المونيتور: مؤتمر برلين يمنح تركيا نفوذا في مفاوضات ليبيا المقبلة

الجمعة 24 يناير 2020 07:32 م

انتهى مؤتمر برلين حول ليبيا، يوم 19 يناير/كانون الثاني، بموافقة الجهات الفاعلة المحلية والأجنبية على مقترحات هشة لفرض حظر على الأسلحة والعمل على تخفيف حدة النزاع الذي ساد البلاد منذ سقوط العقيد "معمر القذافي" عام 2011.

وبالرغم أن العديد من التوصيات تحدد آليات للمضي قدما، بما في ذلك إنشاء لجنة لمتابعة وقف إطلاق النار تجتمع بانتظام، إلا أن مراقبي الوضع الليبي يستبعدون حدوث تغييرات قريبة على أرض الواقع كحل مستدام.

ومع ذلك، في الأيام التالية للقمة، قال المراقبون إن مشاركة تركيا المتزايدة في الصراع كانت بمثابة حافز للمجتمع الأوروبي والدولي على إعادة النظر في التطورات في ليبيا.

ووسعت أنقرة نفوذها الدبلوماسي في الصراع المستمر منذ 9 أعوام، عبر توقيع اتفاقية في نوفمبر/تشرين الثاني مع حكومة طرابلس تتضمن ترسيم الحدود البحرية المشتركة، ثم وافق البرلمان على نشر قوات تركية في ليبيا في وقت سابق من هذا الشهر، وبذلك وضعت أنقرة نفسها كوسيط رئيسي في أي تطورات.

وفي الأشهر الأخيرة، دعم المسؤولون الأتراك بشكل متزايد "حكومة الوفاق الوطني"، المعترف بها من الأمم المتحدة، والتي يرأسها رئيس الوزراء "فايز السراج"، في طرابلس، ضد هجوم شنه زعيم شرق ليبيا "خليفة حفتر" منذ أبريل/نيسان الماضي.

وقال "سينيم أدار"، وهو باحث مشارك في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، إن أنقرة لها دوافع متعددة لتقديم الدعم اللوجستي والمادي لحكومة الوفاق الوطني، بما في ذلك المطالبات الإقليمية المتعلقة بالطاقة في شرق البحر المتوسط، والمواءمات السياسية، والحوافز الاقتصادية.

وقال "أدار" إن القمة ساعدت أنقرة على شراء المزيد من الوقت للحفاظ على بقاء حكومة الوفاق الوطني، مضيفا: "ربما يمكن القول أن القمة تعد مكسبا قصير الأجل لأنقرة في هذا الصدد".

ووافق "أوزغور أونوهيساركلي"، مدير صندوق "مارشال" الألماني في أنقرة، على أن التدخل التركي قد أثبت نجاحه في إبطاء الهجوم الذي شنته قوات "حفتر"، والذي اكتسب قوة دفع في الخريف بمساعدة من المرتزقة الروس الذين يعملون تحت قيادة مجموعة "فاجنر"، والدعم الجوي من الطائرات الإماراتية بدون طيار.

ومع ذلك، قال "أونوهيساركلي" إن الدفع باتجاه وقف إطلاق النار في قمة برلين سيكون من الصعب تنفيذه، حيث تم الاتفاق على آليات قليلة بشأن من سيراقب التطورات على أرض الواقع. وأعرب عن مخاوف مماثلة فيما يتعلق بإنفاذ حظر الأسلحة.

وتساءل "أونوهيساركلي": "هل سيمنع هذا الجميع حقا من إرسال الأسلحة؟ في حالة تركيا، قد يكون من الأسهل قليلا مراقبتها، لأنها ستحتاج إلى استخدام طريق بحري، ولكن من ناحية أخرى، قد يستمر حفتر في تلقي الدعم من دول الخليج (الإمارات والسعودية) من خلال الطريق البري عبر مصر، وهو أمر أكثر صعوبة ليتم تعقبه".

