مخاطر عالية في لعب أمريكا بورقة النفط ضد إيران وروسيا

الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 03:11 ص

تسعى واشنطن لخفض الأسعار عن طريق إغراق السوق بالنفط الخام في الوقت الذي ينعكس فيه ذلك بمخاطر غير مباشرة على صناعة الصخر الزيتي الذي تنتجه؛ بحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية.

ضع نفسك في مكان مُستثمر أراد العمل في أسواق السلع الأساسية مع بداية عام 2014، لقد كنت وقتها لتشعر أن ثمّة شيء خطأ يجري بجدية في أوكرانيا، بالإضافة إلى التقارير المبكرة المُزعجة التي تصل بشأن وجود مجموعات من المسلحين تغزو شمال وغرب العراق.

وفي وسط الآمال المعوّلة على مواصلة الاقتصاد العالمي طريقه نحو القوة، فإن الأموال الذكية كان من الممكن لها أن تلعب دورًا في دفع أسعار النفط للصعود، لكنه التوتر الجغرافي السياسي الذي اقترن مع الطلب القوي الذي نتحدث عنه.

ومع ذلك؛ فإنه وتحديدًا في مثل هذه الظروف كانت الأموال الذكية خطأ، بعد وصول سعر البرميل بشكل مُرضيّ إلى 110 دولار للبرميل في الصيف انهارت تكلفة النفط الخام، لقد انخفضت الأسعار بنسبة الربع تقريبًا في الأشهر الثلاثة الماضية. وتم ضخ المزيد من النفط في وقت تعثر فيه الانتعاش العالمي، وسقط التجار في مشكلة ذات شقين لم يكونوا يحسبوا لها حساب تمثّلت في التباطؤ في الصين، وتجدد الركود في منطقة اليورو.

هذا ليس كل شيء؛ الزيادة أربع مرات في أسعار النفط أعادت إلى الأذهان الحظر على الصادرات الذي وضعته السعودية كرد فعل على «حرب أكتوبر» عام 1973م؛ ما أظهر كيف أن النفط من الممكن استخدامه كسلاح دبلوماسي واقتصادي. والآن.. يبدوا أن التاريخ يُعيد نفسه.

وكأن إدارة «أوباما» تسلك نفس المنوال، إنها تُريد طهران أن ترضخ بشأن برنامجها النووي، كما تريد من «فلاديمير بوتين» أن ينسحب من أوكرانيا، لكن وبعد التجارب الأخيرة في العراق وأفغانستان فإن البيت الأبيض ما عادت لديه رغبة في إنزال قواته على الأرض. وبدلاً من ذلك؛ وبمساعدة الحليف السعودي فإن واشنطن تحاول خفض أسعار النفط بإغراق السوق الضعيفة - بطبيعة الحال – بالنفط الخام، وبما أنّ روسيا وإيران يعتمدان بقوة على صادرات النفط فإن وجهة النظر تقول أن تخفيض السعر سيضغط عليهما للقبول بما قد يُملى عليهما.

ويتردد أن وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» توصل إلى اتفاق مع الملك «عبدالله بن عبدالعزيز» في سبتمبر/أيلول الماضي بموجبه تبيع السعودية النفط الخام بأسعار أقل من سعر السوق السائدة، وهذا قد يساعد في تفسير سبب انخفاض الأسعار في وقت من المفترض أن ترتفع فيه بسبب التوترات والفوضى التي أشعلتها «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.

لقد فعل السعوديون شيئًا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي ومن ثمّ؛ فإن الدوافع الجغرافية-السياسية لتحركٍ يجعل أسعار النفط تهبط دون عشرة دولاراتٍ للبرميل كانت كفيلة بزعزعة استقرار نظام الرئيس العراقي «صدام حسين»، وفي الوقت الحالي فإن المعنيين بالشرق الأوسط يرون أن السعوديين يريدون الضغط على إيران، كما يريدون إجبار موسكو على خفض تأييدها لنظام «بشار الأسد» في سوريا.

فتح صنابير النفط ينعكس بالطبع على التكلفة السعوديون – مثل كل المنتجين – اعتادوا أن يكون سعر برميل النفط فوق حاجز المائة دولار، الربيع العربي في مصر وليبيا عزز المخاوف بشأن اتساع دائرة الاضطراب السياسي عائدات النفط تموّل زيادة الإنفاق العام، لذا فإن المملكة تحتاج السعر فوق 90 دولار للبرميل لتحقيق التوازن.

لكن القليل من الآلام من الممكن تحمّلها، ومن ثمّ تقامر السعودية مُدّعيةً أنها قادرة على ممارسة أمورها الطبيعية في ظل أسعار نفط منخفضة أكثر مما قد تتحمله روسيا وإيران، وبناءًا على ذلك؛ وبالنظر إلى الناحية النسبية فلن يطول الأمر.

ليس هناك شك في أن هذا الاستعراض الجديد للعضلات في تلك الحرب الباردة يضر روسيا، النفط والغاز يمثلان 70% من صادرات روسيا، والميزانية لا يتم ضبطها إلا في ظل سعر نفط فوق 100 دولار للبرميل، تمتلك موسكو احتياطيات نقد أجنبي لكنها ليست مُحددة، وقد تراجع «الروبل» الروسي الأسبوع الماضي بنسبة 10%؛ وهذا يلقي بظلال من الشك على تكاليف خدمة الديون للشركات الروسية، كما يضع البنك المركزي الروسي تحت ضغوط لرفع أسعار الفائدة؛ الأمر الذي من شأنه أن يساعد على استقرار العملة، ولكن فقط على حساب مزيدٍ من الركود.

