استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السعودية وإيران: حرب أسعار النفط إذ تشتعل

الاثنين 3 نوفمبر 2014 05:11 ص

ما زالت العلاقات السعودية - الإيرانية محدداً رئيساً للصراع الإقليمي، بحيث تنعكس طبيعتها المتقلبة على ساحات الصراع في المنطقة (العراق وسوريا ولبنان واليمن) صعوداً وهبوطاً.

ومع الدعوات المتبادلة للحوار، وتوجه المؤشرات نحو بعض الانفراج في الأسابيع الماضية، يبدو أن العلاقات السعودية - الإيرانية ستستـمر برغم ذلك في مسارها الصراعي خلال الفترة المقبـلة. ومردّ ذلك أن الرياض شرعت في نقل الصراع الإقليمي مع طهران إلى أسواق النفط العالمية، بحيث أجرت السعودية في الأسابيع الماضية تخفيضات على أسعار نفطها العربي الخفيف في الأسـواق الآسيوية، ما اضـطر إيـران معـه إلى إجراء تخفيضات مماثلة على نفطها الخفيف القريب في جودته من النفط السعودي للمحافظة على حصّتها السوقية.

ومن المعلوم أن السعودية هي أكبر مصـدر للنفط في العالم بحصة مقدارها عشرة مليون برميل يومياً، في حين تصدر إيران ما حجمه مليون ونصف المليون برميل يومياً فقـط، بسـبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، والتي يئن اقتصادها تحت وطأتها بشدة. ويعني الخفض في أسعار النفط، تراجع إيرادات الخزانة الإيرانية المعتمدة على النفط بشدة، وبالتالي مضاعفة الضغط الاقتصادي على صانع القرار في طهران. ولما كان الاقتصاد والسياسة وجهـين لعمـلة واحدة، تعـني الخطـوة السعـودية في العـمق تحولاً أكيداً في مسار الحوار المفترض مع إيران لمصلحة التصعيد معها في سوق النفط العالمية.

النفط مقابل النظام السوري؟

يعتقد على نطاق واسع أن الإدارة الأميركية نسقت مع السعودية (أكبر مصدر للنفط في العالم) لزيادة المعروض النفـطي في الأسـواق العالمية، في محاولة للضغط على كل من روسيا وإيران اللتين تصدران النفط ويعتمد اقتصاداهما عليه بشدة. وكتـب تومـاس فريدمان في «نيويورك تايمز» عن اتفاق بين أميركا والسعـودية، مـفادة الضغط على روسيا بالنفط السعودي عبر زيادة المعروض منه في الأسواق العالمية للهبوط بسعره، وبالتالي التأثير السلبي على الاقتصاد الروسي مقابل الإطاحة بالنظام السوري. ولكن ما لم يلحظه فريدمان في توقعه المذكور أن تراجع أسعار النفط في السوق العالمية سيشكل من جانب آخر تهديداً لتطوير النفط الأميركي الصخري؛ فالمستثمرون في هذا القطاع النفطي الأميركي خسروا عوائد ممكنة ضخمة مقابل استثمارات أضخم، ولهم مخاوف تتعلق بمستقبل استثماراتهم مع زيادة المعروض من النفط في السوق العالمية. ويزيـد من عـدم شـمولية تحليل فريدمان عدم ملاحظته أن النفط الأميركي سيصبح منافساً للنفط السعودي في المستقبل القريب في الأسواق العالمية، بسبب الاكتشافات الكبيرة والاستثمارات الضخمة في قطاع النفط الصخري الأميركي.

وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن صدقية الفرضية المتعلقة بمقايضة النفط مقابل النظام السـوري، يتجسّد المعنى الجيوسياسي هنا في أن واشنطن والرياض تحاولان إيجاد قواسـم مشتركـة جديـدة للعمل في المنطــقة، بعد التخـوفات السـعودية مـن اقتراب الاتفاق النووي بين الدول الست الكبرى وإيران.

المفاوضات النووية والنفط

نقلت وسائل الإعلام العالمية عن مسؤولين في شركة النفط الوطنية الإيرانية أن طهران ستبيع نفطها الثقيل بتخفيض يوازي سبعين سنتاً للبرميل، والخفيف بتخفيض يوازي اثنين وثمانين سنتاً للبرميل، مقارنة مع السعر الذي تبيع به الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، ما يعني أكبر تخفيض في أسعار النفط الإيراني منذ العام 2008. ويزداد الضغط على إيران كثافة عند ملاحظة أن طهران لا يمكنها تصدير المزيد من النفط لتعويض فروقات الأسعار مثلما يمكن للسعودية أن تفعل، لأن الاقتصاد الإيراني يعاني بشدة من العقوبات المفروضة عليه ومن التقييد في صادرات إيران النفطية، والحاجة إلى استثمارات ضخمة في قطاع النفط الإيراني لا تأتي بسبب العقوبات أيضاً.

لا يبدو - للوهلة الأولى - أن هناك رابطاً من نوع ما بين النجاح في المفاوضات النووية والنفط الإيراني، ولكن التعمق في هذه المفاوضات يقول إن الدافع الرئيس لإيران في خوض المفاوضات ليس التخوف من ضربة عسكرية أميركية ضدها - تتراجع مؤشراتها بشدة - وإنما الرفع الكامل للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وفي حال تحقق ذلك، يمكن لإيران جذب الاستثمارات الضخمة لقطاعها النفطي، وبالتالي زيادة صادراتها من النفط والحصول على موارد أعلى، لشراء رضاء مواطنيها وتثبيت نظامها السياسي أكثر فأكثر. وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أعلن في غير مناسبة خلال الأشهر الماضية عن رغبته في رفع الانتاج الإيراني إلى ثمانية ملايين برميل يومياً، ومن شأن الخفض الجاري في أسعار النفط الإيراني من جراء سياسات السعودية النفطية أن يقلص الاستثمارات الأجنبية المتوقعة في قطاع النفط الإيراني - في حال رفع العقوبات - ويعرقل هذا الهدف جزئياً.

