«تودايز زمان»: تدهور كبير في العلاقات الإماراتية التركية خلال العامين الماضيين

الاثنين 20 يوليو 2015 08:07 ص

اتسمت العلاقات بين تركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة بالضعف لبعض الوقت، ولم تجد الإمارات رد فعل تجاه تركيا وسياستها الخارجية في المنطقة سوى غياب طويل وغير رسمي لسفيرها لدى تركيا، وهي حالة ينظر إليها على أنها غير عادية.

وبحسب ما ورد فإن سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى تركيا، «خالد خليفة المعلا»، لم يكن في منصبه منذ صيف عام 2013، على الرغم من أنه لا يزال السفير الرسمي للإمارات لدى تركيا. وقالت مصادر دبلوماسية لصحيفة «تودايز زمان» إن غياب «المعلا» كان تبريره أنه في «إجازة طويلة»، ومع ذلك، فمن المرجح أن ترك منصب السفير شاغرا لهذه الفترة الطويلة إنما يهدف إلى إظهار رد فعل دولة الإمارات العربية المتحدة على السياسة الخارجية لتركيا حول القضايا الإقليمية، وبخاصة السياسات فيما يتعلق بالتطورات في مصر منذ يوليو/تموز 2013. وتؤكد مصادر عديدة في أنقرة أن الدبلوماسي الممثل لدولة الإمارات العربية المتحدة لم يعد إلى تركيا منذ ما يقرب من عامين.

وظهر التوتر الدبلوماسي بين تركيا والإمارات العربية المتحدة لأول مرة عندما أدان رئيس الوزراء آنذاك والرئيس الحالي «رجب طيب أردوغان» الانقلاب على الرئيس «محمد مرسي» من قبل الانقلاب العسكري الذي وقع في وقت مبكر من شهر يوليو/تموز في عام 2013. واختلف رد فعل تركيا آنذاك عن نظيره في دولة الإمارات فضلا عن دول الخليج العربي الأخرى، باستثناء قطر، التي وقفت إلى جانب تركيا في دعم «مرسي». ومنذ ذلك الحين كانت هناك فترة من البرودة في العلاقات التركية الإماراتية.

هناك سفير تم تعيينه لكنه ترك البلاد، ولم يعد حتى الآن، كما لم يتم تعيين أحد بدلا منه، وهذا يدل بوضوح على سوء العلاقات بين البلدين. إن الموقف برمته غير عادي وغير مألوف.

الصدع في العلاقات التركية الإماراتية اتسع مع التطورات الجديدة التي حدثت في مصر. الفريق أول «عبدالفتاح السيسي» الذي كان وراء الانقلاب في مصر، أصبح رئيسا في 8 يونيو/حزيران 2014. وانتقد الرئيس «رجب طيب أردوغان»، «السيسي» في كلمة ألقاها أواخر سبتمبر/أيلول 2014 في مقر الأمم المتحدة، في كلمة اعتبرها كثيرون ذات لغة قوية. وكانت وزارة الإمارات للشؤون الخارجية سريعة في إصدار بيان يصف خطاب «أردوغان» بأنه «غير مسؤول» و «نتهاك صارخ للشؤون الداخلية لمصر». واتهم البيان أيضا «أردوغان» بـ«إساءة استخدام الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتداء على شرعية الحكومة المصرية».

وبالمثل، أدان وزير الخارجية آنذاك «أحمد داوود أوغلو» علنا ​​دولة الإمارات العربية المتحدة في مناسبتين منفصلتين. وعندما فشلت تركيا في الحصول على مقعد غير دائم في انتخابات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي عقدت في منتصف أكتوبر/تشرين الاول عام 2014، رأى محللون أن العدد القليل من الأصوات التي ذهبت لتركيا إنما هي رسالة قوية لعدم الموافقة على السياسة الخارجية للبلاد، وخاصة في الشرق الأوسط. ونُقل أيضا عن «داوود أوغلو»، الذي ربما رأى ذلك بنفس الطريقة، خلال جلسة برلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه قوله: «إن دول الخليج العربية، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، عملت ضد تركيا خلال انتخابات مجلس الأمن نظرا لعلاقات تركيا السلبية مع مصر». وبالمثل، فإنه حينما كان «داوود أوغلو» في مؤتمر صحفي خلال زيارة إلى مالطا في أوائل شهر مارس/أذار الماضي، فقد سئل عن مزاعم تتهم تركيا بتوريد الأسلحة إلى الحرب الأهلية الليبية.

