اتهامات متبادلة.. كورونا يثير الخلاف بين أجهزة الدولة في مصر

الاثنين 23 مارس 2020 02:50 م

يبدو أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) لم يعد يشكل خطرا على حياة المصريين فحسب، بل وصل الأمر إلى أثارته ما يمكنه وصفه بحالة من الفتنة بين مؤسسات وأجهزة الدولة المصرية التي تشهد حاليا حالة من الارتباك في التعامل مع الوباء القاتل الذي سجل حتى الآن 327 إصابة، و14 حالة وفاة، بينما تعافى 56 شخصا من المرض.

ولم تتوقف هذه الفتنة داخل الحدود المصرية، حيث تسببت تصريحات لوزيرة الصحة المصرية، بشأن تسجيل حالات إصابة بـ"كورونا" لأشخاص عائدين من العمرة في السعودية، غضبا في المملكة على مواقع التواصل الاجتماعي.

يأتي ذلك وسط اتهامات لمصر بالتكتم ومحاولة إخفاء الأرقام الحقيقة للمصابين بالفيروس الذي أودي بحياة أكثر من 15 ألف شخص، وأصاب أكثر من 350 ألف شخص حول العالم، وذلك رغم تأكيد الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، الأحد، أن مصر تتعامل بشفافية تامة مع المرض.

المخابرات والشرطة

وخلال الأيام الماضية، تم توجيه اتهامات للحكومة للمصرية (من الداخل والخارج) بالبطء الشديد في اتخاذ قرارات وإجراءات صارمة لمكافحة تفشي الفيروس، على غرار ما أقدمت عليه دول بالمنطقة مثل السعودية والأردن والكويت.

وبخلاف ذلك، يبدو أن نداءات الحكومة للشعب فيما يتعلق بالتدابير الاحترازية للوقاية من الفيروس فشلت فشلا ذريعا لا سيما في الاحياء الشعبية التي بدت خارجة عن السيطرة بسبب اعتماد الكثير من قاطنيها على الدخل اليومي لتوفير احتياجاتهم الأساسية ما صعب من مهتمهم في الالتزام بخطط العزل.

ونتيجة مباشرة لذلك، وفى خطوة متأخرة، اتخذت الحكومة عدة إجراءات من بينها غلق مساجد (وزارة الأوقاف) والجامع الأزهر، بجانب الكنائس (الأرثوذكسية والكاثوليكية).

وطالت قرارات الإغلاق الجامعات والمعاهد العليا بمختلف أنواعها، وجرى تأجيل امتحاناتها إلى ما بعد نهاية شهر مايو/أيار المقبل، كما تم إغلاق المتاحف وجميع المناطق السياحية، وإلغاء كافة الفعاليات الدينية.

وفى هذا الصدد نقل موقع "العربي الجديد" عن مصدر مطلع، أن القرارات السابقة كانت متخذة وجرى الاتفاق عليها بالفعل منذ نهاية الأسبوع الماضي، ضمن حزمة الآليات البديلة والممهدة لقرار حظر التجول الكلي أو الجزئي المرتقب في البلاد.

ووفقا للمصدر ذاته، فإن قيادات في المخابرات العامة وجهت انتقادات لاذعة إلى الشرطة، واتهمتها بالتراخي في تطبيق قرار إغلاق المقاهي وأماكن التجمع الأخرى من السابعة مساءً وحتى السادسة صباحاً، وعدم تنفيذ القرار بالمرة في بعض المناطق في صعيد مصر.

ووفقا لرؤية القوات المسلحة؛ فإنه من الصعب عليها إدارة أزمة تفشي كورونا بمفردها، في ظل تراخي وزارة الداخلية، التي سارعت، بعد ساعات قليلة من هذه الانتقادات، إلى التحرك بشكل فوري لمتابعة تنفيذ تلك الإجراءات الصارمة على الأرض.

الرئاسة والأزهر والكنسية

وفى إطار مسلسل الأزمات المتواصلة بين الرئاسة والأزهر، والذي بدأ مع رفض شيخ الأزهر "أحمد الطيب"، إصدار حكم شرعي بتكفير تنظيم "الدولة الإسلامية" وأتباعه في مصر، ثم رفضه الموافقة على مشروع "السيسي" الذي يشترط توثيق الطلاق قبل وقوعه، جاءت أزمة كورونا لتزيد الأمور تعقيدا بين الطرفين.

ووفق تقارير إعلامية، فإن آخر حلقات الشد والجذب بين بين "الجنرال" و"الإمام"، كانت بسبب فيروس كورونا والذي جاء تفشيه في مصر بالتزامن مع الاحتفال بمرور عقد على تنصيب الأخير شيخا للأزهر وسط تجاهل تام من وسائل الإعلام المصرية للحدث بأوامر من جهاز المخابرات العامة.

