كورونا يفضح تأثير العبث بمخصصات الصحة في الدول العربية

الأربعاء 18 مارس 2020 10:02 م

"الأوبئة لا تدمر المجتمعات لكنها تكشف نقاط ضعفها، وفيروس كورونا كشف عن آثار التخفيضات المتتالية في ميزانيات الصحة؛ ما ترك الخدمة الصحية قليلة الموارد وغير جاهزة للوباء".

كانت هذه الكلمات للناشط في مجال الصحة العامة في بريطانيا "ديارميد ماكدونالد"، والتي أوردها خلال مقاله بصحيفة "الجارديان"، مؤكدا أن "كورونا" سلط الضوء على ضعف قاتل للنظام الصحي في بلاده.

ووفق الإحصاءات الرسمية، سجلت بريطانيا 1.950 إصابة بـ"كورونا"، و71 حالة وفاة فيما تماثل للشفاء 65 حالة، بينما لا يزال هناك حوالي 20 إصابة في حالة خطرة.

وبحسب مؤشر التنافسية العالمي، سجلت بريطانيا تراجعا في مؤشر الصحة لتصل للمرتبة الـ 33 عالميا.

ودعا "ماكدونالد"، في مقاله، إلى إعادة النظر في نظام صناعة الأدوية الحالي الذي يعتمد على الربح، دون الاكتراث بالناس، مؤكدا أن محاولة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" التي وصفها بالمخزية لشراء لقاح مضاد لفيروس "كورونا" تطوره ألمانيا، تسلط الضوء على ضرورة أن يضع صناع الأدوية المصلحة العامة للبشر كأولوية على الربح المادي.

واعتبر أن تقليص الرعايا الصحية، بالإضافة إلى جشع شركات الأدوية، تترك الأشخاص الأكثر ضعفا ممن ليس لديهم القدرة المالية أو المسنين أو المهاجرين أو السجناء، فريسة سائغة لفيروس "كورونا" غيره من الأمراض والأوبئة.

وأصاب "كورونا" أكثر من 200 ألف شخص حول العالم، وتسبب في أكثر من 8000 حالة وفاة أغلبها في الصين وإيطاليا وإيران وإسبانيا.

واستشهد "ماكدونالد" بما قاله مؤخرا مؤرخ الطب "فرانك سنودن" في مقابلة مع موقع "نيويوركر" حيث أكد أن "الأمراض الوبائية ليست أحداثا عشوائية تبتلي بها المجتمعات دون إنذار ولكن الحقيقة أن كل مجتمع يظهر نقاط ضعفه".

واللافت أن ما جاء على لسان الناشط الصحي البريطاني أو المؤرخ الطبي الأمريكي يكاد ينطق على العديد من الأنظمة العربية التي عمدت خلال السنوات الماضية لتقليص مخصصات قطاعي الصحة والتعليم بالمخالفة حتى لدساتيرها بعضها في بعض الأحيان لحساب قطاعات أخرى، وترك مواطنيها في نهاية المطاف عرضة للنهش من الفيروس القاتل، رغم الزيادات غير الفعالة والمتأخرة لبعض تلك المخصصات مؤخرا.

مصر

ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أن الحكومة المصرية تراجع أدائها في مؤشر الصحة بنحو 5 مراكز حيث أصبحت في المرتبة الـ 104 من أصل 141 دولة حول العالم، مسجلة 65 نقطة من 100، وفقا لمؤشر التنافسية العالمي.

ووفقا لتقارير رسمية، سجلت مصر، حتى مساء الثلاثاء 196، إصابة بفيروس "كورونا"، و6 حالات وفاة، فيما تعافي من الإصابة بالفيروس 26 حالة، وتواجه الحكومة المصرية اتهامات بالتعتيم على الأرقام الحقيقة للإصابة بفيروس "كورونا"، حيث تشير تقارير دولية إلى أن الإعداد تتجاوز عدة آلاف.

وفى يوليو/تموز الماضي، أفادت تقارير صحفية أن الحكومة المصرية خالفت الدستور المصري بتقليص الإنفاق على الصحة والتعليم إلى ما دون النسبة الدستورية، وهو الأمر الذي أكده أيضا تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أفاد أن القطاعيين السابقين لم يستفيدا من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي استهدف تحسين أداء القطاعات الخدمية خلال السنوات الماضية.

