جيوش الوافدين البيضاء.. التمريض بالخليج في أيدي العمالة الأجنبية

الأربعاء 15 أبريل 2020 09:08 م

تسلط أزمة تفشي فيروس "كورونا" (كورفيد-19)، الضوء على حاجة العالم الماسة لتعزيز قطاع التمريض، كأحد الألوية الرئيسية والخطوط الدفاعية الهامة لمواجهة الأوبئة.

ووفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن العالم سيكون بحاجة إلى 9 ملايين عامل وعاملة إضافيين في مجالي التمريض والقبالة بحلول العام 2030.

ويحتاج الشرق الأوسط لمليون ممرض وممرضة، لموازنة عدد العاملين بالمستشفيات، بعدد السكان والمرضى، وفق مدير قسم تعزيز النظم الصحية بمنظمة الصحة العالمية "عوض مطرية".

وتحتفل دول الخليج، رسما بيوم التمريض الخليجي في 13 مارس/آذار من كل عام، وهو التاريخ الذي يصادف ذكرى غزوة بدر الكبرى في 17 من رمضان للسنة الثانية من الهجرة، حينما قدمت الصحابية الجليلة "رفيدة الأسلمية" أول خدمات للتمريض، لجرحى جيش المسلمين.

قطاع حيوي

يعمل في مجال التمريض حول العالم، ما يقرب من 28 مليون عامل فقط، بينهم 19.3 ملايين ممرض محترف.

ويشكل العاملون في التمريض والقبالة حوالى 50% من القوى العاملة في مجال الصحة عالميا.

ويصل حجم النقص العددي اللازم لتعزيز قطاع الخدمات الصحية العالمي، إلى نحو 6 ملايين ممرض وممرضة.

وقد تتفاقم أزمة النقص في أطقم التمريض، بعد إقرار اثنان من الموردين الرئيسيين لموظفي التمريض على مستوى العالم (الفلبين، الهند)، بوجود نقص كبير محتمل لديهم.

ويظهر النقص الحاد في عدد أطقم التمريض، في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وشرق البحر المتوسط والعديد من بلدان أمريكا اللاتينية، بحسب منظمة الصحة العالمية.

ويكشف تقرير المنظمة بالشراكة مع المجلس الدولي للممرضات، تحت عنوان "حالة التمريض في العالم-2020"، عن وجود ثغرات هامة على مستوى كادر التمريض، منها أن أكثر من 80% من الممرضين والممرضات في العالم يعملون في بلدان تؤوي نصف سكان العالم فقط.

وتفيد إحصاءات المنظمة، أن واحدا من كل 8 ممرضين أو ممرضات يعملون خارج البلد الذي وُلدوا فيه أو تلقوا فيه تدريبهم.

لكن الأخطر هو معاناة القطاع من الشيخوخة، حيث يتوقع أن يتقاعد واحد من كل 6 ممرضين أو ممرضات حول العالم في غضون السنوات العشر المقبلة.

عمالة وافدة

خليجيا؛ يبلغ عدد العاملين في قطاع التمريض بالمملكة العربية السعودية، 185 ألف ممرض وممرضة، 63% من الوافدين، و37% فقط منهم من السعوديين.

وتبلغ نسبة التمريض في المملكة حاليا 54.7 ممرضين لكل 10 آلاف من السكان، بينما تطمح السلطات للوصول إلى معدل 70 ممرض لكل 10 آلاف من السكان بنهاية 2020.

وإلى جانب السعودية، تعاني الإمارات نقصا حادا في الكوادر البشرية المؤهلة للعمل في هذا القطاع.

ويعمل في الإمارات 30 ألف ممرض وممرضة، أغلبهم من الوافدين، مقابل 400 ممرض وممرضة فقط من مواطني الدولة، بحسب "عائشة المهري" رئيس مجلس إدارة جمعية التمريض الإماراتية.

ويبلغ إجمالي الكادر التمريضي العامل في المستشفيات الحكومية، 4200 ممرض وممرضة، نسبة المواطنين الإماراتيين منهم 8% فقط، وفق تصريحات "سمية البلوشي" مديرة إدارة التمريض بوزارة الصحة الإماراتية.

