«روبرت فيسك»: مصر بين مطرقة جنون عظمة «السيسي» وسندان «الدولة الإسلامية»

الثلاثاء 21 يوليو 2015 12:07 م

هاجم الكاتب البريطاني «روبرت فيسك» النهج الذي يسلكه الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في مواجهة شعبه، مؤكدا أن استمرار «السيسي» في تعذيب وقهر شعبه سوف يجعل «داعش» تنتعش في مصر والمنطقة، وحذر الغرب من الصمت على هذا قائلا أن «مصر تسلك ذات الطريق الذي اتبعته العديد من الدول الممزقة الأخرى وهو: إذا عذبت شعبك بدرجة كافية، ستنبت داعش على جراحهم وتنثر برازها على جروحهم».

وتحت عنوان «يا له من خيار في مصر بين رئيس يعاني من الميجالومانيا (جنون العظمة) وجنون داعش»، قال «فيسك» في مقاله بصحيفة الإندبندنت أمس الاثنين: «صور تفجير سفينة حربية مصرية قبالة ساحل سيناء الأسبوع الماضي مثلت تحذيرًا لسياسيينا الغربيين»، منتقدا استمرار الدعم الأمريكي لنظام «السيسي» بالسلاح ودعم أوروبا له بالرغم من الانتهاكات الفظيعة لحقوق الانسان ودفع نظام «السيسي» المزيد من المصريين لأحضان «داعش» خصوصا في سيناء.

وقال «فيسك» ساخرا: «نعم، نحن ندعم مصر، نحن نحب مصر، وسنستمر في إرسال سائحينا لمصر، لأننا ندعم الرئيس المشير عبد الفتاح السيسي، بالرغم من أن حكومته زجت بأكثر من 40 ألفا في السجون، معظمهم سجناء سياسيون، وأكثر من 20 ألفا من أنصار الإخوان المسلمين، الذين حكم على المئات منهم بالإعدام».

وقال إن «النظام المصري يستمر في التظاهر بأن عدوه، جماعة الإخوان المسلمين، هو ذاته تنظيم داعش، بينما داعش، في دوره الجديد كقوة إسلامية في سيناء، تمكن من قتل مئات الجنود المصريين، بينهم أكثر من 60 منذ أسبوعين، وبعدها أعلن المتحدث العسكري المصري أن سيناء تحت السيطرة بشكل كامل».

وأضاف: ولكن بعد التدمير الفعلي للقارب البحري، يحق لنا أن نتساءل: «من يسيطر على شبه الجزيرة؟»، محذرا من الصمت الغربي «بالتذرع بمخاوفنا من العراق وليبيا واليمن، بالرغم من كونها المعركة الأكبر التي تشهدها سيناء منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973».

الغرب فضل العلماني على الإسلامي

وقال «فيسك» أن «الغرب يشعر بالارتياح الشديد أن جنرالا علمانيا حل محل رئيس بخلفية إسلامية، وندعمه، متصورين أن ذلك أمر يجلب النفع، مثلما كان الحال عندما دعمنا ذات يوم محمد مرسي وجماعة الإخوان، واستأنف الأمريكيون إمدادات الأسلحة إلى مصر بدعوي أن السيسي يحارب تنظيم داعش الرهيب».

ولكنه انتقد صمت الغرب علي معاملة «السيسي» للمصريين، الذي يعاملهم بعقلية تشبه عقل صدام الكبير (ميجامايند)، وكما انتقد أحلام السيسي الغير منطقية مثل «طموحات غريبة لإنشاء عاصمة سوبر بدلاً من القاهرة الفقيرة والقديمة، والانتهاء من بنائها في زمن لا يتجاوز سبع سنوات»، مساحة العاصمة الجديدة تبلغ 700 كيلو متر، بتكلفة 30 مليار دولار.

«توني بلير» مستشارا للسيسي

وفي إشارة لدور رئيس الوزراء البريطاني السابق «توني بلير» كمستشار للسيسي، قال «فيسك» أن الكشف عن ذلك المشروع «الأخرق» منذ أسابيع قليلة، أي بناء عاصمة جديدة، لم يحدث إلا بصحبة «توني بلير»، الذي شغل فترة من الوقت، وظيفة رئيس وزراء بريطانيا، ولكنه الآن (بين أعمال باهظة أخرى) يقدم النصائح للرئيس المصري عبر شركة استشارية تدعمها الإمارات.

