قادة الشرق الأوسط أمام اختبار الموجة الثانية من وباء كورونا

الاثنين 15 يونيو 2020 08:47 م

تطل موجة ثانية من جائحة الفيروس التاجي برأسها، لتضع قادة الشرق الأوسط على مفترق طرق في خضم كفاحهم لاحتواء المرض ومعالجة تداعياته الاقتصادية.

السؤال هو ما إذا كان هؤلاء يفهمون الرسالة بأن السيطرة على الفيروس والانتعاش الاقتصادي، هي أشياء لن تتحقق بسهولة، حيث سينطوي كلاهما على عراقيل تسبب انتكاسة للخلف مع كل تقدم للأمام، ولا يمكن لدولة أن تعالج هذه الأزمات المتعددة لوحدها.

لا تطرح الجائحة تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية فقط، بل تثير تساؤلات حول الترتيبات الأمنية الإقليمية التي تعزز خطوط الصدع بدلاً من خلق بيئة تسمح للمنافسين بإدارة الأزمات بشكل جماعي.

لا يهدد هذا الوضع الأمن الإقليمي فقط، بل الأمن العالمي أيضًا، لكن الدول الغربية تركز على الرعاية الصحية والأزمات الاقتصادية الخاصة بها، وتهمل الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعني أنهم سيجدون أنفسهم فجأة أمام تهديدات كان يمكن توقعها.

نفوذ روسي وتركي

أحد هذه التهديدات هي ما يُعتقد أنها آمال روسية بإنشاء قاعدة عسكرية روسية على الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط مع نهاية الحرب الليبية، بحيث ​​تُكمّل المنشآت في سوريا.

وقال "بافل فيلجنهاور"، المحلل العسكري الروسي في مؤسسة "جيمستاون": "تريد روسيا موطئ قدم في ليبيا، وهذه حقيقة".

وحذر المسؤولون الأمريكيون من أن الوجود الروسي الدائم سيعزز جهود روسيا لإضعاف التحالف المتوتر بالفعل عبر المحيط الأطلسي.

يثير احتمال زيادة النفوذ الروسي في البحر الأبيض المتوسط ​​إلى جانب النفوذ الصيني المتزايد على الموانئ في شرق البحر الأبيض المتوسط، ​​مخاوف تعزيز المساعي التركية لتنمية سيطرتها على المياه الغنية بالطاقة في المنطقة.

وقال الخبير الاستراتيجي "ستيفن كيني" وعالم العلاقات الدولية "روس هاريسون" في تقرير لمعهد الشرق الأوسط: "لتجنب أسوأ النتائج في منطقة مشحونة أصلًا، لا يوجد بديل عن شكل من أشكال التعاون بين الجهات الفاعلة الإقليمية، وفي ظل احتمالية أن يخرج الشرق الأوسط من أزمة كورونا أكثر هشاشة وأكثر تفجرًا عن ذي قبل، تصبح الهندسة التعاونية التي يمكن أن تبني المرونة الإقليمية أمرًا حتميًا".

لا مبشرات اقتصادية

أما الجزء الاقتصادي من الرسالة فواضح وهو: إن وضع نهاية للوباء وإعادة تعافي الاقتصاد سيكون عملية مؤلمة وطويلة الأمد.

تشهد دول مثل السعودية وإيران ولبنان و(إسرائيل) العلامات الأولى للموجة الثانية للوباء.

أعادت السعودية فرض إغلاق ميناء جدة الذي يعد البوابة الرئيسية للحج، بعد ارتفاع حاد في حالات الإصابة بفيروس "كورونا"، مما يزيد احتمال إلغاء الحج هذا العام والمقرر في أواخر يوليو/تموز، ويشمل الإغلاق حظر التجول لأسبوعين لمدة 15 ساعة من الساعة 3 مساءً حتى 6 صباحًا.

وأدى الارتفاع المفاجئ في عدد الإصابات في إيران، والذي بلغ متوسطه 3 آلاف حالة جديدة في اليوم، إلى إعادة تأجيج أكبر تفشي في الشرق الأوسط، بعد أن بدا أن الدولة قد روضت الفيروس.

أغلقت (إسرائيل) عشرات المدارس وأمرت بإغلاق أي مدرسة تبلغ عن حالة إصابة بالفيروس عقب تصاعد حالات الإصابة بالعدوى التي اجتاحت الفصول الدراسية بعد أسبوعين من السماح بإعادة فتحها.

كما زادت الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة في لبنان التي تقف على حافة الانهيار المالي، من خطر حدوث موجة ثانية من الوباء.

لا يبشر هذا الارتفاع المفاجئ بالانتعاش الاقتصادي.

