إعادة رفات ثوار الجزائر.. محاولة فرنسية لتضميد جرح لم يندمل

الخميس 9 يوليو 2020 10:57 م

اعتبر محللون أن إعادة فرنسا رفات مقاتلين من رواد حرب تحرير الجزائر، خطوة تبدو محدودة في إطار محاولات تضميد جراج الماضي الاستعماري، التي لم تندمل بعد.

وقبل أيام دُفنت رفات (جماجم) 24 مقاتلا من رواد حرب التحرير الجزائرية بعد استعادتهم من المستعمر السابق فرنسا، في مقبرة العالية بالعاصمة حيث تدفن أهم شخصيات حرب الاستقلال، وسط أجواء مهيبة في ذكرى استقلال البلاد (سنة 1962).

أحفاد هؤلاء الرواد وبعضهم تقدم به العمر لا يكادون يصدقون أنهم عاشوا ليشهدوا لحظة عودة رفات أجدادهم إلى أرض الجزائر بعد 170 عاما، أما الساسة الجزائريون فقد انبروا لرفع سقف مطالبهم إلى الدولة الفرنسية للاعتذار عن ماضيها الاستعماري وجرائم الحرب التي ارتكبت بحق البلد الذي يلقب بشهدائه المليون الذين سقطوا من أجل الاستقلال.

وليست الجزائر وحدها من يطالب فرنسا بخطوات مشابهة عن ماضيها الاستعماري، ففي الجارة تونس ارتفعت في السنوات القليلة الأخيرة الأصوات التي تطالب فرنسا بالاعتذار، ووصلت أصداؤها إلى قبة البرلمان.

وفي سياق عالمي ملتهب بالاحتجاجات حول العنصرية، إثر مقتل الشاب الأمريكي الأسود "جورج فلويد"، قد تتحول الخطوة التي قطعتها فرنسا نحو الجزائر، إلى مفعول الدومينو على سلسلة من الملفات والقضايا الشائكة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء.

بالنسبة للرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون" فإن نظيره الفرنسي "إيمانويل ماكرون" "رجل نزيه" يمكنه أن يواصل على نفس النهج ليقدم "اعتذارا كاملا" للجزائر بدل "نصف الاعتذار" الذي تحقق عبر إعادة جماجم 24 من مقاتلي حرب التحرير.

وأبدى "ماكرون" منذ توليه الحكم قبل ثلاثة سنوات، إرادة واضحة بقطع بعض الخطوات في هذا الاتجاه.

لكن المتتبعين لمسار تعامل الدولة الفرنسية مع هذا الملف الحساس، لا يتوقعون بأن تحدث خطوات دراماتيكية في فترة وجيزة، فقد جاءت الخطوة الحالية بعد عقدين من البداية التي أطلقها الرئيس الأسبق "جاك شيراك" الوريث السياسي للجنرال "شارل ديجول" الذي اعترف باستقلال الجزائر بعد أطول استعمار في القارة الأفريقية.

فقد كان "شيراك" أول رئيس فرنسي يبادر بخطوات رمزية لرد الاعتبار لبلدان المغرب مستعمرات فرنسا السابقة، حيث تم تدشين ساحة الملك "محمد الخامس" أمام مقر معهد العالم العربي بباريس.

كما خطى "شيراك" أولى الخطوات في اتجاه الاعتذار -ولو بشكل متحفظ- للجزائر عن الماضي الاستعماري، واعترف بمسؤولية فرنسا في تهجير اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وأعقب ذلك إشارات في نفس الاتجاه من الرئيسين "فرانسوا أولاند" و"نيكولا ساركوزي" نحو الجزائر وتونس.

ورغم الآفاق الواعدة التي تحملها الخطوة الفرنسية بإعادة جماجم المقاتلين الجزائريين، فان الرئيس "ماكرون" وعلى بعد 600 يوم من الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبحكومة جديدة تميل يمينا، يرجح أن يكون أكثر تحفظا في هذا الملف، خشية وقوعه تحت نيران اليمين المتطرف.

ويطرح المسؤولون المتعاقبون في الجزائر على فرنسا تسوية ملفات عديدة من ماضيها الاستعماري وضمنها ملف "المفقودين" أثناء "ثورة التحرير" (1954-1962) ويفوق عددهم 2200 شخص بحسب الجزائر، بالإضافة إلى الملف الخاص بالتجارب النووية الفرنسية في الصحراء التي تتحدث مصادر عديدة عن أنها خلفت ضحايا وما تزال.

وساهم ظهور الحراك الشعبي في الجزائر في الأشهر الأخيرة، في حدة طرح هذه الملفات بالإضافة إلى المطالبة بالاعتذار وحتى التعويض عن "جرائم الحرب".

وإذا كان ترميم علاقات فرنسا مع الجزائر مهمة شاقة بحكم الطابع الخاص للاستعمار المباشر والطويل الأمد لهذا البلد والتراكمات الثقيلة التي خلفها، فإن الوضع مع مستعمراتها السابقة الأخرى في شمال أفريقيا وغربها ليست بالضرورة سهلة، بل تزداد صعوبة لأسباب عديدة.

المصدر | الخليج الجديد+ DW

  كلمات مفتاحية

مقاومة الاستعمار خطط استعمارية قوى الاستعمار الثورة الجزائرية

الجزائر تشهد دفن رفات قادة المقاومة الشعبية بمراسم رسمية

تصريحات اليمينية مارين لوبان تثير غضب الجزائريين

مبعوث جزائري لفرنسا للعمل على قضايا الذاكرة الوطنية

الجزائر تدعو لمواجهة مع فرنسا حول ذاكرة الاستعمار