نيويورك تايمز: كورونا غيّر طبيعة البحث العلمي بشكل غير مسبوق

الخميس 2 أبريل 2020 02:44 م

اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن فيروس "كورونا" المستجد غير طبيعة البحث العلمي بشكل غير مسبوق في التاريخ.

وقالت الصحيفة في تقرير لها تحت عنوان: "كوفيد-19 غيّر الكيفية التي يتعامل بها العلم بشكل شامل"، إن إدارة الرئيس "دونالد ترامب" ونظيرتها الصينية استخدمت أغراضا مغلفة بالأعلام الوطنية والمصطلحات العسكرية وقدمتا البحث للتوصل إلى علاج لفيروس "كورونا" على أنه "واجب قومي"، ما زاد من الحديث عن "سباق عسكري بيوتكنولوجي".

وأبدى الباحثون العلميون حول العالم دهشتهم، حيث قال "جوناثان هيني" من جامعة كامبريدج والذي يعمل على تطوير لقاح لـ"كورونا": "هذه سخافة بالمطلق"، وأضاف "أدريان هيل" مدير معهد جينر في أكسفورد: "ليس بهذه الطريقة تحصل الأمور".

وفي الوقت الذي قام فيه الساسة بإغلاق الحدود، سارع الباحثون العلميون لتحطيمها، ما أدى إلى خلق تعاون دولي لم يحدث مثله في التاريخ.

فلم يحدث من قبل أن ركّز الباحثون العلميون في كل أنحاء العالم على موضوع علمي واحد وبدافع من الحاجة الماسة، تاركين بقية الأبحاث في المواضيع الأخرى معلقة.

وتخلى الباحثون عن فكرة السبق البحثي وتعاونوا من خلال توفير نتائج أبحاثهم ودراساتهم على الإنترنت قبل أشهر من صدور المجلات العلمية التي ستنشر فيها.

وحدد الباحثون وشاركوا ما كشفوه من الجينات الفيروسية، وتم الإعلان عن 200 تجربة سريرية وبتعاون مستشفيات ومخابر علمية من كل أنحاء العالم.

ويقول "فرانسيسكو بيرون" الذي يقود التجارب على فيروس "كورونا" في إيطاليا: "لم أسمع أبدا العلماء الحقيقيين المعروفين بسمعتهم الأكاديمية يتحدثون من خلال انتماءاتهم الوطنية، بلدي بلدك، لغتي لغتك، مكاني الجغرافي ومكانك الجغرافي أمور بعيدة عن العلماء البارزين".

ففي أحد الأيام، اكتشف الباحثون العلميون في جامعة بيتسبرج، أن "نمس تجارب" تعرض للإصابة بـ"كوفيد-19".

وفي الظروف العادية كان الباحثون سيتعاملون مع النتيجة ويبدأون العمل على مقال لمجلة علمية محكمة.

وعلق "بول دابريكس" عالم الفيروسات الذي يقود أبحاث الجامعة لتطوير اللقاح: "هل تعرف أن نشر ورقة بحثية يحتاج لوقت".

وقرر في غضون ساعتين نشر نتائج بحثه ومشاركة الباحثين العلميين حول العالم بها، واستخدم منظمة الصحة العالمية كوسيلة للإعلان عن النتيجة: "هذا أمر مريح، حسنا وتتحدث عن النقطة الرئيسية، وتصبح جزءا من عملية دولية".

ماركة "صنع في أمريكا"

وبالنسبة لـ"ترامب" وأيديولوجيته "أمريكا أولا" فباحثون مثل "دابريكس" يمثلون الأمل الأكبر ويعبرون عن قدرة أمريكا العلمية "أمريكا ستتوصل إليه" أي اللقاح.

لكن محاولة وضع ماركة "صنع في أمريكا" على بحث عملية معقدة.

فمختبر "دابريكس" في بيتسبرج يتعاون مع معهد باستور في باريس وشركة أسترالية اسمها "تيميسب بيوساينس".

وحصلت المجموعة هذه على تمويل من ائتلاف الوباء للجاهزية والإبداع النرويجي، والذي تموله مؤسسة "ميلندا جيتس"، فيما تقوم مجموعة من الحكومات بالحديث مع معهد سيروم في الهند، الذي يعتبر من أكبر مصنعي اللقاحات في العالم.

واستخدم الباحثون في أوكسفورد قبل فترة، نتائج فحص على الحيوانات أشركهم بها المعهد الوطني الصحي في روكي ماونتين بولاية مونتانا.

وفي إطار منفصل، دعم مركز بحث صحة عامة فرنسي تجارب سريرية على علاج يمكن أن يساعد بعلاج "كوفيد-19" وتمت التجارب في فرنسا بخطط لتوسيعها إلى دول أخرى.

ورأى التقرير أن رد البحث العلمي على فيروس "كورونا" يعكس طبيعة مجتمع الباحثين العلميين الذي كان دوليا في جوهره.

