بسبب ليبيا.. الإمارات تحاول استدراج تونس بعد فشل التدخل الخشن

الخميس 7 مايو 2020 05:35 م

انتقلت الإمارات من جهودها لتقويض التحول الديمقراطي في تونس لتعطي الأولوية الآن لاستدراجها من أجل دعم جهود أبوظبي لمساعدة أمير الحرب "خليفة حفتر" على تحقيق انتصار عسكري في ليبيا.

وحققت الإمارات نتائج محدودة في جهودها لتقويض الانتقال الديمقراطي الناجح نسبياً في تونس، والذي كان أحد أولوياتها في السابق، حيث يتجه اهتمامها الآن نحو منافستها مع تركيا في ليبيا.

في 14 أبريل/ نيسان، أجرى ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" مكالمة هاتفية غير مسبوقة مع الرئيس التونسي "قيس سعيد"، حيث سادت مناقشات التعاون بشأن مكافحة وباء "كورونا" وذلك وفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية "وام".

وبما أن ذلك كان أول اتصال بين الزعيم الإماراتي والتونسي منذ سنوات عديدة، فمن الواضح أن أبوظبي قررت تحسين علاقاتها الباردة مع تونس.

جاء ذلك بعد لقاء عُقد في 27 يناير/كانون الثاني بين وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي "عبدالله بن زايد" و"سعيد" في قرطاج، كما تلقى الرئيس التونسي دعوة لزيارة الإمارات.

وبالرغم أن هذه الخطوات قد تبدو إيماءات حسن النية، فإن مثل هذا التواصل المتنامي، خاصةً حول مخاوف "كورونا"، يقدم لأبوظبي فرصة جديدة للفوز بتونس وإبعادها عن مجال نفوذ أنقرة.

وسيفيد ذلك أيضا أبوظبي في حربها بالوكالة في ليبيا، حيث تدعم الإمارات محاولات "حفتر" المستمرة، ضد حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا في طرابلس، والتي تقع على الحدود مع تونس.

وقال "مهدي الباهي"، باحث تونسي مستقل، لـ "إنسايد ارابيا": "جاءت المكالمة الهاتفية بعد أيام قليلة من فقدان حفتر السيطرة على أجزاء من ليبيا وبشكل أكثر تحديدًا خسارة المدن القريبة من الحدود التونسية الليبية".

ولذلك رأى "الباهي" أن الدعوة تهدف إلى ضمان حصول الإمارات على دعم تونس لجهودها الحربية، وأن تونس يمكن أن تفتح حدودها في حال اضطر أفراد مدعومون من الإماراتيين إلى الفرار من ليبيا.

سعت الإمارات والسعودية في البداية إلى التدخل في التحول الديمقراطي في تونس، لتقويض قطر وتركيا بعد الربيع العربي 2011، حيث اعتبرا أن حكومة حزب النهضة التونسية تهديد لهما بحكم قربها من الدوحة وأنقرة.

ورغم أن تونس كانت أقل انغماسًا في لعبة شد الحبل الإقليمية هذه مقارنة بسوريا ومصر وليبيا، فقد تم التركيز أيضًا على تقويض النجاح الديمقراطي لتونس. ورأت الرياض وأبوظبي أن أي انتقال إيجابي يمكن أن يلهم الثوريين الإقليميين الآخرين للدفع نحو الإصلاحات ويشجع في نهاية المطاف على تحديات أكبر داخل السعودية والإمارات.

وتنظر السعودية، وبصورة أكبر الإمارات، إلى الإسلام السياسي على أنه تهديد للوضع الإقليمي، وبالتالي استهدفا "النهضة"، نظرًا لطبيعتها الإسلامية.

قبل أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في تونس عام 2014، دعمت الإمارات والسعودية حزب "نداء تونس" العلماني، واعتبرته قوة رئيسية لمواجهة النهضة. لكن أبوظبي ذهبت أبعد من الرياض في محاولة تقويض التحول الديمقراطي المزدهر لتونس.

أولاً، شجعت الإمارات الاحتجاجات المناهضة لحركة "النهضة" عام 2013. وعقب انتخابات 2014 التي أسفرت عن تحالف "نداء تونس" و"النهضة"، ورد أن الإمارات أقنعت الرئيس الراحل "الباجي قائد السبسي" بالسيطرة على السلطة وإقصاء حزب "النهضة" على طريقة انقلاب "السيسي".

وكانت هناك شكوك في أن الإمارات أثارت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في يناير/كانون الثاني 2018 بعد حادثة رفض  طيران الإمارات السماح لنساء تونسيات بالسفر على متنه بحجة "إجراءات أمنية".

ومع ذلك، لم تنجح الإمارات في جهودها، حيث يشير انتخاب تونس لـ"قيس سعيد" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى أن البلاد صمدت إلى حد كبير أمام هذا التدخل واحتفظت بالاستقلال.

