تحويل الصيادلة إلى أطباء.. ماذا وراء مقترح السيسي المثير للجدل؟

الأربعاء 6 مايو 2020 05:17 م

فرضت أزمة تفشي فيروس "كورونا" المستجد، على الحكومة المصرية، البحث عن خيارات عاجلة؛ لتعويض النقص الحاد في الأطقم الطبية، وإنقاذ القطاع الطبي من الانهيار.

والشهر الماضي، أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مبادرة "خليك مستعد"؛ والتي تهدف إلى تكوين خط دفاع ثان من أطباء الامتياز وطلاب كليات الطب والتمريض بالجامعات المصرية.

وفي الشهر ذاته، أطلقت جامعة الدلتا بمحافظة الدقهلية (دلتا النيل)، مبادرة ثانية، تحت شعار "كن بطلا"، تستهدف تدريب طلاب السنوات النهائية لكليات الطب على مهارات الإنعاش الرئوي والقلبي، وطريقة التعامل مع أجهزة التنفس الصناعي، ووسائل الحماية والوقاية الشخصية.

كذلك جرى تبني مبادرة مماثلة في جامعة حلوان، جنوبي القاهرة، لتدريب متطوعين للعمل كأطقم طبية مساعدة في مستشفيات العزل.

وأطلقت "تتسيقية شباب الأحزاب والسياسيين" (تجمع غير رسمي) مبادرة بعنوان "البالطو الأبيض"، كإجراء استباقي لتوفير متطوعين من طلاب السنة النهائية بالكليات الطبية وتأهيلهم لمعاونة الهيئات المختصة في مكافحة "كورونا".

مقترح "السيسي"

ويبدو أن توالي إطلاق المبادرات التي تهدف إلى تعويض النقص في صفوف الأطباء المصريين، دفع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، هو الآخر، للمطالبة بدراسة إمكانية تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين بعد حصولهم على شهادة معادلة.

ووفق خطاب رسمي صادر عن الأكاديمية الطبية العسكرية التابعة للجيش المصري، دعا رئيس الأكاديمية، اللواء طبيب "أحمد التاودي"، نقيب الأطباء "حسين خيري" إلى اجتماع يوم الأربعاء 6 مايو/أيار الجاري؛ لمناقشة مقترح تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين.

وسبق مقترح "السيسي" المثير للجدل، دعوة من عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري "مجدي مرشد"، إلى الاستعانة بأطباء الأسنان والصيادلة وغيرهم من باقى التخصصات؛ لتعزيز أعداد الأطباء.

كذلك طالب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار وعضو لجنة الشؤون الصحية بالبرلمان "أيمن أبو العلا"، بالاستعانة بخبرات الأطباء المتقاعدين فى سن المعاش والكوادر فى المهن الطبية الأخرى؛ لسد العجز فى الأطقم الطبية.

إضافة إلى ذلك، تبحث الحكومة المصرية تخريج دفعات استثنائية من كليات الطب، وافتتاح كليات جديدة، وزيادة أعداد الطلاب المقبولين بكليات الطب.

نقص حاد

ويستند مقترح "السيسي" المثير للجدل، على وجود وفرة كبيرة في أعداد الصيادلة بنسبة تفوق المعدلات العالمية بمقدار 4 أضعاف، بحسب دراسة حديثة أعدتها وزارة الصحة حول احتياجات سوق العمل المصرى من المهن الطبية.

ووفق الدراسة الصادرة عام 2019، هناك أكثر من 216 ألف صيدلي مصري، ما يوفر صيدليا واحدا لكل 438 مواطنا (23 صيدليا لكل 10 آلاف مواطن)، وهو ما يفوق المعدل العالمي المقدر بصيدلي واحد لكل 1000 إلى 1600 فرد (6-9 صيادلة لكل 10000 فرد).

ويبلغ إجمالى عدد كليات الصيدلة فى مصر 43 كلية صيدلة، منها 22 كلية حكومية، و21 كلية خاصة، وتحتضن القاهرة الكبرى وحدها 19 كلية.

وتأتى مصر فى المركز الثانى عالميا ضمن الدول صاحبة النصيب الأكبر من كليات الصيدلة، خلف الولايات المتحدة الأمريكية، التى تمتلك 56 كلية.

ويستقبل سوق العمل المصري أكثر من 14.5 ألف صيدلي سنويا، ومن المتوقع زيادة العدد بعد إضافة خريجى 14 كلية جديدة بدأ العمل بها قبل سنوات.

