هكذا تآكلت مصداقية التهديدات الفلسطينية بالرد على ضم الضفة

الاثنين 22 يونيو 2020 09:12 م

في ديسمبر/كانون الأول 2017، بينما كان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يستعد للإعلان عن نيته الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، حذرت من مخاطر التقليل من خطر مثل هذه الخطوة.

وحذرت من أنه إذا تلاشت الاحتجاجات بعد بضعة أيام، سيظهر للولايات المتحدة و(إسرائيل) أن تجاهل الحقوق الفلسطينية ليس أمرا بالغ الأهمية، وسيظهر للفلسطينيين بشكل لا لبس فيه أن الدبلوماسية هي مجرد طريق مسدود، وللأسف، كان ذلك كله واضحا للغاية.

في ذلك الوقت، كان العديد من المراقبين يشيرون بأيديهم إلى الكارثة التي تلوح في الأفق، وقال البعض إن المنطقة ستنفجر، وصرخ آخرون بأن حل الدولتين سيموت للأبد.

وبالطبع كانت هناك تحذيرات من انتفاضة ثالثة، وأوقفت القيادة الفلسطينية في نهاية المطاف جميع الاتصالات مع واشنطن، لكن لم تعتبر إدارة "ترامب" أو حكومة "بنيامين نتنياهو" أن هناك خسارة كبيرة.

ولم تتحقق أي من النتائج المخيفة، وأصبح اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) الوضع الطبيعي الجديد.

وأوضح المرشح الديمقراطي المفترض "جو بايدن" أنه لن يغير إجراء "ترامب"، في حين بذلت (إسرائيل) جهودا لتحسين العلاقات تدريجيا مع دول الخليج العربية.

وكان هذا هو الحال بشكل روتيني منذ نهاية الانتفاضة الثانية (لا تتحقق التحذيرات بوقوع كارثة) لتصبح صرخة الفلسطينين مجرد عواء في خلفية المشهد يمكن تجاهله بسهولة.

وبدلا من ذلك، استمر التدهور في ظروف الفلسطينيين، وتلاشت احتمالات الاعتراف بحقوقهم على المدى القريب.

فهل تتبع خطة (إسرائيل) لضم جزء كبير من الضفة الغربية نفس النمط؟

حسنا، يبدو أن مجموعات الضغط الموالية لـ(إسرائيل) تعتقد أن هذا الأمر مختلف، ومنحت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك" إعفاء ضمنيا للمسؤولين المنتخبين الذين ينتقدون خطة الضم الإسرائيلية.

واستغل الديمقراطيون في الكونجرس بسرعة هذا الإعفاء المؤقت لدعوة (إسرائيل) إلى التخلي عن خطة الضم، لكن "أيباك" أوضحت أيضا أنها استمرت في معارضة أي إجراءات عملية لوقف خطة (إسرائيل).

نتيجة لذلك، تعد المعارضة الديمقراطية كلامية إلى حد كبير، بينما يدعم الجمهوريون بشكل عام رأي إدارة "ترامب" في هذا الشأن.

ومع ذلك، حتى بالنظر إلى ما بعد الانفتاح الذي عبرت عنه "أيباك" فيما يخص الحدود المتعلقة بانتقاد (إسرائيل)، فإن سلوكها يعكس قلقا حقيقيا حول كيفية تأثير الضم على مكانة (إسرائيل) في نظر الجمهور.

ولا يتعلق هذا القلق بحقوق الفلسطينيين، بل بديمقراطية (إسرائيل) المزعومة، وسوف يُنظر إلى (إسرائيل) على أنها دولة فصل عنصري، ويخشى أنصارها أن هذا سوف يقوض بشدة دعمها على المدى الطويل.

ويعبر آخرون عن قلقهم من انتفاضة ثالثة، وحدوث اضطرابات إقليمية، وأن الضم سيكون المسمار الأخير في نعش حل الدولتين، وهي قائمة المخاوف المألوفة.

لكن ربما يكون هذا هو الحدث الذي يطلق في النهاية مثل هذه الهزات. وإذا حدث ذلك، فسيكون القشة الأخيرة فقط، وليس لأنه حدث تاريخي غير مسبوق.

ويهتم المستوطنون اليهود بالضم لقيمته الدبلوماسية والسياسية، وليس لأنه سيتغير كثيرا من الواقع على الأرض، وتسيطر (إسرائيل) بالفعل على جميع المناطق التي تفكر في ضمها.

ويعني الضم في الخطاب الإسرائيلي توسيع القانون الإسرائيلي ليشمل مناطق معينة، لكن هذا القانون يطبق بالفعل داخل المستوطنات، بينما تطبق (إسرائيل) مجموعة من القوانين، يعود بعضها إلى أيام الحكم العثماني على فلسطين، ويعود البعض الآخر إلى أيام السيطرة الأردنية على الضفة الغربية، ممزوجة بـ"قوانين الطوارئ" وقواعد الاشتباك الخاصة بـ(إسرائيل).

