ستراتفور: هل ينجح حسن دياب في كسر الجمود السياسي بلبنان؟

السبت 11 يناير 2020 03:47 م

يواجه مرشح لبنان الجديد لرئاسة الوزراء "حسن دياب" تحديات كبيرة لينجح في كسر الجمود السياسي في لبنان، وسيواجه تحديات أكبر مثل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والأزمات الأمنية مع تحول "حزب الله" إلى تكتيكات أقوى للحفاظ على نفوذه، ومع تزايد فرص الصراع الإقليمي بين إيران والولايات المتحدة، والذي يمكن أن يسحب لبنان.

الدعم المحلي والخارجي الصعب

سيواجه "دياب" -الذي من المقرر أن يخلف رئيس الوزراء "سعد الحريري" الذي ظل في منصبه طويلًا- عقبات كبيرة. ويشمل ذلك كسب تأييد حركة الاحتجاج التي لن تقبل برئيس وزراء له علاقة بالمؤسسة، التي يلومونها على الأزمة الاقتصادية والفساد الذي طال أمده.

كما يشمل ذلك أيضاً الفوز بدعم تحالف "8 آذار" الذي ينتمي إليه "حزب الله"، أو تحالف "14 آذار" الذي تنتمي إليه حركة "المستقبل" التابعة لـ"الحريري"، في الوقت ذاته.

وللمحافظة على دعم أي من التحالفين، يتعين على رؤساء الوزراء اللبنانيين أن يقدموا الدعم الحكومي لهم ولأتباعهم، لكن هذا النوع من النشاط الداخلي هو الذي يحفز المحتجين على النزول إلى الشوارع.

ساعدت الاحتجاجات على تسريع الأزمة الاقتصادية في لبنان من خلال تعطيل الاقتصاد، وإبعاد السياح والتسبب في هروب رؤوس الأموال، وإذا أرضى رئيس الوزراء طرفا من المتظاهرين أو السياسيين، فسوف يغضب الطرف الآخر، مما يجعل الحكم أكثر صعوبة.

في نفس الوقت الذي سيصعب فيه تأمين الدعم المحلي، سيكون من الصعب العثور على الدعم الأجنبي، فغالباً ما كان رؤساء الوزراء اللبنانيين قادرين على الحكم بفضل الهبات الخارجية.

سمح هذا الدعم -الذي اتخذ في الماضي شكل مساعدات أمريكية أو فرنسية مباشرة ومشتريات سندات من دول الخليج العربية- للحكومة بالإنفاق ببذخ لإبقاء مؤيديها سعداء، غالبًا من خلال توفير وظائف حكومية أو عقود مواتية.

لكن المتبرعين الأجانب أصبحوا غير مستعدين لمنح لبنان مساعدات جديدة ما لم يسن تدابير تقشفية، وهو مطلب من شأنه خفض الأموال التي تحتاجها الحكومة للحفاظ على شبكات المحسوبية.

سيؤدي هذا إلى تقويض الإجماع السياسي بين الأحزاب الرئيسية في لبنان (والميليشيات المرتبطة بها) التي منعتهم من تحدي النظام السياسي الطائفي، الذي كفل منذ الاستقلال أن يجري تعيين مسيحي كرئيس، وسني كرئيس للوزراء وشيعي كرئيس البرلمان.

علاوة على ذلك، فإن الطبيعة غير الطائفية لحركة الاحتجاج اللبنانية تقوض النظام السياسي الطائفي في لبنان، وتتحدى اللاعبين السياسيين التقليديين.

خيارات السياسيين قليلة

ليس لدى الحكومة اللبنانية والسياسيين المرتبطين بها خيارات جيدة كثيرة، لا يمكنهم حشد الاحتجاجات ضد أعدائهم السياسيين، مثلما فعلت تحالفات "8 و 14 آذار" في عام 2005 بعد أن تسبب مقتل رئيس الوزراء "رفيق الحريري" في أزمة سياسية، حيث لا تتمتع التحالفات بنفس قوة الحشد اليوم، مع غضب معظم المحتجين من جميع الأحزاب السياسية.

ولا تستطيع بيروت زيادة الإنفاق لتخفيف المعاناة الاقتصادية للبلاد أيضًا، بالنظر إلى انخفاض المساعدات الخارجية ومديونية الحكومة وتراجع احتياطياتها الأجنبية.

ويعتبر "دياب" ليس محصنا ضد هذه التحديات؛ وعلى الرغم من أنه سني غير سياسي نسبياً، إلا أنه يواجه مقاومة قوية من حركة الاحتجاج فيما يعود بشكل كبير إلى رؤيته كمقرب جدًا من "حزب الله"، وبالتالي يعتبره المحتجون من الداخل السياسي بشكل كبير.

