بين تنظيم «الدولة الإسلامية» والأكراد .. أين سيذهب «أردوغان»؟

الأحد 26 يوليو 2015 08:07 ص

الانفجار الذي وقع في 20 من يوليو/تموز الماضي خارج مركز مدينة العمارة الثقافية في مدينة سروج التركية يمثل نقطة تحول في العلاقات بين تركيا وتنظيم «داعش». أسفر هذا الهجوم الانتحاري عن مقتل 31 شابًا، معظمهم من الأكراد، كانوا في بداية رحلتهم إلى كوباني يحملون مساعدات لإعادة بناء المدينة. توترت العلاقات بين «داعش» وتركيا في الآونة الأخيرة بسبب ما يتصوره التنظيم على أنه تغيير في سياسة أنقرة بغض الطرف عن أنشطته.

في الواقع، تُغيّر تركيا أخيرًا موقفها تجاه «داعش». وجاء التغيير بعد الحصول على التزامات واضحة من الولايات المتحدة لمعارضة أي حملة من الأكراد لإقامة دولة مستقلة في سوريا ما دامت هذه أمة واحدة. وفي 7 يوليو/تموز، زار وفدًا أمريكيًا شمل وكيلة وزير الدفاع الأمريكي «كريستين ويرموث»، والمبعوث الرئاسي الخاص الجنرال «جون آلين» ومسؤولين في الجيش والمخابرات، أنقرة والتقوا بمسؤولين أتراك رفيعي المستوى من وزارة الخارجية، ومن القوات المسلحة التركية ومنظمة الاستخبارات الوطنية. وشهد الاجتماع الذي استمر لمدة يومين تبادلات «صريحة» لوجهات النظر حول دور تركيا في سوريا والعراق وموقفها من «داعش».

تبعات تلك الصفقات التي تم التوصل إليها في الاجتماع لم تستغرق وقتًا طويلًا ليظهر أثرها على أرض الواقع. بعد أسبوع واحد فقط من ختام الاجتماعات، بدأت السلطات التركية بشنّ هجوم كاسح على خلايا «داعش» النشطة في تركيا. ومنعت أنقرة مواقع تابعة لـ«داعش»، وشنّت حملة في جميع أنحاء البلاد لاعتقال الأعضاء المشتبه بهم في التنظيم وشددت تدابيرها الرامية إلى وقف تدفق المجندين الجدد عبر حدودها الجنوبية. وربما تكون تركيا قد سمحت للولايات المتحدة بتحليق طائرات بدون طيار من قاعدة إنجرليك الجوية. رد تنظيم «داعش» من خلال نشر تهديد صريح للسلطات التركية على أحد المواقع على شبكة الإنترنت. ومع ذلك، كانت الاستجابة اللفظية للحملة التركية متدنية إلى حد ما، لكنّ الرد الحقيقي جاء في وقت لاحق في مدينة سروج الذي تقطنها أغلبية كردية وكان موجهًا ضد الأكراد.

المخابرات التركية لديها ما يكفي من قنوات الاتصال مع «داعش» للتحقيق في هذا الهجوم. ولن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن نعرف من خلال الإجراءات على الأرض ما الذي سيسفر عنه هذا التحقيق. إما أن ينفي «داعش» أنّ أمر تنفيذ العملية صدر من كبار قادته ويعد بمعاقبة الجناة، أو يتحول الوضع إلى مواجهة مفتوحة بين الطرفين.

إذا كانت النتيجة هي الحرب، وهو احتمال غير مؤكد حتى الآن، ستكون مكلفة للطرفين. تسلل تنظيم «داعش» إلى المنطقة الحدودية لتركيا مع عشرات من الشبكات والأعضاء الذين أداروا جميع أنواع العمليات اللوجستية، مثل تهريب المجندين الجدد، وبيع النفط وغسيل الأموال، وإرسال الأسلحة والذخائر إلى سوريا وجمع المعلومات. إذا كانت السلطات التركية تنظف المنطقة من وجود «داعش»، فهذا سيمثل نكسة هامة للتنظيم.

ومع ذلك، لن يبقى تنظيم «داعش» ساكنًا بينما تُكسر أجنحته في تركيا الجناح تلو الآخر. إنّ خيارات «أردوغان» ستكون حاسمة لقدرات «داعش» في شمال سوريا.

مشاكل الأتراك مع «داعش» غير قابلة للمقارنة، بطبيعة الحال، مع مشاكلهم مع الأكراد. كانت لعبة «أردوغان» مرتكزة دائمًا على استخدام «داعش» لإجهاض أي محاولة كردية لتوسيع وجودهم في شمال سوريا وبذل قصارى جهده لإقناع الأكراد بقتال «بشار الأسد». وبعد جهود الولايات المتحدة لقطع النصف الأول من المعادلة، الذي يتعلق بمخاوف «أردوغان» من الأكراد، فإنّ اللاعبين الإقليميين يحاولون الآن مقاطعة النصف الثاني، الذي يتعلق بجهود مواجهة «الأسد».