ويقوم فريق من الأطباء من جامعة هارفارد بفحص فعالية تنشق أكسيد النتريك على مرضى فيروس "كورونا" بمستشفى ماساتشوستس العام.

ويتم إجراء البحث بالتزامن مع مستشفى جي ينج بالصين، ومستشفيين آخرين بإيطاليا، ويتعاون الأطباء في هذه المستشفيات منذ عدة سنين، لكن انتشار الفيروس حفز التعاون الدولي بطريقة غير مسبوقة.

ويعكس هذا التعاون مدى انتشار المرض، وأن الوباء لم يعد محصورا في قرية بعيدة، بل أصبح في قلب المدن والبلدان بالمجتمعات المتقدمة.

ويقول "هيل" من أوكسفورد: "هذا يحدث قريبا من البيت"، وعمل "هيل" على تطوير لقاح لمعالجة فيروسات "إيبولا"، و"الملاريا"، و"السل"، وهي أمراض انتشرت في أفريقيا و"كوفيد-19 يحدث الآن هنا".

ويرى عدد من الباحثين أن أقرب مقارنة للتعاون الدولي في فيروس "كورونا"، هي ما حدث أثناء انتشار الإيدز في التسعينات من القرن الماضي، حيث تعاون الباحثون العلميون من كل الأقطار لمواجهته.

لكن التكنولوجيا اليوم والمساحة المتوفرة للمعلومات والمشاركة فيها تجعل من المقارنة هذه قاصرة، ومن الناحية العملية فليس لدى العلماء أي خيار سوى دراسة الفيروس إن كان عليهم مواصلة عملهم.

ولم تعد المخابر الأخرى عاملة بسبب التباعد الاجتماعي والإغلاقات العامة، وطلب الشركات من موظفيها العمل من البيت.

تراجع السرية

وأدى الوباء لتراجع السرية التي عادة ما تغلف البحث العلمي، كما يقول أستاذ الطب "ريان كارول" من جامعة هارفارد، والذي يشارك في تجارب لتطوير علاج لفيروس "كورونا".

وعادة ما تكون السرية مهمة للباحثين؛ لأن نتائج البحث تعني تمويلا وترفيعا أكاديميا، ولهذا يحرص الباحثون على إخفاء معلوماتهم، ويعتقد "كارول" أن القدرة على العمل بشكل جماعي ووضع التقدم الأكاديمي جانبا يحدث الآن ذلك أن الأمر يتعلق بالنجاة.

وبحسب الصحيفة، فإن موقعين لأرشفة الأبحاث العلمية وهما "ميدريكس"، و"بيوريكس"، واللذان يتم تخزين الأبحاث العلمية فيهما قبل مراجعتها ونشرها، غُمرا بالأبحاث حول فيروس "كورونا"، ومن كل زاوية في الكرة الأرضية.

وأسهم الباحثون الصينيون، رغم النعرة القومية التي قدمها الرئيس "شي جين بينج" بكم كبير من المقالات والأبحاث.

ورغم تستر الحكومة الصينية على الفيروس، واستخدمت نجاحها في احتوائه كوسيلة للدعاية، لكن الباحثين العلميين في الصين كانوا روادا في مجال البحث لمقاومة الفيروس.

وقام مختبر صيني في يناير/كانون الثاني بتوفير المواد المتوفرة عن الجينات الفيروسية والتي شكلت أساسا للأبحاث والتجارب الأخرى.

وحتى إيران التي تواجه أزمة واسعة لانتشار الفيروس، فقد كتب الباحث في علم الأوبئة بجامعة أوريما "جمال أحمد زاده"، أن العالم بحاجة للتشارك في المعلومات من أجل هزيمة الوباء.

وجلب البحث لمقاومة الفيروس باحثين لا علاقة لهم بعلم الأوبئة، مثل الإيطالي "بيرون" المتخصص أصلا بالمناعة وأبحاث السرطان، وتم تعيينه لمتابعة تطوير اللقاح نظرا لتجاربه الناجحة في المعهد الوطني للسرطان بنابولي.

ويقول إن الطوارئ البحثية لمواجهة فيروس "كورونا" قد تجعل من العلوم الطبية أكثر ذكاء حتى بعد نهاية الأزمة.

وفي الوقت الذي تفاخر فيه "ترامب" بقوة الصناعة الدوائية الأمريكية خاصة "بيفزر"، و"جونسون أند جونسون"، لكن هذه الشركات وغيرها تعول على إنتاج لقاح تصنّعه بكميات كبيرة وتنتجه بشكل دائم على منافع قصيرة الأمد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا مكافحة كورونا

كورونا.. حصيلة قياسية للوفيات في أمريكا وتواصل النزيف بأوروبا

عمدة نيويورك: غطوا وجوهكم بـ"سكارف أو باندانا" لمواجهة كورونا

تستضيفه الأردن.. مشروع بحثي يجمع علماء من تركيا ومصر وإيران وإسرائيل وفلسطين