فقد حذرت غرفة تجارة دبي من أن 70% من الشركات في الإمارة تتوقع إغلاق أبوابها في غضون الأشهر الـ6 المقبلة، استناداً إلى مسح شمل 1228 مديراً تنفيذياً.

وجاء التحذير في الوقت الذي مددت فيه حكومة الإمارات حظر التجول ليلا بعد تضاعف عدد الإصابات إثر تخفيف قيود الإغلاق.

ومنذ ذلك الحين مددت شركات الطيران الإماراتية المدعومة من الحكومة، وهي "طيران الإمارات" و"الاتحاد للطيران"، تخفيضات أجور الموظفين حتى سبتمبر/أيلول في محاولة للحفاظ على السيولة النقدية.

اضطرابات اجتماعية وشيكة

تهدد تدابير التقشف بتصاعد الاضطرابات الاجتماعية التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العقد الماضي.

وقال موظف حكومي سعودي يدعى "محمد"، بعد إلغاء بدل غلاء المعيشة الذي تبلغ قيمته 266 دولارا في الشهر، وتضاعف ضرائب المبيعات 3 مرات كجزء من إجراءات التقشف المؤلمة التي أعلن عنها وزير المالية "محمد الجدعان": "إذا كان ذلك مؤقتًا، سنة أو سنتين، فيمكنني التكيف. ما يقلقني هو أن المزيد من الضرائب ستستديم، وستكون هذه مشكلة".

واجهت تصريحات "الجدعان" انتقادا نادرا من الكاتب الصحفي "خالد السليمان"، الذي يكتب في صحيفة "عكاظ" اليومية، وهي إحدى وسائل الإعلام في المملكة التي تخضع لسيطرة مشددة.

وقال "السليمان": "كنت آمل أن يقول الوزير أن زيادة الضرائب ستُراجع بعد انتهاء أو احتواء أزمة الفيروس التاجي، أو عندما تتحسن أسعار النفط، لكنه لم يقل ذلك. يشعر المواطنون بالقلق من أن الضغط على مستويات معيشتهم سيستمر لفترة أطول من الأزمة الحالية".

عقبات عصية

إن التحديات التي تواجهها دول الخليج، والمتمثلة في أزمة صحية مستمرة مع صعوبة الانتعاش الاقتصادي، إلى جانب الصراعات الإقليمية المتفاقمة والمتسعة، تكاد تكون عقبات غير قابلة للتجاوز.

أدت الجهود الكويتية لحل الأزمة الخليجية وضغوط الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على السعودية والإمارات والبحرين لرفع الحظر الجوي الذي يفرضونه على قطر منذ 3 سنوات، إلى زيادة الآمال في إيجاد حل قريب للأزمة، بالرغم من عدم وجود إشارات على جدية الأطراف التي صنعت الأزمة.

وفي ليبيا، التي تدعم فيها الإمارات اللواء المتقاعد "خليفة حفتر"، تمتد الحرب بالوكالة إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ​​حيث تطالب تركيا بحقوقها في المياه الإقليمية الغنية بالطاقة.

في غضون ذلك، بدا أن صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية الناطقة باللغة الإنجليزية، كادت أن تدعو (إسرائيل) لمهاجمة مركز قيادة وسيطرة الحرس الثوري الإيراني في ضواحي المطار الرئيسي لدمشق، على الرغم من جهود الإمارات للحد من التوتر مع إيران.

وقالت صحيفة "ذا ناشيونال" في شرح تفصيلي للمركز الذي أطلق عليه اسم البيت الزجاجي: "في الوقت الراهن، لا يزال البيت الزجاجي غير محطم".

يواجه قادة الشرق الأوسط أسوأ جائحة من الأزمات منذ الاستقلال.

وتتطلب معالجة تلك المآزق قيادة إقليمية وعالمية تتطلع إلى ما يتجاوز مجرد البقاء والمنافسات الإيديولوجية والجيوسياسية؛ قيادة تعترف بأن الاستقرار وحلول التهديدات المشتركة لا تكون إلا بالتعاون على المدى الطويل بدلاً من تعزيز الصراع.

ولكن المشكلة هي أن القليل من القادة مستعدون أو قادرون على تحمل المسؤولية.

المصدر | جايمس إم دورسي | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا تداعيات كورونا إجراءات التقشف إلغاء الحج حصار قطر

وزيرة التخطيط: كورونا كبد الاقتصاد المصري 105 مليارات جنيه خسائر

400 مليون دولار خسائر متوقعة لبنوك إماراتية جراء تصفية شركة دولية

صراعات الشرق الأوسط تشهد صيفا ساخنا