شنّت المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع هجومها الثالث في حرب الأسعار التي أعلنتها ضد منتجي الصخر الزيتي في الولايات المتحدة. وتضمنت الموجة الأولى لحربها خفض الأسعار، ثم أتبعتها بجولة ثانية تمثلت في رفضها خفض الانتاج، وعادت لتخفض الأسعار مرة أخرى.
وتراجعت أسعار النفط يوم الخميس الماضي عندما لم تظهر شركة «آرامكو» النفط السعودية - المملوكة للدولة - أي علامة على تراجعها عن موقفها بشأن خفض كميات المطروح للأسواق، وبدلاَ من ذلك قامت بخفض أسعار النفط الخفيف المتجه إلى السوق العربية حوالي 2 دولار أمريكي أقل من من المؤشر المحلي للعملاء في القارة الأسيوية وأسعار جميع درجات النفط الخام المتجهة إلى مصافي الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته؛ لم يكن رد فعل السوق طافيًا لدعم النفط في أعقاب هجوم المملكة العربية السعودية الجديد بخفض الأسعار .
وبدا في تلك المرحلة أن السعوديين يسعون للدفاع بأقصى جهد عن حصتهم في السوق مهما كانت التكلفة، ولن يتورعوا عن خفض أسعار النفط الخام المتجه للقارة الآسيوية والأوروبية وحتى الولايات المتحدة فـ«السعوديون لن يستسلموا أبدًا».
لن يستسلم السعوديون لأنهم يعرفون أن وجودهم الاقتصادي يعتمد في المقام الأول على الفوز بتلك الحرب، ولدى السعوديين 36.5 مليار سبب ليثبتوا لك وجهة نظرهم. هذا هو عدد البراميل التي تقول «إدارة معلومات الطاقة الأمريكية» إنه لدينا الآن في احتياطيات النفط المؤكدة في حقول الولايات المتحدة، أي بزيادة قدرها 9.4٪ عن معظم كميات النفط التي أنتجناها منذ عام 1975م. ويدرك السعوديون أن سعينا لتطوير ما نمتلك من تكنولوجيا مُستخدمة في استخراج الصخر الزيتي سيعطينا فرصة التوسع في استخراج كميات أكبر من باطن الأرض، وأنهم إذا لم يسعوا لوضع العراقيل الاقتصادية في طريق هذا التوسع فسوف يفقدون سيطرتهم على الغرب والسوق العالمية للنفط.
وازدادت المخاوف لدى السعوديين في الوقت الذي أشعل فيه تصدير النفط الأمريكي الجدل، بالإضافة إلى دخول الأمور السياسية إلى ساحة النفط. وربما يُرفع الحظر المفروض على صادرات النفط الأمريكية قبل سنوات في الوقت الذي تبحث فيه واشنطن عن وسيلة للرد على تصرفات المملكة العربية السعودية، وستفتح عملية رفع الحظر الطريق أمام منتجي النفط في الولايات المتحدة لبيع النفط في الأسواق العالمية حيث يمكنهم الدفع نحو الوصول لسعر أعلى.
ليس ذلك فحسب؛ حيث إن وزارة الخارجية الأمريكية تقوم في الوقت الراهن بتعيين ”دبلوماسي كبير لشئون الطاقة“ في محاولة للاستفادة مما لدينا من إنتاج الطاقة الجديدة ووضع آليات لتعزيزه للدخول في المنافسة مع البلدان الأخرى المنتجة للنفط، وسمّت إدارة أوباما بالفعل «عاموس هوشستاين» للمنصب الجديد.
وفي غضون ذلك؛ فإن المستفيد الآخر من حرب الأسعار قد تكون هي "شركات النفط الكبرى"، ولن تجد شركات الصخر الزيتي الصغيرة أو الناشئة مكانًا بين هؤلاء العمالقة الكبار. وقد صرح الرئيس التنفيذي لشركة «إكسون موبيل» بأن شركته قد تتحمل انخفاض الأسعار إلى 40 دولار للبرميل. لذا؛ فإنه وبعبارة أخرى ستكون تلك النسور الجارحة قادرة على الانقضاض على منتجي الصخر الزيتي الصغار وإغراقهم.