وأوضح البنك الدولي، في تقرير حديث حمل عنوان "مرصد الاقتصاد المصري يوليو 2019"، أن مخصصات الرعاية الصحية والتعليم انخفضت في الموازنة المصرية، إذ تراجع الانفاق على التعليم من 3.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في 2016 إلى 2.5% في 2018 وصولا إلى 2.2% في الموازنة الجديدة.

وينص دستور عام 2014 في مصر في المادة رقم (18) على أن" تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية".

يذكر أن مصر عانت خلال السنوات الثلاث الماضية من أزمة تضاعف سعر الدواء بسبب قرار تعويم الجنية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ما أضعف القدرة الشرائية لعديد الشرائح في المجتمع المحلي.

سوريا

وفقا لميزانية 2019 التي أقرها رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، فإن حصة الفرد السوري من خدمات الصحة في موازنة 2019 لم تتجاوز سوى بضعة آلاف معدودة من الليرات، حيث جرى رصد مبلغ 226 مليار ليرة، أي ما يعادل نحو 611 مليون دولار فقط، للإنفاق على الصحة.

وبتقسيم هذه المخصصات الحكومية على عدد الأفراد المتواجدين داخل سوريا، والمقدرين بحوالي 18 مليون نسمة، لن تبلغ الحصة السنوية للفرد في داخل سوريا خلال عام 2019 أكثر من 14551 ليرة، أي نحو 33 دولاراً للفرد.

وتشير هذه الأرقام إلى أن حصة الفرد من إنفاق الصحة قد انخفضت عن مستوى عام 2010 بنسبة 21%، عندما كانت حصة الفرد السنوية من الإنفاق على الصحة تقارب 42 دولارا سنويا.

ولم يتضمن مؤشر التنافسية العالمي، أي ذكر لسوريا، فيما لم يصدر عن النظام أي تفاصيل عن إصابات بفيروس "كورونا".

غير أن المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، "ريك برينان" أكد أن المنظمة ستبدأ، في وقت لاحق من هذا الأسبوع، إجراء اختبارات للكشف عن فيروس "كورونا" في شمال غربي سوريا، الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة.

 وأضاف أنه يشعر"بقلق بالغ" من انتقال الفيروس إلى منطقة دمرت الحرب الأهلية النظام الصحي فيها.

وبدأ النظام السوري في تنفيذ اختبارات للكشف عن "كورونا" في باقي أنحاء البلاد على الرغم من أنها لم تبلغ منظمة الصحة العالمية بعد بأي حالات إصابة.

العراق

بسبب التوترات السياسية والاحتجاجات التي أدت إلى استقالة حكومة "عادل عبدالمهدي"، تعطل إرسال مشروع موازنة عام 2020 إلى البرلمان، غير أن تصريحات سابقة لوزير الصحة العراقي "علاء العلوان"، كشفت ضعف مخصصات الصحة في الموازنة السابقة.

واعتبر الوزير العراقي أن المبالغ المقترحة للصحة في مشروع الموازنة ضئيلة جدا، مؤكداً أن متوسط الإنفاق الصحي على الفرد العراقي في موازنة عام 2019 يبلغ أقل من 10% مما يحصل عليه الفرد في معظم الدول العربية.

وسجل العراق، الذي كان خارج قائمة الدول المصنفة ضمن مؤشر التنافسية العالمية لعام 2019، 21 إصابة مؤكدة بفيروس "كورونا" الجديد، وحالة وفاة واحدة، وفق بيانات وزارة الصحة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وزارة الصحة المصرية وزارة الصحة والسكان منتدى التنافسية العالمي منتدى التنافسية ضعف القدرة التنافسية تقرير التنافسية العالمية

إصابات جديدة بكورونا في الكويت وفلسطين ولبنان وتونس

هل يشعل كورونا شرارة ربيع عربي ثان؟

وزراء الصحة العرب يقرون مقترحا مصريا لموجهة كورونا.. تعرف عليه