في خطوة اعتبرت بمثابة انتصار محدود لإيران، كلف الرئيس العراقي "برهم صالح" رئيس جهاز المخابرات الوطني "مصطفى الكاظمي"، بتشكيل الحكومة الانتقالية إثر اعتذار "عدنان الزرفي".
وأفادت تقارير عراقية، الخميس، بوصول الكاظمي إلى قصر السلام في بغداد لتكليفه رسميا بتشكيل الحكومة.
وجاءت خطوة تكليف "الكاظمي" بعدما حظي بدعم مفاجئ في الساعات الأخيرة من قوي عراقية بارزة.
والأربعاء، أعلن تحالف "القوى العراقية" دعمه تشكيل حكومة يرأسها "الكاظمي"، في تغيير لموقفه الذي دعم في البداية "الزرفي".
و"التحالف" هو أكبر تكتل للقوى السنية في البرلمان (40 مقعدا من أصل 329)، ويتزعمه رئيس البرلمان "محمد الحلبوسي".
كما رحبت رئاسة إقليم كرستان العراق بترشيح "الكاظمي" لمنصب رئيس الوزراء، ودعت في بيان جميع القوى السياسية إلى تجاوز الخلافات ودعم الرجل لتشكيل الحكومة وبأسرع وقت ممكن.
ومطلع الشهر الماضي، ربطت تقارير إعلامية زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، "إسماعيل قآني" إلى العراق، بتراجع حظوظ "الزرفي"، في تشكيل الحكومة؛ حيث أجري الأول حوارات مع عدد من الكتل السياسية في هذا البلد العربي لتشكيل الحكومة المقبلة.
ووفق التقارير، سعي "قآني"، من خلال لقاءاته مع القيادات الشيعية في العراق، إلى حثهم على اختيار بديل لـ"الزرفي".
وأكد "قآني"، أمام تلك القيادات، رفض طهران التدخل في "بورصة الأسماء"، وترك الخيار أمام العراقيين عموما، والبيت الشيعي خصوصا.
غير أنه أبلغ القيادات العراقية رفض بلاده أي مرشح يظهر ويضمر عداءً لها؛ الأمر الذي اعتبر بمثابة إشارة من طهران لأركان البيت الشيعي بتنفيذ آلية انتقاء بديل من المكلف الحالي.
- أسباب داخلية وخارجية
وفى وقت سابق الخميس، أعلن "الزرفي" اعتذاره عن مهمة تشكيل الحكومة المقبلة على خلفية عدم تمكنه من الحصول على دعم القوى السياسية.
وقال "الزرفي"، في مؤتمر صحفي ببغداد: "أشعر بالأسف لما آل إليه التكليف وسط كل الدعم الذي تكلل به من جموع الخيرين".
وأضاف: "أقدم اعتذاري أولا لكل من وضع ثقته بنا منتظرا منا تحقيق ما يصبو إليه الجميع".
وأوضح: "حرصت على المضي قدما في تنفيذ مهمة التكليف المنوطة بي بشرف كبير ومسؤولية عالية، واضعا أمامي هدفا أساسيا مقدسا هو إنقاذ العراق، وعودته لمساره الصحيح بلدا مستقرا ومؤثرا في محيطه العربي والإسلامي والعالمي".
وأردف: "اعتذاري عن الاستمرار بالتكليف مرده الحفاظ على وحدة العراق ومصالحه العليا".
ولفت إلى أن "عدم نجاح تجربة التكليف لأسباب داخلية وخارجية، لن تمنعني من المضي في خدمة الشعب عبر موقعي النيابي الحالي".
- استبدال القوي بالضعيف
ويري مراقبون أن اختيار "الكاظمي"، الذي حظي بدعم مفاجئ من قوي عراقية بارزة، يعد بمثابة انتصار محدود لإيران
ويعتقد المراقبون أنه بالرغم أن "الكاظمي" يُعتبر مقربا من السعودية، لكن اختياره جاء؛ لأنه ضعيف نوعا ما، ولن يستطيع التصدي للميليشيات أو تعطيل أجندة إيران في العراق.
وتابع المراقبون أنه على النقيض من "الكاظمي"، كان ينظر لـ"الزرفي" باعتباره صديقا مقربا لأمريكا، إضافة إلى أنه شخص قوي جدا، وكان من الممكن أن يرهق البيت الشيعي وإيران، مستشهدين في هذا الصدد بتجربته السابقة عندما كان محافظا حين تصدى للتيار الصدري.
وذكر المراقبون أنه في نهاية المطاف جري التوافق من قبل البيت الشيعي وإيران على شخص غير مستفز لأمريكا؛ لتجنب عقوباتها، وفي نفس الوقت لن يمثل تهديدا لهم، بل يمكن شراءه؛ كونه لا ينتمي لأيديولوجيا صلبة.