وكان «داوود أوغلو» سريعا في إدانة دولة الإمارات العربية المتحدة بالقول «هذا ادعاء كاذب تماما. ... إنه مجاف للحقيقة، ولكي أكون صادقا فإن هذا افتراء يأتي من أولئك الذين يتدخلون في ليبيا ويرسلون مساعدات الأسلحة. دعوني أكون واضحا في هذا الشأن. هذا الافتراء قادم من مصر والإمارات العربية المتحدة».

وعلق «إركان إرتسون»، عالم سياسي بارز في جامعة «تورجوت أوزال»، على علاقات تركيا الضعيفة بدولة الإمارات العربية المتحدة حينما كان يتحدث إلى صحيفة «تودايز زمان». أوضح إرتسون أن المواجهة بين تركيا والإمارات العربية المتحدة متجذرة في وجهات نظر الإمارات ضد جماعة الإخوان المسلمين، التي كان «مرسي» زعيما وقياديا بها. «دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين هو ضد المصالح التركية في المنطقة»، بحسب «إرتسون» الذي قال أيضا إن تركيا تحتاج إلى سياسة خارجية أكثر عقلانية. وقال «إرتسون» إن «تركيا بحاجة إلى إعادة صياغة سياساتها، مع أخذ السياق الإقليمي في الاعتبار، من أجل أن يكون لها سياسة خارجية أكثر منطقية».

وانحازت تركيا بشكل غير متوقع إلى المملكة العربية السعودية، على الرغم من الخلافات السابقة بين البلدين، بما في ذلك إزاء التطورات في مصر، عندما أعلنت في أوائل إبريل/نيسان أنه سيكون هناك تشكيل ائتلاف ضد التمرد اليمني الذي يزعم أنه كان مدعوما من قبل إيران. ووصف «إرتسون» موقف تركيا بأنه «الأكثر واقعية وأن خطوتها هي الأكثر عقلانية» على مدار السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن مسؤولا إماراتيا رفيع المستوى لا يزال ينتقد تركيا بسبب «موقفها الغامض والمتناقض» في إشارة الى زيارة «أردوغان» الودية إلى إيران بعد أيام قليلة فقط من إعلان التركي أنها تقف إلى جانب المملكة العربية السعودية. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية «أنور محمد قرقاش» في 11 أبريل / نيسان «يبدو أن طهران ستكون أكثر أهمية لإسلام آباد وأنقرة من دول الخليج».

وردا على سؤال حول تصريحات «قرقاش»، قال «إرتسون»: «بالتأكيد، كان الموقف الإيجابي لتركيا في أحد المناسبات غير كاف لتحسين العلاقات بين البلدين». ومع الإشارة إلى أن العلاقات استمرت في طريقها الذي دخلته بسبب فشل تركيا في التصالح مع مصر، فقد أكد «إرتسون» الحاجة إلى سياسة خارجية رشيدة من أجل استعادة العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بدلا من مجرد علاقة «عاطفية».

 العلاقات الاقتصادية في تراجع

وتشير البيانات الواردة من معهد الإحصاءات التركي أيضا إلى انخفاض في العلاقات التجارية بين تركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة بعد عام 2013، وتحديدا عندما اختلفت الدولتان بشأن التغيير في الحكومة المصرية.

