هل يجبر كورونا الجزائر على اتخاذ قرارات اقتصادية تاريخية؟

السبت 18 أبريل 2020 02:45 م

اعتمدت الجزائر على عائدات النفط والغاز لتمويل عدد لا يُحصى من برامج الإنفاق الاجتماعي الواسعة والمكلفة منذ عقود. لكن أداة التنمية الأولية للحكومة مهددة الآن بالانهيار تحت وطأة انخفاض أسعار النفط وتراجع الطلب بسبب وباء "كورونا".

منذ التراجع السابق لأسعار النفط والغاز عام 2014، انخفض احتياطي الجزائر من النقد الأجنبي من 194 مليار دولار إلى 62 مليار دولار فقط في فبراير/شباط من هذا العام. من المرجح أن تستمر الاحتياطيات في النزيف طالما يواصل الوباء الانتشار والضغط على الطلب العالمي على النفط والغاز.

ورغم كونها واحدة من أغنى البلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن ثروة الجزائر تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز، التي تمثل 60% من ميزانية الدولة وتقريبا 94% من عائدات صادرات البلاد.

من خلال تسليط الضوء على ضعفها الشديد تجاه صدمات السوق العالمية، فإن الوباء يزيد من الضغط على الحكومة الجزائرية لتنويع اقتصادها بسرعة. لكن عدم الاستقرار السياسي الذي بدأ منذ العام الماضي، يجعل الحكومة مفتقرة للشرعية الكاملة لتنفيذ إصلاحات الإنفاق الاجتماعي اللازمة.

إنفاق اجتماعي مرتفع

كانت الحكومة الجزائرية في خضم تحول سياسي كبير منذ أن أجبرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة" على الاستقالة في أبريل/نيسان 2019. وخوفا من المعاناة من نفس مصير إدارة "بوتفليقة"، فإن الحكومة الجزائرية الحالية حساسة بشكل خاص تجاه المطالب الاجتماعية.

تراجعت المظاهرات في الشوارع مؤخرا بسبب المخاوف من الوباء. لكن بمجرد انتهاء الأزمة الصحية، فإن التداعيات الاقتصادية الوخيمة المحتملة لهذا الوباء ستحفز موجة أخرى من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

لتفادي إثارة المزيد من الاضطرابات الاجتماعية، ستضطر الحكومة الجزائزية إلى بذل كل ما في وسعها للحفاظ على مستوى الإنفاق الحالي على البرامج الاجتماعية.

دعا الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون" الحكومة مؤخرا إلى تأجيل مشاريع الدولة وخفض الإنفاق العام بنسبة 30%. لكن الحكومة سرعان ما طمأنت الشعب بأنها ستستمر في الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية.

كما وعدت الحكومة بإبقاء أجور القطاع العام على حالها، والتي تمثل وحدها حوالي 30% من إجمالي الإنفاق الحكومي.

لكن مع استمرار انخفاض أسعار النفط وتراجع الطلب والصادرات، فإن الخسائر المستمرة في الإيرادات ستجعل الحفاظ على هذا المستوى من الإنفاق الاجتماعي أمرا صعبا بشكل متزايد.

انفتاح على الديون الخارجية

ستؤدي الضغوط الاقتصادية إلى تسريع ميل الجزائر نحو الانفتاح على المزيد من الاستثمار الأجنبي وسحب المزيد من الديون الخارجية. لدى الجزائر حتى الآن مستوى منخفض من الديون الخارجية يقدر بحوالي 1.9% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.

بالرغم من أن هذا قد يبدو تحولا دراماتيكيا من التحفظ التاريخي للبلاد على تحمل الديون الخارجية، إلا أن الواقع الاقتصادي للبلاد مقترنا بتراجع إنتاج النفط والغاز بسبب البنية التحتية القديمة لقطاع الطاقة بدأ بالفعل في إجبار الجزائر على التحرك في هذا الاتجاه.

أشارت الحكومة الجزائرية إلى بنك التنمية الأفريقي والبنك الإسلامي للتنمية كمصادر محتملة للمساعدة الخارجية، وذلك بالإضافة إلى التعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار الأجنبي والهيدروكربونات في البلاد لتسهيل مشاركة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد.

ومن المرجح أن يجبر الوباء الحكومة الجزائرية على تغييرات تاريخية مثل التواصل بشكل أوثق مع المؤسسات الدولية لتحصيل الدعم اللازم.

ومع ذلك، ستواجه الجزائر عقبات في الحصول على رأس مال خارجي في الوقت الذي تبدو فيه الرغبة العالمية للاستثمار منخفضة؛ حيث يدفع وباء "كورونا" البلدان إلى موازنة تكاليف وفوائد إرسال رأس المال إلى الخارج مقابل الحاجة المتزايدة لدعم نضالها من أجل اقتصادها ومواطنيها في الداخل.

المصدر | ستراتفور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تظاهرات الجزائر ثورة الجزائر فيروس كورونا الحكومة الجزائرية

الجزائر تخفض الإنفاق 30% وتؤجل مشروعات الطاقة

المغرب يمدد الطوارئ الصحية حتى 20 مايو.. والجزائر حتى 29 أبريل

اقتصاد الجزائر يستسلم لكورونا وأسعار النفط

تنديد باستغلال الجزائر لكورونا في قمع الحراك

تبون يكشف خطة إنعاش اقتصاد الجزائر