وصرح وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، لمحطة "إن تي في" التركية، في 21 يناير/كانون الثاني، بأنه يجب على "حفتر" أن يستجيب للدعوات إلى حل سياسي. وقبل قمة برلين، حظر "حفتر" صادرات النفط من الموانئ الخاضعة لسيطرته، مما قلص صادرات النفط الليبية بأكثر من النصف.

لكن هل يريد "حفتر" حلا سياسيا أم عسكريا؟ حسنا، قال "جاويش أوغلو" خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إن "حفتر أظهر حتى الآن أنه يريد موقفا عسكريا. ويجب عليه العودة فورا إلى خط الحل السياسي، واتخاذ خطوات ملموسة وإيجابية تتماشى مع نداءات المجتمع الدولي بالهدوء على الأرض".

وفي 20 يناير/كانون الثاني، قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، إن أنقرة لم تنشر بعد القوات التركية في ليبيا، بل فقط مستشارين عسكريين ومدربين.

وبينما ذكرت تقارير إعلامية أن أنقرة تنقل مقاتلين سوريين إلى ليبيا، نفى العديد من المسؤولين الأتراك ذلك.

وقال "أسلي أيدينتاسباس"، الزميل البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن أنقرة أعربت بقوة عن دعمها لحكومة طرابلس، وبعد الاتفاقات الثنائية في نوفمبر/تشرين الثاني، كان من المرجح أكثر أن تدافع عن "السراج" ضد الهجمات المستقبلية.

وقال أحد المراقبين: "إذا صدقت الأخبار، فقد واصل بعض المؤيدين الأجانب لحفتر إرسال الأسلحة له خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما أدى إلى الاعتقاد بأن لا أحد لديه نية للتراجع عن الجانب العسكري للأزمة".

وأضافت: "بعبارة أخرى، قد نتجه إلى جولة أخرى من القتال. آمل أن أكون مخطئا".

كما أشار "أيدينتاسباس" إلى استمرار التعاون التركي الروسي فيما يتعلق بالصراع في أعقاب انهيار محادثات السلام في موسكو الأسبوع الماضي.

وعلى الرغم من أن أنقرة وموسكو تدعمان الجانبين المتعارضين في النزاعين الليبي والسوري، فإن المسؤولين تمكنوا من "تجزئة" الخلافات والحفاظ على التقارب في العلاقات، وهو الأمر الأكثر وضوحا في امتلاك تركيا لمنظومة صواريخ "إس-400" والتعاون في مشاريع الطاقة.

وقال "أيدينتاسباس": "لم يسبق لهذا مثيل حقا. وهو أمر يخبرنا كثيرا عن العالم الجديد الذي يتشكل، حيث يخسر الغرب الكرة حتى في ملاعب النزاعات التي هي على أبوابه".

وعلى الرغم من استمرار الانتهاكات لوقف إطلاق النار من قبل الجانبين في ليبيا، قال "أونوهيساركلي" إن جولات متعددة من المحادثات الدبلوماسية قد زادت من نفوذ أنقرة الإقليمي، وهو ما سيتعين على المسؤولين استخدامه بحنكة.

وأضاف: "أعتقد أن تركيا ستستفيد إذا اختارت استخدام نفوذها لتحسين التعاون، لا سيما مع ألمانيا وأيضا مع الدول الأوروبية الأخرى. لكن إذا نظرت أنقرة إلى ذلك على أنه انتصار، ورأت في ذلك أساسا للتصرف من جانب واحد، حينها أعتقد أنها ستكون قد أضاعت هذه الفرصة".

المصدر | دييجو كابولو/ المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأزمة الليبية العلاقات الليبية التركية قوات حفتر حكومة الوفاق الليبية

بروكينجز: ماذا بعد مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية؟

أردوغان يبدأ جولة أفريقية: عازمون على تعزيز علاقتنا بدول القارة

قناة العربية: بارجتان تركيتان تنزلان جنودا وآليات بميناء طرابلس الليبي

قوات حفتر تتحدث عن إنزال تركي بليبيا: انتهاك للهدنة