و.س. جورنال: هكذا دفع كورونا مصر لصندوق النقد مجددا

السبت 27 يونيو 2020 09:57 م

يعاني الاقتصاد المصري من الانهيار، حيث عطلت جائحة كورونا السياحة، وقللت من تحويلات المصريين في الخارج، وحدّت من الإنفاق بسبب انخفاض الأجور الذي بدأ بالفعل قبل تفشي الوباء بسبب التقشف الحكومي في الأعوام الأخيرة.

وأجبر عدد الوفيات الحكومة المصرية على التحول مرة أخرى إلى صندوق النقد الدولي، الذي وافق الجمعة على طلب البلاد للحصول على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار.

ووافق صندوق النقد الدولي على طلب منفصل من القاهرة للحصول على قرض بقيمة 2.77 مليار دولار في مايو/أيار.

وقال صندوق النقد الدولي إن القرض الجديد ضروري لدعم إنفاق مصر على الخدمات الصحية والاجتماعية، ودعم الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز نمو الوظائف.

لكن اقتراض مصر الجديد سيضيف إلى ديونها الحكومية الكبيرة التي بلغت 90% من ناتجها الاقتصادي في نهاية 2019.

وتعد خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي علامة على أزمة اقتصادية واجتماعية تواجه مصر في الوقت الذي تعيد فيه فتح اقتصادها بالرغم من الارتفاع المستمر في حالات الإصابة بفيروس كورونا.

وقال القادة السياسيون في مصر إن البلاد لا تستطيع تحمل التكاليف الاقتصادية للإغلاق التام، واختاروا استراتيجية تسميها الحكومة "التعايش مع الفيروس".

وشكّل الوباء تحديا فريدا لأكبر دولة في الشرق الأوسط، حيث يعمل الملايين من الناس في الاقتصاد غير الرسمي، ويعيشون غالبا على الدخول اليومية. فيما تعتبر شبكات الأمان الاجتماعي في البلاد محدودة للغاية.

ولعبت المظالم الاقتصادية في مصر دورا محوريا في تأجيج الاضطرابات الأخيرة، بما في ذلك الربيع العربي عام 2011، الذي أنهى ديكتاتورية الرئيس "حسني مبارك".

وفي عام 2019، اعتقلت الحكومة الآلاف لسحق الاحتجاجات التي أثارتها المخاوف بشأن الفساد والسيطرة العسكرية المطلقة على الاقتصاد.

وقال "عمرو عدلي" الخبير الاقتصادي السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن "الضغط الرئيسي سيكون على الفقراء. وهذه هي المشكلة. لم تكن مصر قط دولة رفاهية".

وبالإضافة إلى انهيار السياحة وتراجع تحويلات المصريين العاملين في الخارج، تواجه مصر أيضا انخفاض أسعار النفط والغاز، وانخفاض عائدات قناة السويس التي تعتمد على التجارة الدولية.

وبحسب وزير المالية المصري، حتى أبريل/نيسان، خسرت البنوك المصرية ما يصل إلى 14 مليار دولار من الأصول الأجنبية مع هروب المستثمرين من البلاد.

كما أن القيود التي فرضتها الحكومة، في مارس/آذار، لإبطاء انتشار الفيروس، كانت مكلفة. وأفاد مسح أجرته وكالة الإحصاء الحكومية، في 20 يونيو/حزيران، أن نحو ثلاثة أرباع المصريين قد انخفضت دخولهم منذ بداية الوباء.

وقال "أحمد هشام"، 32 عاما، وصاحب شركة مقاولات وعقارات صغيرة: "كان إغلاق الاقتصاد كارثة بالنسبة لنا". وقد تسببت الأزمة في توقف نشاطه التجاري، حيث افتقر العملاء إلى الأموال اللازمة لشراء وتجديد الشقق، ما حرمه من دخل شهرين، وأجبر موظفيه على البحث عن عمل في مكان آخر.

ومستشهدة بالتكاليف الاقتصادية، رفضت الحكومة المصرية نصيحة خبراء الصحة بالدولة الذين دعوا إلى الإغلاق التام.

وبدلا من ذلك، فرضت مصر بعض الإجراءات للحد من انتشار الفيروس في مارس/آذار، بما في ذلك وقف الرحلات الدولية، وإغلاق المدارس وأماكن العبادة والصالات الرياضية والنوادي الليلية. كما فرضت حظر التجول ليلا.

وأبلغت مصر عن 61 ألفا و130 حالة إصابة بالفيروس، و2533 حالة وفاة، حتى كتابة هذه السطور. لكن مسؤولين حكوميين كبار حذروا من أن معدل الإصابة الحقيقي يمكن أن يكون من 5 إلى 10 أضعاف الأرقام المعلنة بسبب تأخر الاختبار وانخفاض أعداد المسحات عن الدول الأخرى.

وقال وزير التعليم العالي المصري "خالد عبدالغفار"، في مؤتمر حكومي الشهر الماضي: "لا تعد الاختبارات الجماعية خيارا لكثير من الدول، بما في ذلك دولتنا".

وقد وضع الوباء المستشفيات في البلاد تحت ضغط شديد، حيث يكافح الأطباء للتعامل مع تدفق المرضى.

وفي شهر مايو/أيار، حذرت نقابة الأطباء المصرية من أن نظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار. وتقول الحكومة إنها تعمل على معالجة نقص المعدات والمخاوف الأخرى، لكنها قمعت أيضا الأطباء الذين تحدثوا عن المشكلات.

وبالرغم من الطفرة الحالية في عدد الحالات، تعيد مصر فتح اقتصادها تدريجيا. ومن المقرر أن تستأنف الرحلات الدولية في يوليو/تموز، وينتهي حظر التجول الليلي هذا الأسبوع. كما تستأنف الفنادق والوجهات السياحية الأخرى عملياتها، لكن الأزمة الصحية المستمرة قد تعطل خطط الحكومة لعودة الحياة إلى طبيعتها، حيث يُصاب العمال بالمرض ويمنع الوباء تدفق السائحين.

وقال "عدلي" إن هذه ليست أزمة مالية، بل حالة طارئة عالمية تخص الصحة العامة. وأضاف: "لن نتعافى حتى يزول التفشي".

ويقول المحللون إن الضغوط المشتركة للوباء والأزمة الاقتصادية تمنح المسؤولين المصريين خيارات قليلة لمعالجة المخاوف القائمة.

وقال "تيموثي كالداس" المحلل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: "يحاول الجميع الوصول إلى التوازن الصحيح بين الاقتصاد وتسامح الناس مع الإغلاق وقدرتهم على الحفاظ على هذه الإجراءات الاستثنائية ومخاوف الصحة العامة. ومصر دولة ذات موارد محدودة، لذا سيكون أمامها خيارات محدودة مقارنة بالدول الأخرى".

المصدر | جاريد مالسين - وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جائحة كورونا الإغلاق الاقتصادي الحكومة المصرية صندوق النقد الدولي

خاص.. قرض صندوق النقد لمصر مقابل خفض عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة

نقص حاد في أكياس الدم بمستشفيات القاهرة وقلة عدد المتبرعين

هل تتفاوض مصر على قرض جديد بـ12 مليار دولار من صندوق النقد؟