ولكن حتى هذه اللحظة؛ فإن السياسة الخارجية الروسية لا تظهر وكأنها تأثرت؛ حيث ما زال الدعم الروسي لنظام «الأسد» في سوريا قويًا، كما أنّ هناك تقارير تفيد بدخول قوات روسية نهاية الأسبوع الماضي إلى غربي أوكرانيا، ويبقى توقع رد فعل إيران، وفي الوقت الراهن يبدوا الشرق الأوسط غير مستقر كما لم يحدث من قبل.

استمرار انخفاض أسعار النفط من شأنه أن يعزز النمو العالمي شريطة أن تستمر تلك الأسعار في التراجع، «أندرو كيننجهام» من «كابيتال إيكنوميكس» يرى أنه في حالة استقرار تكلفة خام برنت عند 85 دولار للبرميل فإن المُحصّلة ستكون نقل الربح من منتجي النفط إلى المستهلكين لتبلغ 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفي الوقت الذي يعتزم فيه المستهلكون إنفاق حصة كبيرة من ربحهم أكثر من المنتجين، فإنّ الطلب سيزداد، والرابح الأكبر سيكون مستهلك النفط الكبير – الصين والهند وأوروبا.

وفي الوقت نفسه سوف ينخفض التضخم، إن استمرار انخفاض أسعار النفط حتى الآن يكفي لضمان أن التضخم الرئيسي سيكون حوالي نصف نقطة مئوية أقل في البلدان المتقدمة العام القادم، وقد يكون ذلك كافيًا لخفض التضخم دون 1% في المملكة المتحدة، وتحت الصفر في منطقة اليورو، انخفاض التضخم من شأنه أن يساعد على زيادة إنفاق المستهلكين والشركات؛ لأن الميزانيات سوف تزداد أكثر. بالنسبة للولايات المتحدة فالصورة تبدوا أكثر تشابكًا، موافقة واشنطن على اللعب بورقة النفط ينبع من الاعتقاد بأن الموردين المحليين للطاقة الناتجة عن عمليات التكسير الهيدروليكي بإمكانها أن تجعل الولايات المتحدة أكبر منتجي النفط في العالم، وفي حديث له العام الماضي؛ قال «توم دونيلون» - مستشار «أوباما» للأمن القومي آنذاك – إن الولايات المتحدة باتت الآن أقل عُرضة لصدمات النفط العالمية، هذا الاطمئنان ساهم فيه الصخر الزيتي والغاز «ما منحنا يدًا قويةً في السعي بقوة لتطبيق أهداف أمننا القومي».

لقد قفز إنتاج النفط الخام الأمريكي مؤخرًا حوالي 50% من 5.7 مليون برميل يوميًا في عام 2011 إلى 8.4 مليون برميل خلال الربع الثاني من عام 2014. هذه الزيات في المعروض تعني أنّ أي خفض في المعروض الإيراني أو الروسي بسبب العقوبات يمكن استيعابها بدون إزعاج الاقتصاد العالمي.

لكن الانخفاض الحادّ في أسعار النفط سيسلب الحياة من بعض حقول الصخر الزيتي، وهذا صحيح بالطبع لأنّ التطورات الجديدة المحددة تشير إلى أن هناك ثمن باهظ لتغطية تكاليف بدء التشغيل لابد أن يُدفع، وهذا صحيح أيضًا نظرًا لأن بعض الحقول الأكثر نضجًا؛ والتي يتم استنزاف احتياطاتها بسرعة أجبرت الشركات على الذهاب أعمق – مع نفقات أعلى - بحثًا عن الإمدادات.

في نهاية الأسبوع؛ أعلن «جورج أوبسورنو» أنه يدعم فكرة وضع عائدات من إنتاج الصخر الزيتي في شمال إنجلترا في صندوق ثروة سيادية خاص بالشمال. هذه الفكرة من شأنها أن تمنع الأرباح التي تُهدر على الإنفاق اليومي؛ والتي – للأسف - تحدث مع العائدات من بحر الشمال.

«أصدقاء الأرض» قالوا إن تدخل مستشار «أوباما» السابق كان خدعة مثيرة للسخرية تهدف إلى الانتصار على المعارضة القوية ضد التكسير الهيدروليكي، لقد كان ذلك بالتأكيد في الوقت الخطأ، أحد الآثار الجانبية للمحاولة الأمريكية-السعودية تتمثل في أن خفض سعر النفط سيثقب فقاعة الصخر الزيتي الأمريكي.

المصدر | لاري إليوت - الجارديان

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة أوباما روسيا فلاديمير بوتين إيران الدولة الإسلامية النفط النفط الصخري السعودية

حرب النفط تشتعل بين السعودية والولايات المتحدة

إيران تستعين بقطر في مواجهة أزمة تراجع أسعار النفط

كانت تنقصنا حرب النفط ...!

السعودية وإيران: حرب أسعار النفط إذ تشتعل

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

بوتين وسياسات واشنطن الخاطئة

إيران تخفض مخصصات دعمها لـ«حزب الله» ومنظمات أخرى

اتفاق روسيا والسعودية على دور توازن العرض والطلب في تحديد سعر النفط

صفقة مرتقبة بين «بي.بي» و«روسنفت» لتعزيز خطط استثمار النفط في روسيا

بعد مواقفهما المشتركة...إيران وروسيا ستعززان تعاونهما العسكري

«نيويورك تايمز»: السعودية تستخدم النفط كسلاح سياسي ضد «روسيا»

إيران تعتزم خفض أسعار النفط لمجاراة السعودية وزيادة حصتها في الأسواق