاعات تتراوح من التصنيع مرورا بالتعليم وحتى خدمات رجال الأعمال.

وهذا نتيجة لجهود الحكومة لجذب الشركات من خارج قطاع الطاقة، على سبيل المثال من خلال إنفاق عشرات المليارات على بناء «مدن اقتصادية» جديدة. ولكن هناك المزيد الذي يتعين القيام به. وربما لا تزال اللوائح ثقيلة، والبيروقراطيون يعملون بطريقة مضيقة للخناق. بعض الصناعات السعودية الجديدة، مثل صهر الألومنيوم، تحتاج إلى الطاقة بكثافة، ولا تمثل سوى نصف خطوة بعيدا عن الاقتصاد الذي يغذيه النفط.

لقد بات الكثير من النساء يشغلن وظائف أكثر مما كان عليه الوضع قبل ثلاث سنوات، وعلى الرغم من أن نسبة المشاركة لا تزال منخفضة. فلقد أصبحت الضرورة الاقتصادية هي الدافع الرئيسي لهذا التغيير الاجتماعي الناشئ، في الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف المعيشة، وتتوسع فيه دائرة البحث النسائي عن عمل. وقد بدأ العديد منهن في العمل في وظائف مثل كاشيرات ومعلمات ومساعدات في مكتب وحتى عاملات في مصنع.

وتبدو الشركات متفائلة نسبيا على الرغم من انخفاض أسعار النفط. وذلك راجع في جزء منه إلى كون طموح المملكة أقل من المتوقع فيما يتعلق بتحولها إلى موقع اقتصادي أشبه بمركز متكامل للتجارة ذات قطاع مالي أصلي. سوق الأوراق المالية هو أعمق وأوسع مما كان عليه في عام 2008، عندما انخفضت أسعار النفط إلى 33 دولارا وانخفض السهم بنسبة 56%، أي أقل من نصف مستوى اليوم. وكان هناك 128 شركة مدرجة، الآن بات هناك 165. ومن المقرر أن يتم فتح سوق الأوراق المالية للأجانب كجزء من حملة التحرر الاقتصادي التي ينتهجها الملك «سلمان».

وبالنسبة للسعوديين العاديين، فقد كانت الأشهر الأولى من حكم الملك «سلمان» زمن من أزمنة الأمل الوليد. ويعمل جيل جديد من القادة لتحسين الكفاءة وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والوصول بالمؤسسات الحكومية إلى مستوى الاحتراف. ومع ذلك، فإنه لكي يحقق آمال شعبه، فإن الملك يفعل أكثر لينجو من هبوط أسعار النفط. ويتعين عليه قيادة مملكته نحو المستقبل الذي لا يتم الاعتماد فيه على الطاقة وحدها.

  كلمات مفتاحية

الملك سلمان استهلاك الطاقة السعودية النفط السعودي المرأة السعودية

«ديلي ميل»: السعودية تخطط لبناء مدينة أكبر من واشنطن لتنويع مصادر الاستثمار والاقتصاد

وزير المالية السعودي: صادراتنا غير النفطية تتجاوز 200 مليار ريال سنويا

«واشنطن بوست»: هل تدفع هزة النفط الأخيرة السعودية إلى تنويع اقتصادها؟

السعودية تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وجذب استثمارات إلى القطاعات الناشئة

السعودية تفتح لأول مرة سوق أسهم للأجانب بقيمة 531 مليار دولار

النفط يرتفع بعد تراجع المخزون الأمريكي ووفرة المعروض تقيد السوق

هبوط النفط دون 65 دولارا والجزائر تسجل عجزا تجاريا نتيجة انخفاض الأسعار

100 دولار لبرميل النفط .. هل يعود «الرقم السحري»؟

صندوق النقد: الاقتصاد السعودي يحقق نموا بنسبة 3.5% خلال 2015

«سيلفي» الاقتصاد السعودي!