ولأن إيران تصدر كمية تقدر الآن بحوالي مليون ونصف المليون برميل نفط يومياً، وبافتراض نجاح المفاوضات مع الغرب، فلن تستطيع زيادة حصتها في السوق العالمية سريعاً أو بسهولة. وربما خلال عام من الرفع الكامل للعقوبات - إن حدث أصلاً- تستطيع إيران العودة إلى مستوى مليونين ونصف المليون برميل يومياً، وليس أكثر من ذلك.

إيران في وضع دفاعي

يمكن تفسير الخطوة السعودية بأنها هجومية في جانب استهدافها للموازنة الإيرانية الحساسة بشدة للنفط وفي ظل العقوبات الاقتصادية، واستباقية في آن معاً، لأنها تتحسّب من دخول كميات أكبر من النفط الإيراني إلى السوق العالمية بعد نجاح المفاوضات النووية وبالتالي تراجع مؤكد للأسعار.

تبني السياسات النفطية السعودية، في طوريها الهجومي والاستباقي، على مواجهة إيران، ما يفسّر ضبطها ميزانيتها واقتصادها على أسعار متوقعة أقل للنفط، بغرض الاستحواذ على حصة أكبر من السوق العالمية. على ذلك يتوقع أن يكون اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) هذا الشهر الأكثر توتراً منذ سنوات، إذ يمكن من الآن تخيل الاصطفاف المتوقع: السعودية والإمارات في مقابل إيران والعراق. ولكن توقع نتيجة المبارزة سيكون صعباً مع ذلك، بسبب أن فنزويلا ونيجيريا تريدان أسعار نفط تزيد عن مئة دولار للبرميل (يتراوح سعره الآن بين ثمانين إلى تسعين دولاراً فقط للبرميل)، وسيلعبان دوراً يصب موضوعياً في مصلحة إيران في الاجتماع.

ولكن مع تصدر السعودية لمصدري النفط في العالم بحصة تفوق حصص منافسيها بأشواط، فالأرجح أن إيران ستضطر إلى لعب اللعبة السعودية ذاتها في نهاية المطاف، أي عرض المزيد من التخفيض على نفطها خصوصاً المتوجه إلى الأسواق الآسيوية، ما يقلص إيراداتها الآنية ويشكك في جدوى الاستثمارات الأجنبية المتوقعة في حال رفعت العقوبات. وتكتمل دائرة الضغط على النفط الإيراني، عند ملاحظة التوقعات المرجحة في سوق النفط العالمية بأن تزيد أميركا إنتاجها من النفط بمقدار مليون برميل يومياً مع نهاية العام المقبل، ليصبح الإنتاج الأميركي من النفط في دائرة حجمها عشرة ملايين برميل يومياً، ما سيضغط أكثر على الأسعار في السوق العالمية، وبالتالي على إيران.

الخلاصة

انتقل الصراع السعودي - الإيراني من ساحات المنطقة إلى سوق النفط العالمية، في تطوّر نوعي مهم ولافت. وإذ تملك إيران أفضلية في ساحات الصراع بالوكالة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، تملك السعودية أفضلية نفطية مدعومة باحتياطات مالية ضخمة، تجعلها قادرة أكثر على تحمل الخسائر المالية جراء انخفاض أسعار النفط مقارنة بإيران. الآن تنحسر التوقعات بانفراجة سعودية - إيرانية، وترتفع بورصة التوتر في ساحات المنطقة، لأن كل طرف في الصراع الإقليمي الكبير سيحاول أن يلعب أوراقه الرابحة. بالنتيجة، يمكن توقع أن الساحات الإقليمية لتصارع المشروعين السعودي والإيراني ستكون جاهزة لتصعيد إيراني جديد في الفترة المقبلة، سقفه الأدنى المزيد من عرقلة حلفاء السعودية في المنطقة، وسقفه الأعلى عدم التأثير سلباً على المفاوضات النووية الجارية مع الدول الست الكبرى. لننتظر وسنرى.

 

 

المصدر | السفير

  كلمات مفتاحية

حرب أسعار النفط إيران السعودية

روحاني: عائدات النفط الايرانية انخفضت بنسبة 30%

خامنئي يحذر: الاعتماد على النفط يضع إيران تحت رحمة القوى الكبرى

السياسة والسوق في الانهيار الفادح لأسعار النفط

ضد من تستخدم السعودية سلاح النفط ؟!

إيران تتهم «دولا إسلامية» بالتآمر مع الغرب لخفض أسعار النفط

أسعار النفط تواصل تحديد معالم الجغرافية السياسية

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

احتدام الخلاف بين أعضاء أوبك فى ظل تراجع أسعار النفط

برنت يهبط عن 84 دولارا بعد خفض السعودية أسعار إمداداتها

السعودية تعزز قدراتها النفطية بمصافي تكرير جديدة

إيران تستعين بقطر في مواجهة أزمة تراجع أسعار النفط

مخاطر عالية في لعب أمريكا بورقة النفط ضد إيران وروسيا

حرب النفط الأمريكية الثانية: البترول العربي سلاح دمار شامل بيد الاخرين!

رئيس أركان الجيش الإيراني: إيرادات نفط السعودية تخصص لدعم «الدولة الإسلامية»

«ميدل إيست بريفينج»: جيوش النفط وحروب الأسعار