وفي مقابل الوفرة الكبيرة في عدد الصيادلة المصريين، تعاني البلاد نقصا حادا في عدد الأطباء، حيث تبلغ نسبتهم 10 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، وهو أقل من ثلث المعدل العالمي البالغ 32 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن، بحسب المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة".

ويصل حجم النقص في صفوف الأطباء المصريين، إلى نحو 62% جراء الهجرة إلى الخارج، أو الاستقالة من العمل الحكومي؛ للعمل في المستشفيات والعيادات الخاصة.

ويبلغ تعداد القوة الحالية للأطباء داخل مصر 82 ألف طبيب، من أصل 213 ألف طبيب حاصلين على تصريح لمزاولة المهنة، وفق دراسة حكومية.

وتوجد في مصر 30 كلية طب بشري فقط، منها 27 كلية حكومية، إضافة إلى 3 كليات طب خاصة، أي أقل من عدد كليات الصيدلة بـ13 كلية.

موقف "الأطباء"

أثار المقترح الرئاسي غضب واستياء مجلس نقابة الأطباء المصريين، الذي نفى بشكل قاطع حدوث "أي سابقة لذلك في تاريخ مهنة الطب الحديث".

وشدد المجلس، في بيان، على رفض المقترح تماما، محذرا من أنه يضر بصحة المواطن المصري، كما سيضر بسمعة مصر الطبية العالمية.

وأضاف البيان: "على من يرغب في امتهان مهنة الطب ويكون مسؤولا عن أرواح المصريين، فعليه أن يلتحق بالسنة الأولى من كلية الطب البشري، وبعد تخرجه وتدريبه يتم منحه ترخیصا لمزاولة مهنة الطب".

وأكد البيان أن "كل فئة من فئات الفريق الطبي تمارس دورها طبقا للأصول العلمية والمهنية، ولا تستطيع أي فئة أن تحل محل الفئة الأخرى، ولا يجوز القول إن أي دراسة مكملة يمكنها معادلة شهادة علمية وعملية مختلفة".

 

لاحقا، وعقب الضجة التي صاحبت مقترح "السيسي"، جرى إخطار نقيب الأطباء "حسين خيري"، بإلغاء الاجتماع المقرر لمناقشة مقترح تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين، وفق صحف مصرية.

انتقادات جمة

لكن إلغاء الاجتماع المقرر لبحث المقترح، لم ينه الجدل الصاخب في الشارع المصري، وسط اتهامات لـ"السيسي" بإحراج المؤسسة العسكرية، وتوريط الجيش في فضيحة علمية.

وأعاد مقترح تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين، إلى الأذهان، فضيحة "جهاز الكفتة"، الذي تبناه الجيش عام 2014، وهو علاج وهمي مزعوم لمرض الإيدز وفيروس سي أثار فضيحة دولية في ذلك التوقيت.

كذلك جاء طرح الأمر من مؤسسة تابعة للجيش، وهي الأكاديمية الطبية العسكرية، ليثير التساؤلات حول تنامي نفوذ المؤسسة العسكرية، وتدخلها في سياسات تعليمية، هي في الأساس من اختصاص وزارة التعليم العالي.

واعتبر أطباء أن المقترح يقفز فوق المشكلة الرئيسية، المتمثلة في هروب الأطباء إلى الخارج، جراء تدني رواتبهم، مقارنة بالقضاة والضباط، إضافة إلى ضعف الإمكانات في المستشفيات الحكومية، ونقص المستلزمات الطبية والعلاجية.

ويخشى آخرون، من أن يفتح المقترح الرئاسي، الباب مستقبلا لتضمين خريجي كليات أخرى في تخصصات لا علاقة لهم بها.

ويطالب الأطباء بمعالجة الخلل القائم، في عدد وسعة كليات الصيدلة والطب، عبر تقليل أعداد المقبولين بكليات الصيدلة، وزيادة أعداد المقبولين بكليات الطب، مع تعديل هيكل الأجور والرواتب لتحويل القطاع الطبي إلى جهة جاذبة وليست طاردة للعاملين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السيسي يقترح والنقابة ترفض.. هل يتحول الصيادلة إلى أطباء في مصر؟

مصر.. 75% من الأطباء خريجي 2020 يرفضون العمل بالمستشفيات

الأعلى للجامعات بمصر يبحث تحويل الصيادلة لأطباء بشريين

أطباء مصر لم تتلق ردا على طلبها بفرض الحظر الكامل

صيادلة مصر تستنكر تصريحات نقابة الأطباء وتصفها بالعنصرية