وتشير بعض التقارير غير المؤكدة إلى الاتصالات الأخيرة بين الاتحاد الوطني الكردستاني في سوريا ووحدات حماية الشعب الكردية النشطة جدًا في شمال سوريا والتابعة لحزب العمال الكردستاني. وقيل إنّ مضمون الاجتماعات الأخيرة سيكون مستقبل شمال سوريا وخطة لفتح قنوات اتصال بين وحدات حماية الشعب الكردية وطهران. ومن المعروف أن الاتحاد الوطني الكردستاني هو امتداد لكيان عراقي مماثل، كما يشتهر بعلاقاته القوية مع الإيرانيين منذ وجود العديد من أعضائه كلاجئين في إيران خلال حربهم ضد «صدام حسين».

الاقتراح الإيراني الذي نقله الاتحاد الوطني الكردستاني إلى وحدات حماية الشعب الكردية تم تداوله في السليمانية بين بعض قادة الاتحاد الوطني الكردستاني وممثلين عن الحرس الثوري الإيراني في يونيو/حزيران الماضي. مضمون الاقتراح هو التنسيق مع قوات «الأسد» في شمال سوريا في مقابل إعطاء أكراد سوريا كل الدعم الذي يمكن أن يقدمه النظام السوري في ظل هذه الظروف. كما تم تقديم الوعود بإقامة منطقة حكم ذاتي في سوريا في المستقبل ومساعدة الاتحاد الوطني الكردستاني أيضًا نيابة عن طهران، و«الأسد» وقيادة الاتحاد الوطني الكردستاني. لا يمكننا تأكيد هذه المعلومات حيث لا يمكن التحقق منها من مصادر مستقلة. ما تبقى لنا هو الأحداث على أرض الواقع لتقديم أي دليل على أن مثل هذه الصفقة حدثت بالفعل.

سلسلة من التطورات التي وقعت عقب الاجتماع سلطت الضوء على ما حدث بعد اللقاء المزعوم. في المقام الأول، تحولت وحدات حماية الشعب الكردية ضد المعارضة السورية العربية التي كانت تقاتل مع الأكراد في كوباني. وفي الأسبوع الماضي، طلبت وحدات حماية الشعب الكردية من وحدات الجيش السوري الحر في كوباني أن تغادر المدينة فورًا.

كما حدث تطور آخر بعد بضعة أيام، عندما قاتلت وحدات حماية الشعب الكردية وقوات «الأسد» جنبًا إلى جنب في الحسكة. وقال ضابط في قوات النظام السوري لوكالة فرانس برس إنهم نسقوا مع وحدات حماية الشعب الكردية لشنّ هجمات على مواقع «داعش». وأضاف أنّ «الأكراد لن يستطيعوا محاصرة مقاتلي داعش دون الأسلحة التي نقدمها لهم».

ما كان مثيرًا للاهتمام في تقرير وكالة فرانس برس هو الجزء التالي:

«تصر واشنطن على أن التحالف الذي بدأ حملة من الغارات الجوية على سوريا في سبتمبر/أيلول عام 2014، لن ينسق مع نظام الرئيس بشار الأسد. ولكن في الواقع، قال ضابط وحدات حماية الشعب الكردية لوكالة فرانس برس طالبًا عدم الكشف عن اسمه إنّ هناك تنسيق بشأن حملات جوية بين الجيش السوري وقوات التحالف، ويتم التواصل من خلال وسيط كردي».

وليس من الواضح حتى الآن إذا كان هناك شيء أكبر من التنسيق بين قوات التحالف وقوات «الأسد»، شيء مثل وجود بعد إيراني في تنسيق وحدات حماية الشعب الكردية مع قوات «الأسد» في الحسكة. ولكن الحقيقة ستظهر بالتأكيد عند مرحلة ما في الفترة المقبلة.

  كلمات مفتاحية

تركيا الدولة الإسلامية الأكراد نظام الأسد حزب العمال الكردستاني إيران

تركيا تعلن عزمها إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا

«ذي ناشيونال إنترست»: حرب الـ200 عام لتركيا ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»!

تركيا: حملة مداهمات واسعة واعتقال عشرات المرتبطين بالمتمردين الأكراد وتنظيم "الدولة"

تركيا تعتزم إنشاء نظام أمني كامل على حدودها مع سوريا وتواصل حشدها العسكري

«ذا ديلي بيست»: تركيا تخطط لاجتياح سوريا لإيقاف الأكراد وليس «الدولة الإسلامية»

العاهل الأردني يؤكد لـ«أردوغان» أهمية التعاون في القضاء على «الدولة الإسلامية»

«أردوغان» ينتقد تصريحات رئيس «حزب الشعوب الديمقراطي» ويصفها بــ«الوقحة»

«أردوغان»: تركيا لم ولن تدعم «الدولة الإسلامية» .. واتهامها بذلك «دعاية سوداء»

الأكـراد رقمــا في معـادلــة الصــراع السـوريـة والإقــليـمــية

الحراك العسكري التركي .. تداعيات سورية وعراقية وإقليمية