وفي دلالة على النقص البشري الحاد في ذلك القطاع، بلغ عدد من تم تعيينهم في قطاع التمريض عام 2018 فقط 45 من المواطنين، بينما تم تخريج 11 مواطنة ومواطنا في قطاعات التمريض عان 2019.

نقص بشري

وفي الكويت، يبلغ عدد العاملين في قطاع التمريض 22 ألف ممرض وممرضة، بينهم 1360 كويتي فقط، بنسة 5.6%، بحسب بيانات وزارة الصحة الكويتية.

ويبلغ عدد الممرضين من غير محددي الجنسية (البدون)، حوالي 447 ممرضا، ويعاني هؤلاء تدني رواتبهم، والنظرة الدونية لحقوقهم.

ولا يتجاوز عدد خريجي معهد التمريض الكويتي (حكومي)، 50 إلى 60 خريجا سنويا (يحمل شهادة الثانوية التمريضية).

وفي قطر، يبلغ عدد الممرضين والممرضات والقابلات، العاملين في القطاعات الصحية الحكومية والخاصة، 23660 ممرضا وقابلة، أغلبهم من الوافدين.

وتفيد الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في البحرين، بأن عدد الممرضين المرخص لهم بمزاولة المهنة في المملكة يبلغ 10222 ممرضا.

ويستأثر القطاع الحكومي البحريني بـ7589 من القوة البشرية العاملة في مجال التمريض، بينما يعمل 2633 منهم في القطاع الصحي الخاص.

وتصل القوة البشرية التمريضية في سلطنة عمان، إلى ما يقرب من 20000 ممرض وممرضة، منهم 15217 يعملون بالمؤسسات الصحية الحكومية بنسبة توطين بلغت 64%.

نظرة دونية

يعود النقص الحاد في الكوادر البشرية الخليجية في مجال التمريض، إلى النظرة الدونية للمهنة في المقام الأول، ما يحول دون إقبال الذكور والإناث على العمل بها.

ويشكل نظام المناوبات الليلية تحديا كبيرا للممرضات، في مجتمعات ترفض عمل المرأة، وتعتبر تأخرها ليلا، أو مبيتها خارج المنزل أمرا غير أخلاقي.

كذلك يعتبر الاختلاط الذي تفرضه ضرورات المهنة، واحتمالية أن تقدم الممرضة خدمات للمرضى الذكور، مانعا آخر، يدفع الأسر إلى عدم إلحاق بناتهن بهذا المسار التعليمي والوظيفي لاحقا.

إضافة إلى ذلك، يتسبب تدني سلم الرواتب، في عدم انخراط المواطنين بالشكل المطلوب في تلك المهنة، وتركها للوافدين خاصة الأسيويين.

كذلك فإن تزايد ساعات العمل، خلافا لبقية الوزارات والجهات الحكومية، والمخاوف من انتقال العدوى جراء مخالطة المرضى، أمران يجعلان المهنة طاردة للعمالة وليست جاذبة.

مستقبل التوطين

خلال السنوات الأخيرة، تزايدت وتيرة الاتجاه في الخليج نحو تعزيز البنى التحتية في مجال التمريض، من خلال إنشاء معاهد متخصصة، تقدم التدريب في تخصصات طبية نوعية مثل علوم المختبرات، والأشعة، والعلاج الطبيعي.

وتشهد بلدان الخليج طفرة في تقديم منح دراسية للتخصص في مختلف مجالات التمريض في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

ومع إعلان منظمة الصحة العالمية، عام 2020 الحالي "عام الممرضة والقابلة"، تبدو الحاجة ملحة في دول الخليج لتجاوز أبرز التحديات المتعلقة بمهنة التمريض، والعمل على تغيير النظرة المجتمعية للمهنة، مع تقديم حزم تحفيزية لجذب العمالة.

ومن الأهمية القول، إن أزمة "كورونا" تفرض على دول الخليج، اختبارا صعبا، يقضي بأهمية توطين المهنة في المستقبل القريب، باعتبارها العمود الفقري للخدمات الصحية في جميع أنحاء العالم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا.. انخفاض التحويلات المالية يهدد مصر ولبنان والأردن

العمالة الوافدة في قلب الأزمة الصحية في الخليج

ستراتفور: تداعيات الهجرة العكسية للعمالة الوافدة في الخليج