وفى هذا السياق، عزا مصدر مطلع بالمشيخة، السبب في حالة الحصار الإعلامي التي يتعرض لها "الطيب" إلى الإحراج الذي تسبب فيه للدولة عندما أعرب صراحة عن الاستعداد لإصدار بيان بوجوب إلغاء صلاة الجمعة في المساجد.

ووفق للمصدر؛ فإن قرار شيخ الأزهر بالموافقة على إلغاء الصلوات جاء بالتزامن مع رفض الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، وعلى رأسها البابا "تواضروس الثاني"، إلغاء الصلوات المسيحية وطقوس التناول، وهو موقف ظلت الكنيسة متشبثة به حتى صباح السبت، وفقا لمصادر "العربي الجديد".

وبناء على هذا الرفض كان من الصعب على الدولة أن تقرر إلغاء صلاة الجمعة في المساجد بينما يذهب المسيحيون إلى الكنائس لحضور القداس وطقس التناول.

وبحسب المصدر ذاته، فإن الأزهر وضع الدولة في موقف صعب بعد إعلان موقفه في موضوع صلاة الجمعة، وألقى الكرة في ملعب الدولة التي استغرقت وقتا طويلا نسبيا حتى تستطيع أن تغير موقف الكنيسة.

وزيرة الصحة والسعودية

وفى تطور جديد لأزمة كورونا، ولكن خارج حدود الدولة المصرية هذه المرة، أثارت تصريحات وزيرة الصحة "هالة زايد"، عن تسجيل حالات إصابة بفيروس كورونا لأشخاص عائدين من العمرة في السعودية، غضبا سعوديا على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما وأن المملكة كانت من الدول التي سارعت في اتخاذ إجراءات وتدابير صارمة للوقاية من فيروس كورونا.

والجمعة، وخلال مداخلة تلفزيونية على قناة "إم بي سي مصر"، قالت "زايد" إنه تم تسجيل 30 حالة مُصابة بكورونا الخميس الماضي كانوا عائدين من العمرة، بخلاف 15 حالة في يوم الجمعة".

وطالبت "زايد" المواطنين العائدين من العمرة بضرورة الجلوس في المنزل مدة لا تقل عن 14 يوما.

وقوبلت تصريحات "زايد" باستنكار سعودي واسع على مواقع التواصل في المملكة، بل وأعاد البعض توجيه الاتهامات الغربية لمصر بأنها كانت مُصدرة للفيروس وساعدت في انتشاره بسبب تعتيمها على الرقم الحقيقي للإصابات.

واستند منتقدو تصريحات الوزيرة المصرية إلى أن السعودية أعلنت تعليق الدخول إلى المملكة لغرض أداء مناسك العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف بشكل مؤقت، في 27 فبراير/شباط الماضي، أي منذ نحو شهر كامل.

ظهور "السيسي"

وفى أول حديث له عن الأزمة بعد تكهنات عديدة وراء سبب غيابه، استنكر الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، في كلمة متلفزة، حالة التشكيك في كفاءة إجراءات بلاده لمحاصرة الفيروس، مشددا على التعامل بشفافية وإصدار بيانات تعكس الواقع.

وقال "السيسي" إن الفيروس أوجد "أزمة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية المعاصر، منتشرا في 177 دولة، وإن العالم بعده سيكون مختلفا عن العالم قبله".

وأضاف أن مصر اتخذت إجراءات احترازية علمية بشكل فوري تجاه الفيروس، عقب بدء الأزمة في الصين، مشددا على "ضرورة التعامل بحسم مع الفيروس، ليس من باب التخويف، ولكن للخروج بسلام".

وتابع أن إجراءات بلده مرتبة ومنظمة وغير مسبوقة، وليس هناك إخفاء لأي شيء، مستنكرًا "حالة التشكيك"، رغم التعامل بشفافية وإصدار بيانات تعكس الواقع.

وخاطب المصريين قائلًا: "نقعد أسبوعين ملتزمين (ولا بد من) مزيد من الالتزام والمسؤولية والجدية والانضباط والحذر، فلا نريد لحجم الإصابات أن تزيد"، معقبا "لطف الله حتى الآن بمصر والإجراءات العلمية والاحترازية الحقيقية التي قامت بها الدولة، حالت دون انتشار المرض".

 

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا إصابات كورونا وفيات كورونا خسائر كورونا تداعيات كورونا

مصر.. القبض على سيدة واتهامها بالترويج لانتشار كورونا

تقارير متواترة حول وفاة لواءين آخرين بالجيش المصري بكورونا

السيسي يناشد المصريين الالتزام بإجراءات مكافحة كورونا

5 وفيات و39 إصابة جديدة بفيروس كورونا في مصر