أوراسيا ريفيو: صفقة القرن تمنح روسيا فرصة تاريخية

السبت 1 فبراير 2020 12:01 م

هل (إسرائيل) حكر على أمريكا؟ في نواح كثيرة، نعم. لقد كانت تل أبيب تفلت من العقاب دائما بفضل واشنطن، فضلا عن الدعم المالي من قبل الولايات المتحدة. لكن واشنطن فشلت، من خلال القرار الأخير الذي خطط له "جاريد كوشنر" مستشار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وصاغه رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته "بنيامين نتنياهو".

بالنسبة للأنظمة العربية، بعضها حضر إعلان الصفقة (الإمارات، البحرين، عمان) والبعض "حث على التفاوض" (مصر، السعودية، قطر). يقال للفلسطينيين: "خذوا هذا أو اخسروا كل شيء. ستستمر مستوطنات الضفة الغربية على قدم وساق، مع أو بدون صفقة".

رفضت تركيا وتونس والأردن فقط ذلك؛ حيث حذر وزير الخارجية الأردني "أيمن الصفدي" من "العواقب الخطيرة للتدابير الإسرائيلية الأحادية الجانب التي تهدف إلى فرض حقائق جديدة على الأرض".

تعتمد الصفقة على قنبلة أوسلو الموقوتة، التي قبل الاحتلال فيها أساسا بإنشاء المنطقة "أ" (تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة)، ومنطقي "ب" و "ج" (الخاضعتين للسيطرة العسكرية الإسرائيلية) كجزء من دولة (إسرائيل) بالفعل.

لكن (إسرائيل) في الواقع مدينة بالفضل للاتحاد السوفيتي في تأسيسها عام 1948، قبل أن يتحول مؤسسوها، وينضموا إلى الحرب الباردة التي قادتها الولايات المتحدة.

ويعتبر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ودودا للغاية مع القادة الإسرائيليين. فـ20% من الإسرائيليين مهاجرون ناطقون بالروسية. مؤسسو (إسرائيل)، "بن جوريون" و"بيجن"، كانوا شيوعيين. كتب "بن جوريون" قصيدة إلى مؤسس الحزب الشيوعي الروسي وقائد الثورة البلشفية "فلاديمير لينين"، وكان "بيجن" عميلا لوزارة الداخلية السوفيتية. كما أن اللغة الروسية تقريبا لغة مشتركة في (إسرائيل).

يعتبر تدخل روسيا في سوريا، رغم إشكالياته، نجاحا في دحر تنظيم "الدولة الإسلامية". هذا في الواقع إحياء للسياسة الخارجية السوفيتية؛حيث كانت سوريا حليفة للاتحاد السوفياتي وصممت نفسها على "الاشتراكية" في الستينيات والسبعينيات. لقد تخلت (إسرائيل) عن جذورها الاشتراكية منذ زمن طويل، لكن روسيا تحترم من قبل الإسرائيليين. 

لم تنته المعركة من أجل سوريا وليست في مصلحة الهيمنة الإسرائيلية. روسيا حليفة لإيران هناك، في مواجهة (إسرائيل). لقد فقدت كل من روسيا و(إسرائيل) طائرات بسبب تدخل (إسرائيل). تتصرف (إسرائيل) ضد القوات الإيرانية دون عقاب نسبيا. 

  • إحياء سياسة السلام السوفيتية

تلعب روسيا دور الوساطة والموازنة في مقابل الولايات المتحدة و(إسرائيل) وتركيا، بينما كلهم يتابعون أجنداتهم الحربية. يبدو الآن كما لو أن نظام "بشار الأسد" سينجو وأن سوريا ستكون قادرة على إعادة الإعمار (الصين مستعدة)، على الرغم من موقف تركيا و(إسرائيل) والولايات المتحدة.

والخطوة التالية هي جلب بعض مظاهر السلام إلى فلسطين. لماذا لا يعتبر مسار "بوتين-نتنياهو–عباس (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)" بمثابة "صفقة القرن"، على الرغم من أنه لن يكتبها "نتنياهو" أو زعيم المعارضة الإسرائيلية "بيني جانتس"، وتفتقر إلى الأنا التي كان عليها "ترامب".

يستند الحل الروسي إلى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية لعام 2002، وينبغي أن يشمل:

  • نهاية المستوطنات والمفاوضات حول ما يجب القيام به مع المستوطنات القائمة.
  • شكل من أشكال الاتحاد يسمح لبقاء القدس كمدينة سلام مشتركة.
  • حدود مفتوحة.

