متى يتوقف «كاميرون» عن تعليق فشله في إدماج الجالية المسلمة على شماعة الآخرين؟

الأربعاء 22 يوليو 2015 01:07 ص

في خطابه الذي ألقاه بمدرسة بمدينة بيرمنغهام وسط بريطانيا، أول أمس الإثنين، تحدث «ديفيد كاميرون» رئيس الوزراء عن خطط جديدة لحكومته، لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» أو ما يحب أن يسميها «داعش»، ولكن خطابه هذا كان مليئا بالكثير من المغالطات وسوء الفهم لطبيعة هذا التنظيم أولا، ونظرة الغالبية الساحقة من المسلمين البريطانيين إليه ثانيا، بحسب صحيفة «رأي اليوم».

الصحيفة التي رفضت في افتتاحيتها، اليوم الأربعاء، الكثير مما ذهب إليه «كاميرون» في خطابه، قالت إن الخطأ الأكبر الذي يرتكبه رئيس الوزراء البريطاني ويكرره في كل مرة يتناول فيها هذه المسألة، هو اتهامه للجالية الإسلامية البريطانية أو معظمها بالمسؤولية عن «تطرف» بعض أبنائها، الأمر الذي يحول هذه الجالية إلى كبش فداء، ويزيد من استفحال ظاهرة العداء للإسلام، أو ما يعرف بـ«الإسلاموفوبيا»، وهذا موقف غير مسؤول من رئيس الحكومة تجاه الأقليات في البلد.

لم يقتصر «كاميرون»، على تحميل الجالية المسلمة، مسؤولية «تطرف»، بعض أبنائها، ولكنه شكك في قدرة المسلمين البريطانيين على الاندماج في المجتمع البريطاني، وقال بالحرف الواحد «الحقيقة المأساوية أن الكثير ممن ولدوا وترعرعوا في المملكة المتحدة لا يشعرون أنهم ينتمون إلينا».

«كاميرون» في خطابه، نسى أو تناسى، أنه إذا كان كلامه فيما يتعلق بالاندماج صحيح، فإن حكومته تتحمل المسؤولية الأكبر في عدم إدماج المسلمين في المجتمع.

وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن مجموع البريطانيين الذين سافروا إلى سوريا والعراق للانضمام إلى «الدولة الإسلامية» أو غيرها من الجماعات المتشددة لا يزيد عن 700 شخص من مجموع مليون ونصف المليون مسلم، إن لم يكن أكثر، وهذه نسبة ضئيلة للغاية تمثل أقلية الأقلية.

 وإذا كان هؤلاء توجهوا فعلا للقتال في صفوف الجماعات «الجهادية»، فإن من شجعهم على ذلك رئيس الوزراء البريطاني نفسه، عندما ذهب إلى قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل في عام 2011 وطالب برفع الحظر عن إرسال السلاح إلى سوريا، وبما يمّكن المعارضة المسلحة من الحصول عليه لتسهيل مهمتها في الإطاحة بالنظام السوري.

عبارة مهمة جدا وردت في خطاب «كاميرون» في بيرمنغهام يمكن أن تلخص المعضلة الحقيقية لبريطانيا في تعاطيها مع مشاكل منطقة الشرق الأوسط، حيث قال «إن هناك من المسلمين من يدينون العنف في بريطانيا ويرون أنه غير مبرر، لكنهم يرون أن التفجيرات الانتحارية في إسرائيل أمر مختلف».

مقارنة «كاميرون» بين تفجيرات إرهابية في شوارع لندن ومحطات مترو الانفاق، وأخرى مماثلة في فلسطين المحتلة يقدم عليها شباب محبط يعيش احتلالا مهينا ومذلا لأرضه، ويصادر حقوقه المشروعة في الاستقلال وإقامة دولته، هي مقارنه مجحفة وظالمة، تسلط الأضواء على الخلل الرئيسي في السياسة الخارجية البريطانية التي تعرض بريطانيا ومواطنيها وأرواحهم للخطر.

ورغم إدانة كافة المعتدلين، لكل أنواع العنف والإرهاب من أي جهة كانت، وفي أي مكان كان، وإيمانهم بالحوار والحلول السياسية السلمية للأزمات، لكن هذه القاعدة لا تنطبق على الكثير من الشباب المسلمين وغير المسلمين، خاصة أولئك الذين يعانون من الظلم والاضطهاد والإحباط ويعيشون تحت دولة احتلال تدعمهم بريطانيا، أو يتعاطون مع أشقائهم هؤلاء.

وفي هذا الإطار لابد من التذكير بخطاب، الرئيس الأمريكي السابق «جورج دبليو بوش»، عندما قال في أحد تصريحاته إنه لو كان محل الشباب الفلسطينيين لانخرط في صفوف المقاومة.

المعطيات السابقة، لايمكن أن تصل بنا إلا إلى نتيجة واحدة مفادها أن السياسة الخارجية البريطانية هي التي تحتاج الى تعديل جذري، بحيث ترتكز على قيم العدالة والأخلاق والانتصار للمظلومين في وجه الظلم، وربما يفيد تذكير المستر كاميرون ان الذين نفذوا تفجيرات السابع من يوليو/تموز 2005 قالوا إنهم فعلوا ذلك انتصارا لأشقائهم في العراق الذين قتلوا بقنابل وصواريخ الدبابات والطائرات التي احتلت هذا البلد العربي المسلم، وازهقت أرواح ما يقارب المليون من أبنائه.

  كلمات مفتاحية

بريطانيا ديفيد كاميرون الجالية الإسلامية البريطانية الاسلام الاسلاموفوبيا

«كاميرون» يعلن استراتيجية بريطانيا لمكافحة التشدد ويواصل ابتزاز المسلمين

«كاميرون» يحذر من هجمات «مروعة» لتنظيم «الدولة الإسلامية» في بريطانيا

بريطانيا تبحث عن 12 فردا من عائلة واحدة يشتبه فى انضمامهم لـ«الدولة الإسلامية»

«فيسك»: فشل «كاميرون» في الشرق الأوسط مستمر منذ تقرير «الإخوان» إلى زيارة «السيسي»