نتيجة لذلك، لن يتغير الكثير في يومنا هذا بالنسبة لواقع حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ولا يعني هذا أن الفلسطينيين لا يهتمون بالضم، بل إنهم يعارضون ذلك بشدة، لأنه يرسخ نظام الفصل العنصري، ولكن من حيث الحياة اليومية للفلسطينيين، فإن الأيام التي تلي الضم ستشبه الأيام التي سبقته.

الآثار الإقليمية

ويبدو أن الضم يهدد طموحات (إسرائيل) في تطبيع علاقاتها مع جيرانها العرب، ولكن بالرغم أن هذا قد يكون مصدر قلق على المدى القصير، لكن الواقع سيكون أقل بكثير من التخوفات.

سيؤدي الضم بالتأكيد إلى إبطاء التقدم نحو تطبيع العلاقات مع دول الخليج لفترة من الوقت، لكن تقارب دول الخليج مع (إسرائيل) لم يتوقف بسبب نقل "ترامب" للسفارة الأمريكية إلى القدس، أو أي من الخطوات العديدة التي اتخذتها (إسرائيل) فيما بعد.

وقد يحدث توقف مؤقت في العلاقات، ولكن في الوقت المناسب، سيتم استئناف العمل.

وسوف يسهل عدم وجود أي تغيير واضح على الأرض في الضفة الغربية تأقلم تلك الدول مع "الوضع الطبيعي الجديد".

لكن المكان الوحيد الذي قد لا يكون فيه ذلك صحيحا هو الأردن، وحذر الملك "عبدالله الثاني" الولايات المتحدة من أنه يخشى أن يؤدي الضم إلى صراع كبير داخل الأردن، وكذلك بين الأردن و(إسرائيل).

وفي حين أنه لا يوجد بيانات دقيقة، فإن التقديرات تشير إلى أن أكثر من نصف سكان المملكة من أصل فلسطيني.

وقد يغير الضم القليل على الأرض، ولكن بالنسبة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، والأردنيين من أصل فلسطيني، فإن ذلك يعني فقدان آخر ما تبقى من أمل لديهم في استعادة وطنهم، وقد يرون الحكومة الأردنية متواطئة في ذلك لالتزامها بمعاهدة السلام الهشة مع (إسرائيل).

وعادة ما تتقبل الولايات المتحدة المخاوف الأردنية، لكن هذه اللحظة تتميز ببعض الضغوط غير العادية، ويطالب الجمهوريون الأردن بتسليم امرأة فلسطينية أردنية اعترفت بفخر بالمشاركة في تفجير متجر بيتزا إسرائيلي عام 2001، ما أودى بحياة 15 شخصا، بينهم امرأة أمريكية.

وكانت "أحلام تميمي" تقضي عدة أحكام بالسجن مدى الحياة في سجن إسرائيلي عندما تم إطلاق سراحها في إطار صفقة تبادل أسرى فلسطينيين مقابل الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط".

ولاتزال الأردن والولايات المتحدة بصدد التفاوض على معاهدة لتسليم المجرمين، ومع غياب تلك الآلية، إلى جانب حقيقة أن "أحلام" شخصية شهيرة في الأردن، تتعقد الأمور.

وطالب مشروع قانون تم تمريره في ديسمبر/كانون الأول بوقف المساعدة الأمريكية للأردن إذا لم يتم تسليم "أحلام"، ويمكن أن يعقد ذلك الموقف المتشابك بالفعل لإدارة "ترامب"، التي يبدو أنها تحاول تكييف خطط ضم (إسرائيل) لزيادة العائد الانتخابي إلى أقصى حد في نوفمبر/تشرين الثاني.

ولا ينبغي اعتبار الضم صحيحا أو خاطئا بناء على موقف القيادة الإسرائيلية أو الأردنية أو حتى الفلسطينية، ولكن يجب معارضته لأنه غير قانوني وغير أخلاقي وغير عادل.

المصدر | ميتشل بليتنك | ريسبونسيببل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضم الضفة الغربية العلاقات الأردنية الإسرائيلية الملك عبدالله الثاني السلطة الفلسطينية

حماس تشيد بموقف الأردن الرافض لخطة الضم الإسرائيلية

لتجنب التوتر مع عمان.. نتنياهو يؤجل ضم غور الأردن

عريقات: 192 دولة ضد القرار الإسرائيلي ضم أجزاء من الضفة

هنية يدعو العرب والمسلمين لمواجهة خطط ضم الضفة