رصدت صحيفة «رأي اليوم» العربية ملامح تغيير العلاقات بين المملكة العربية السعودية وحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، خصوصا بعد اللقاء مؤخرا بين العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» ورئيس المكتب السياسي للحركة «خالد مشعل» في العاصمة السعودية الرياض وكسر حالة من القطيعة بين الجانبين استمرت عدة سنوات.
وقالت الصحيفة في تقرير لها نشرته السبت إن التغيير في المملكة العربية السعودية بدأ في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أي بعد وفاة الملك «عبد الله بن عبد العزيز» وتولى شقيقه الأمير «سلمان »العرش، وانعكس هذا التغيير في انضمام السعودية في عهد الملك الجديد الى المحور التركي القطري المناهض للمحور المصري الإماراتي الذي خرجت منه المملكة، وبشكل مفاجيء في تحول استراتيجي إقليمي لافت.
وأضافت أنه في زمن العاهل الراحل الملك «عبد الله بن عبد العزيز» انضمت السعودية إلى مصر والإمارات والبحرين في إعلان الحرب على جماعة «الإخوان المسلمين» المدعومة قطريا، بدءا بوضعها على «لائحة الإرهاب»، ودعم الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في انقلابه عليها، والإطاحة بالرئيس المصري «محمد مرسي»، والزج بأكثر من 20 ألفا من قياداتها وأنصارها في السجون، وتقديم ما يقرب من 20 مليار دولار كمساعدات للرئيس «السيسي» لدعم الاقتصاد المصري المنهار.
وبحسب الصحيفة فإن حركة «حماس» أيضا تغيرت، وبات مسؤولون فيها يتحدثون عن مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، والتوصل الى هدنة طويلة قد تصل إلى عشر سنوات يتم خلالها البدء في إعادة الإعمار، وفتح ميناء بحري يقلص اعتماد مليونين من أبناء القطاع على معبر رفح شبه المغلق طوال العام، وتجنيبهم الإذلال والمهانة التي يتعرضون لها، سواء على جانبي المعبر، أو على أيدي رجال الأمن في مطار القاهرة، بمعنى آخر باتت حماس أكثر قربا لايديولوجية وسياسات «محور الاعتدال» العربي الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية، وأكثر ميلا للهدنة وتجميد اعمال المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت إن الإطار الأشمل لهذا التقارب بين حماس والمملكة العربية السعودية هو رغبة الأخيرة في إقامة «تحالف سني» يقف في وجه النفوذ الإيراني المتمدد في المنطقة العربية، وهو تمدد يمكن أن تتسارع وتيرته بعد توقيع الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني، وقد تكون قطر هي التي لعبت دورا كبيرا في تحقيق هذا التقارب، ونقل الحركة من قائمة «الإرهاب» السعودية، إلى قائمة الحلفاء أو غير الأعداء على الأقل.
واستبعدت الصحيفة أن تقدم القيادة السعودية إلى «مشعل» وحركته الأسلحة والصواريخ والخبرات العسكرية الأخرى في المستقبل، مرجحة أن يكون المال هو ما ستقدمه.
وتساءلت كيف سيعبر هذا المال في حال تقديمه إلى قطاع غزة، في حالة توترت العلاقات السعودية المصرية، مشيرة إلى مؤشرات عديدة في هذا الصدد، أبرزها الترحيب المصري بالاتفاق النووي الإيراني، الذي جاء على لسان وزير الخارجية «سامح شكري«، واستضافة القاهرة لوفد يمثل حزب الرئيس اليمني السابق «علي عبد الله صالح» عدو السعودية الأول في اليمن، واحتضانها معرضا حوثيا يقدم صورا عن الحرب السعودية في اليمن وضحاياها.
ورأت أن أي دعم سعودي مالي لا يمكن أن يأتي بدون شروط، إلا إذا قررت القيادة السعودية الجديدة احتضان المقاومة الإسلامية الفلسطينية، والإحلال محل إيران التي كانت تزود الحركة بالسلاح للدفاع عن نفسها، لكن لا يلوح في الأفق اي مؤشر على هذا الأمر، بحد قولها.
وخلصت الصحيفة إلى أن زيارة «مشعل»، والوفد المرافق له، إلى الرياض، واستقباله من قبل العاهل السعودي نفسه وفي حضور نجله الأمير «محمد بن سلمان» ولي لي العهد وزير الدفاع، والرجل الاقوى في البلاد بعد والده، يشكل تطورا كبيرا مهما في العلاقات بين الجانبين، لكن من الصعب استباق الأحداث والقفز إلى النتائج.