ومنذ ذلك الحين، اتخذ "بن زايد" مقاربة براجماتية جديدة من أجل كسب تونس، من خلال إيماءات ودية ودبلوماسية. ويركز ولي عهد أبوظبي حاليًا على حرب تركيا وليبيا أكثر من تركيزه على استراتيجية الإمارات الإقليمية المضادة للثورة.

بعد توقيع تركيا على مذكرة تفاهم مع حكومة الوفاق الوطني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ثم تدخلها العسكري في ديسمبر/كانون الأول لدعم حكومة طرابلس ضد حملة "حفتر"، أصبحت أنقرة شوكة في خاصرة طموحات أبوظبي في ليبيا.

التقى الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" "سعيد" في قرطاج في 25 ديسمبر/كانون الأول، وقال إنه يعتقد أن تونس يمكن أن تسهم في استقرار ليبيا. كما اقترح وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني "فتحي بشاغا" تشكيل تحالف تونسي جزائري تركي لدعم حكومة طرابلس.

ومع ذلك، ورد أن تونس رفضت السماح لتركيا باستخدام أراضيها لنقل المعدات العسكرية إلى حكومة الوفاق الوطني، بعد إنكارها انضمامها إلى مثل هذا التحالف الذي تقوده تركيا في ليبيا.

ولاحقا، سعت تونس إلى حد كبير لإظهار حيادها فيما يخص ليبيا. والتقى "سعيد" أيضا وزير الخارجية الفرنسي "جان إيف لو دريان" في 9 يناير/كانون الثاني لمناقشة تطورات ليبيا. ومثل الإمارات، تدعم فرنسا "حفتر" أيضا.

وبعد أن تجنبت حتى الآن الوقوع في صراع المصالح الإقليمي، تدعو تونس ببساطة إلى حل سلمي للصراع الليبي وتعطي الأولوية لتجنب التداعيات الأمنية للعنف الذي يمتد إلى حدودها. وأكد "الباهي" أن فرنسا لن تتمكن من إبعاد تونس عن حيادها.

ومع ذلك، لا تزال الإمارات تخشى انجراف تونس نحو تركيا، وبالتالي فهي تتصرف بشكل استباقي لمواجهة مثل هذه الرابطة المحتملة، بينما تسعى أيضًا إلى كسب تأييدها لطموحات أبوظبي في تثبيت "حفتر" كزعيم لليبيا.

وقال الباحث "أندرياس كريج" إن "تونس ليست في مجال النفوذ الإماراتي أو التركي، بالرغم أن الإمارات ترغب في التأثير على تونس لدعم المشروع الإماراتي في ليبيا، والذي يمثل أحد أنواع الحكم العسكري لتحقيق الاستقرار من خلال السيطرة الاستبدادية".

وأضاف: "الإمارات تعد تونس بالاستقرار من خلال دولة استبدادية في ليبيا يمكن أن تسيطر على الميليشيات بالوغم أنه أصبح واضحا أن حفتر غير قادر على السيطرة على الميليشيات تحت مظلة الجيش الوطني الليبي ولا على الفصائل السياسية شرقي البلاد".

ولفت إلى أن الإمارات لا تقدم لـ"حفتر" دعماً مادياً فحسب، بل أيضاً الشرعية السياسية من خلال تسويق انقلاب "حفتر" أمام المجتمع الدولي باعتباره شرًا ضروريًا في مكافحة" الإرهاب ".

وأوضح "كريج" أنه بينما تعمل الإمارات في غرب وشمال أفريقيا للحصول على دعم سياسي لمشروعها في ليبيا، فإنها ستستمر في استهداف تونس وقد تسعى إلى جذبها من خلال المساعدة المالية. وقد تُستخدم مخاوف تونس الأمنية أيضًا كطُعم.

ومن الواضح أن المساعدات والزيارات الدبلوماسية الإماراتية في شمال أفريقيا هي سياسات رئيسية تهدف لإضفاء الشرعية على "حفتر". وزار عدد من كبار المسؤولين الإماراتيين السودان في 29 أبريل/نيسان، لكسب دعم الخرطوم لصالح "حفتر" وتجنيد مقاتلين موالين له.

وبعد تقارير إعلامية محلية في يناير/كانون الثاني عن تجنيد إماراتي للمرتزقة السودانيين للقتال إلى جانب "حفتر"، بدأ السودان في التحقيق في هذا الأمر، والذي ربما أجبر الإمارات على مواصلة زيارة السودان والتودد لها لتأمين الدعم لتورطه في ليبيا.

المصدر |  جوناثان فينتون هارفي/انسايد أرابيا- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قيس سعيد العلاقات الإماراتية التونسية خليفة حفتر

الرئيس التونسي ووزير خارجية الإمارات يبحثان الأزمة الليبية

خسائر حفتر تعيد حسابات داعميه المحليين والإقليميين

الرئيس التونسي يقول إن البلاد تعيش بؤسا سياسيا واجتماعيا

غضب تونسي جديد ضد الإمارات بسبب تقرير تلفزيوني

مغرد تركي يتحدث عن تفاصيل مخطط إماراتي لبث الفوضى بتونس