سيتطلب ذلك نزع سلاح المستوطنين وإزالتهم إذا لزم الأمر، أو على الأقل مبادلة في الأراضي. من المحتمل أن يكون حل الدولة الواحدة، ممكنا عندما تواجه (إسرائيل) خطاياها، ويتم قبولها أخيرا كجزء من المنطقة الجيوسياسية على أساس المساواة، وليس الإرهاب والحرب.

سواء كانت تسمى بالدولة اليهودية أم لا، فهي نقطة خلافية، طالما يتم معاملة جميع المواطنين على قدم المساواة. "بيروبيجان" هي منطقة يهودية ذاتية الحكم في الاتحاد الروسي على الرغم من أن 4% فقط من المواطنين هناك يهود. سواء كانت  (إسرائيل-فلسطين) 40% أو 60% يهودية فهي ليست مشكلة. 

ويعتبر "بوتين" في لحظة تاريخية فريدة فهو زعيم قوي، ومتعاطف مع محنة اليهود في الحرب العالمية الثانية، ويحترم (إسرائيل) كدولة قوية (تماما كما كان الزعيم السوفيتي السابق "جوزيف ستالين" يحترم دولة "أدولف هتلر" الألمانية القوية في الثلاثينيات). لكن الأهم من ذلك هو أنه يمتلك أيضا الإرث السوفيتي لدعم ثورة العالم الثالث ضد الإمبريالية، وهي نفس الروح التي تلهم الفلسطينيين ومؤيديهم اليوم.

  • جذور الصداقة الروسية الفلسطينية

ينظر الفلسطينيون إلى روسيا كحليف من نوع ما له علاقة مع "حماس" وينتقد (إسرائيل) لمستوطناتها واضطهادها. في هذه الأثناء، تعمل (إسرائيل) بفارغ الصبر مع روسيا، كما شوهد في احتفال المحرقة في القدس في يناير/كانون الأول؛ حيث بكى وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، وحظي خطاب "بوتين" بأعلى درجات الاحترام.

تم الاعتراف بروسيا هناك كمحرر حقيقي لليهود في الحرب العالمية الثانية، على عكس الاحتفالات في الغرب التي تلعب دور الولايات المتحدة وبريطانيا كمحررين في أوروبا، وتعيد كتابة التاريخ بشكل مختلف.

"نتنياهو" ذكي يضغط على الأزرار الصحيحة، لا يخاف من إغفال شأن بولندا، التي لم تقبل قط بقتل اليهود على يد البولنديين تحت موافقة المحتلين الألمان.

من الممكن وجود يد قوية في مصارعة صفقة مع (إسرائيل). يحظى "بوتين" باحترام من كلا الجانبين، وليس لديه الحق في التغاضي عن المستوطنات وتمويلها؛ فهو ليس ملكا للوبي (إسرائيل) على الرغم من أن وسائل الإعلام الروسية موالية لـ(إسرائيل) بشكل موحد.

بالطبع، مع وجود "ترامب" في منصبه، لن يتحرك أي اقتراح روسي. اللجنة الرباعية للشرق الأوسط (الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، التي تأسست عام 2002)، والتي تهدف إلى التوسط في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، يمكن إنعاشها في وجود أي شخص إلا "ترامب".

ومثلما تسبب التدخل الروسي الجاد في سوريا في هزيمة تنظيم "الدولة" واستقرار دولة سوريا، فإن روسيا التي تقود خطة واقعية، مستعدة لمواجهة حفنة من المتعصبين من المستوطنين، ويمكن أن تعيد تمهيد الطريق للتقدم.

المصدر | اريك والبيرغ/أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن محمود عباس بنيامين نتنياهو العلاقات الروسية الإسرائيلية العلاقات الفلسطينية الروسية

أوراسيا ريفيو: صفقة القرن تتعثر في شباك التذاكر

عباس يقطع كل العلاقات مع أمريكا وإسرائيل بما فيها الأمنية

خطة ترامب للسلام تدفع الأردن للمناورة والبحث عن حلفاء جدد

الكرملين: صفقة القرن تتناقض مع قرارات الأمم المتحدة

لماذا تسعى روسيا للانخراط بقوة في القضية الفلسطينية؟