وتشير أحدث البيانات إلى أنه في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015، بلغت قيمة الواردات التركية من دولة الإمارات العربية المتحدة نحو 647 مليون دولار أمريكي، في حين سجلت الواردات خلال نفس الفترة من عام 2014 و 2013 حوالي 812 مليون دولار و2.2 مليار دولار على التوالي. وفيما يتعلق بالصادرات فإنه وعلى الرغم من أن بيانات عام 2015 تظهر زيادة طفيفة، بحوالي 2.159 مليار بين يناير/كانون الثاني و أبريل/نيسان، مقارنة بــ 1.883 مليار في نفس الفترة من عام 2014، فإن الصادرات السنوية من تركيا الى دولة الإمارات العربية المتحدة انخفضت بشكل عام دون مستوى ما كان بين 2013 و 2014. وإجمالي الصادرات في عام 2013 بلغ حوالي 4,965 مليار، وتراجع هذا الرقم محققا 4,655 مليار في عام 2014.

وبعد أن أعربت حكومة دولة الإمارات العربية عن استيائها من تصريحات القيادة التركية حول أحداث تتعلق بسجن الرئيس «مرسي» في صيف عام 2013، ألغت شركة إماراتية مشروع استثماري في تركيا، ما أدى إلى فقدان تركيا صفقة هامة في التعاون في مجال الطاقة.

في أوائل عام 2013 وقعت شركة الطاقة الوطنية في أبوظبي، المملوكة للدولة، اتفاقا مع شركة الطاقة الحكومية المملوكة للدولة في تركيا لاستثمار 12 مليار دولار في بناء محطة لتوليد الكهرباء تعمل بالفحم في محافظة القهرمان جنوب تركيا. وبعد أسابيع قليلة من الانقلاب العسكري في مصر في يوليو/تموز 2013 ومبادرة تركيا بانتقاده سريعا، أعلنت شركة الطاقة أنها ستعلق استثماراتها لأجل غير مسمى. وفي وقت لاحق، ألغت الشركة الخطة الاستثمارية تماما. وعلى الرغم من أن قطر، الحليف المقرب الوحيد لتركيا في ذلك الوقت، أظهرت اهتماما بهذا المشروع، إلا إن المفاوضات لا تزال مستمرة مع عدم وجود نتائج ملموسة.

بدأت تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما دولة الإمارات العربية المتحدة العضو البارز بالمنظمة، مناقشات حول اتفاقية التجارة الحرة في  مايو/أيار 2005. وتم توقيع اتفاق الحوار الاستراتيجي في عام 2008، وكانت الأطراف قد تفاوضت بشأن الجوانب التقنية لاتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، ولكن كل دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، لم توافق بسبب التقارب بين تركيا وجماعة الإخوان المسلمين، وخاصة منذ عام 2013، ولا تزال المفاوضات بشأن الصفقة المهمة متوقفة، ما يساهم في تجميد العلاقات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة.

  كلمات مفتاحية

الإمارات تركيا التعاون الاقتصادي انقلاب مصر السيسي محمد مرسي أردوغان

مصر والإمارات ضد الانفتاح السعودي على تركيا والإخوان و«السيسي» يتنبى دورا انتقاليا لـ«الأسد»

«أردوغان» ينتقد توقيف ألمانيا لـ«أحمد منصور» .. وخبير قانوني يستبعد تسليمه لمصر

«أردوغان» ينتقد سعي مصر للقبض على «القرضاوي» عبر «الانتربول»

للمرة الثانية: الإمارات تدعو لدعم «السيسي» وترفض تصريحات «أردوغان» ضده

الإمارات تتصرف تجاه «السيسي» بمنطق "الكفيل" بإدانتها تصريحات «أردوغان»

الخارجية الإماراتية تستنكر خطاب أردوغان حول مصر ... ونفي تركي لمزاعم الإعلام المصري

علاقات تركيا ومجلس التعاون ضمانة للاستقرار

الإمارات تزيد استثماراتها في تركيا و«أبراج كابيتال» تشتري حصة بأحد بنوكها ⁦‪

استمر ساعة و40 دقيقة .. صحف الإمارات تبرز لقاء «أردوغان» و«عبدالله بن زايد»