وقال أن مثل هذا «الحلم المبذّر للمعاصرة» على حد تعبير الكاتبة الأمريكية «ماريا جوليا»، يمثل خيانة للمصالح الحقيقية للمصريين، فما يربو عن 60% من القاهرة، جرى تشييده خلال العقود القليلة الماضية، عبر أميال من عقارات الفقراء ذات الخرسانة المتحللة، والتي تلفحها درجات الحرارة المرتفعة، بينما الآلاف من الضواحي الجديدة المليئة بالفيلات خاوية، على نحو كبير، فلا يستطيع أحد تحمل شرائها، متسائلا: «هل يمكن أن يجد داعش بيئة أفضل من ذلك».

مصر «السيسي» الحقيقية

وفي محاولة لإلقاء نظرة قريبة على ما وصفها بـ«حقيقة مصر السيسي»، قال الكاتب البريطاني الشهير: «نحن في الغرب نشجع الآن على دولة جديدة مألوفة جدا في مصر، تتسم بالأبوية، والديكتاتورية، وشبح الأعداء الأجانب»، ساخرا بقوله «إنها فقط مسألة وقت قبل أن تعلن الحكومة المصرية ولاية سيناء ذراعًا للموساد».

وأضاف: «مصر تسلك ذات الطريق الذي اتبعته العديد من الدول الممزقة الأخرى.. إذا عذبت شعبك بدرجة كافية، ستنبت داعش على جراحهم»، وهكذا، فإن سيناء تحت سيطرة «داعش» بقدر ما هي تحت سيطرة مصر، وتفجير القاهرة الذي اغتال النائب العام يثبت أن عمليات «داعش» تخطت قناة السويس، كما بات الأسطول المصري حتى عرضة للهجوم.

فهل ثمة خيارات أكثر كفاءة بالنسبة لنا من الاختيار بين الشيطان، وقاع البحر الأزرق؟

ثم ركز علي المشاريع الاقتصادية الفاشلة وسعي الدولة لإصدار قوانين تمنع إضراب العمال ضد فشل الدولة اقتصاديا، حيث قال: «مصر دولة لديها بحر من الفقر، لكن ينظر إلى ذلك بذات المبررات المستخدمة لتبرير القوانين الأكثر وحشية المقيدة لحرية التعبير، والتي تتلخص في أن الشعب يريد الخبز، لا الحرية، مثلما أخبرنا البعض، ويرغب في الأمن لا الإرهاب».

واعتبر أن محاولة «السيسي» لبناء مدينة جديدة ستكون «محاولة ثانية لتلطيف الفشل الاجتماعي»، وأكد أن الجنرال سيكون غيرر قلق بشأن الإضرابات النقابية المحتملة في مدينته الخيالية الجديدة، بعدما أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارًا بعدم مشروعية الإضرابات استنادًا على أنَّ ممارسة ذلك الحق الذي تكفله المادة 13 من الدستور.

ونقل عن «زياد بهاء الدين» نائب رئيس الوزراء السابق وصفه هذا الحكم القضائي بأنه سخيف قائلا: «ألم نتظاهر ضد الدستور الذي صاغه الإخوان المسلمين، لأنه حاول خلط الدين بالدولة؟»، مشيرا لإحالة محكمة بالفعل ثلاثة موظفين للتقاعد، وفرض عقوبات على 14 آخرين بسبب تنظيمهم إضراب عمالي في محافظة المنوفية، بعدما اعتبرت المحكمة أن إضراب لعمال من ممارسة وظائفهم «يخالف التعاليم الإسلامية، ومقاصد الشريعة الإسلامية»، وهو ما يقترب شكليًّا من مبررات «داعش»، بحسب فيسك، حيث أن طاعة أوامر المسؤولين في العمل تمثل واجبًا.

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي ولاية سيناء قانون الإرهاب مرسي

«ميدل إيست بريفينج»: هل جماعة الإخوان المسلمين الحل أم المشكلة؟

جدلية الثورة والثورة المضادة: مصير مصر بين أربع قوى سياسية وأربعة تواريخ

«رويترز»: عدم الاستقرار قد يطول .. الجيش لم يحرز نجاحا كبيرا و«ولاية سيناء» أكثر ثقة

65 قتيلا على الأقل في أوسع هجوم لـ«ولاية سيناء» على نقاط عسكرية في سيناء

«المونيتور»: هجمات «ولاية سيناء» تزداد شراسة .. وتدابير الجيش تفقده الظهير الشعبي

ضابط سابق بالجيش المصري يدعو للجهاد ضد «السيسي»

«فورين آفيرز»: نظام السيسي «مستقر بتحالف المصالح» ومصيره الفشل

«فيسك»: فشل «كاميرون» في الشرق الأوسط مستمر منذ تقرير «الإخوان» إلى زيارة «السيسي»

مجانين الحكم