كما  أنه يفتقر إلى ذلك النوع من الحلفاء الأجانب لطلب المساعدات منهم مثلما فعل "الحريري"، وحتى لو طلب "دياب"، فإن المساعدات لن تأتي على أي حال، لذلك من المحتمل أن يكافح من أجل إنجاز الكثير بمجرد توليه منصبه، وقد لا يبقى فيه لفترة طويلة.

لكن، حتى الحصول على السلطة وممارستها بفعالية ما زال هناك 3 مشاكل رئيسية أخرى تعوق البلد: الاقتصاد و"حزب الله" والنزاع الأمريكي الإيراني المحتمل.

الصراع الأمريكي الإيراني

يتدهور الاقتصاد اللبناني غير المستقر بشكل مستمر؛ ومن المقرر أن يحل موعد سداد بعض السندات اللبنانية الرئيسية في مارس/آذار المقبل، كما أن احتياطيات النقد الأجنبي قد تعرضت للضغط بفعل مجموعة من العقوبات المصرفية الأمريكية التي تستهدف "حزب الله" وأصابت الاقتصاد المتدهور.

لقد أنهت الولايات المتحدة سياستها السابقة من خلال فرض عقوبات على البنوك اللبنانية وزعزعة التوازن الداخلي الحساس في البلاد.

في عام 2020، من المحتمل أن تسعى الولايات المتحدة إلى فرض المزيد من العقوبات على "حزب الله"، وبالتالي الاقتصاد اللبناني، لأن "حزب الله" متشابك مع الكثير من الأعمال التجارية في لبنان.

ستؤدي هذه العقوبات إلى تفاقم الوضع الاقتصادي للبنان وتعقيد أي عمليات إنقاذ أجنبية محتملة.

وكلما طال أمد الأزمة الاقتصادية، كلما زاد احتمال تعرض لبنان لنفاد البضائع الأساسية وعدم قدرته على دفع رواتب موظفي الدولة، وهي قضايا ستؤثر على جميع الطوائف والأحزاب السياسية، وسيؤدي ذلك إلى إضعاف قبضة أفراد المؤسسة السياسية على الموالين القدامى وتقوية حركة الاحتجاج.

خطر الصراع الأهلي

يفضل "حزب الله" وحلفاؤه تجنب الصراع الأهلي، لكنهم لا يريدون أن يخسروا مكاسبهم من انتخابات مايو/أيار 2018، عندما أصبح حليف لـ"حزب الله" وزيرًا للصحة في البلاد، مما أعطاه سلطات محسوبية كبيرة.

كما أنهم لا يريدون أن يروا تأسيس لبنان أقل في طائفيته، لأن هذا قد يتسبب في تفكير الناخبين المؤيدين لـ"حزب الله" في دعم حزب آخر. ولمنع هذه النتيجة، سعى "حزب الله" بالفعل إلى إقناع الشيعة بعدم المشاركة في الاحتجاجات.

لكن على الرغم من أن "حزب الله" لن يؤجج صراعًا أهليًا عن قصد، خشية أن تخرج الأمور عن السيطرة، فإن استخدامه المتزايد للترهيب قد يولد واحدًا على أي حال، عبر التمهيد لاشتباكات محتملة بين "حزب الله" والمتظاهرين، والجيش اللبناني أو الفصائل السياسية المسلحة الأخرى.

وقد تؤدي أي مواجهات تالية إلى نشوب صراع أهلي، وإذا حدث ذلك، فمن المرجح أن يتتورط الدول الأجنبية. إن الأميركيين والإسرائيليين والإيرانيين ودول الخليج وحتى السوريين والروس والأتراك جميعهم لديهم مصلحة في تشكيل الوضع الأمني ​​في البلاد.

في هذه الأثناء، ليس لدى أي فصيل لبناني القدرة على وقف النزاع الأمريكي الإيراني، الذي يمكن أن تتسبب تداعياته في ضرب لبنان، سواء من خلال العقوبات أو النزاع العسكري المباشر.

إذا حدث هذا، فإن الشلل السياسي اللبناني سوف يزداد سوءًا، في حين أن البلاد ستواجه أزمة اقتصادية وأمنية تفوق أي شيء حدث منذ حربها مع (إسرائيل) عام 2006.

علاوة على ذلك، يمكن أن يجد "حزب الله" نفسه كرأس حربة للانتقام الإيراني ضد أهداف إسرائيلية أو أمريكية، إلا أن القيام بذلك سيدعو إلى استجابة إسرائيلية و/أو أمريكية هائلة في لبنان. ومن شأن الصراع العسكري بهذا الحجم أن يؤذن بفصل مقلق آخر في تاريخ لبنان الذي أثقلته الأزمات.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حزب الله اللبناني الحكومة اللبنانية مظاهرات لبنان

احتجاجات أمام منزل رئيس حكومة لبنان تطالبه بالاستقالة

مرشح حقيبة الخارجية اللبنانية متهم بالتطبيع مع إسرائيل

ستراتفور: لبنان على حافة دوامة العنف

ستراتفور: مأزق لبنان الحالي.. مهمة حكومية شبه مستحيلة