القدس العربي: هل لدى أوباما ما يقدمه حقا للعاهل السعودي؟

السبت 5 سبتمبر 2015 05:09 ص

قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس تجاوز التقاليد البروتوكولية المتبعة، وخرج بنفسه ليستقبل الملك سلمان بن عبد العزيز عند أبواب البيت الأبيض، في إشارة واضحة إلى الأهمية الاستثنائية التي توليها إدارته للزيارة التي تعد الأولى من نوعها منذ وراثة العاهل السعودي للعرش في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.

وكان الملك اعتذر عن عدم حضور القمة الخليجية الامريكية التي انعقدت في كامب ديفيد في شهر أيار/ مايو الماضي، وكان السبب الرسمي الذي أعلن حينئذ هو أنه «كان مشغولا بالإشراف على تقديم المساعدات الانسانية للشعب اليمني». أما الحقيقة فهي أن الملك كان مستاء من التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية.

وحسب تقارير إخبارية فإن وفدا كبيرا يرافق الملك سلمان في زيارته ما استدعى حجز فندق «فور سيزونس» شديد الفخامة بالكامل لسكنهم، بالإضافة الى فرش مساحات واسعة بالسجاد الأحمر احتفاء، ما يدل على أن الاهتمام بالزيارة ليس من جانب واحد.

وتتزامن زيارة العاهل السعودي مع تحقيق اوباما انتصارا سياسيا مهما اذ نجح في تأمين تأييد كاف للاتفاق النووي في مجلس الشيوخ، وهكذا أصبح الاتفاق الذي لقي تأييدا فاترا من السعودية «واقعا ينبغي التعامل معه»، اذ لم يعد هناك مجال لإثناء اوباما عن اعادة النظر او تغيير حرف واحد فيه.

وعلى الرغم من كل ما أريق من حبر حول «التوتر» في العلاقات، ومعنى الرغبة السعودية القوية في تعزيز التعاون الشامل مع روسيا، إلا ان الحقيقة تبقى أن ثمة علاقة استراتيجية قديمة تربط بين واشنطن والرياض. وربما لا يتعلق بوضع «أسس استراتيجية للعلاقة» كما نقلت تقارير عربية عن مصادر أمريكية، ولكن بتصحيح تلك الأسس بغرض تقويتها، بما يتناسب مع التحديات الهائلة والمعطيات الجديدة في الإقليم، سواء من جهة العلاقة مع «إيران النووية»، أو تصاعد التهديد الأرهابي داخل السعودية وبعض الدول الخليجية.

ومن المهم ملاحظة ان هذه القمة السعودية الأمريكية هي الأولى من نوعها أيضا بعد أن أعلن أوباما في مناسبتين منفصلتين أن «التهديد الحقيقي الذي تواجهه السعودية ودول الخليج إنما هو تهديد داخلي».

لكن أوباما لم يتوان عن ابتزاز القلق الخليجي من إيران عندما أعلن في قمة كامب ديفيد أن واشنطن تنوي تزويد تلك الدول بترسانة ضخمة وحديثة من الاسلحة الدفاعية، بينها حائط من الصواريخ البالستية لأول مرة، وفرقاطتان حربيتان بحريتان تقوم شركة لوكهيد مارتن ببنائهما حاليا ويزيد ثمنهما عن المليار دولار.

ومن الأسئلة الأهم في هذا اللقاء إن كان أوباما سيقدم للملك حقا تطمينات أمنية وإقليمية أكثر من تلك التي حملها بالفعل وزير خارجيته جون كيري الى الرياض وباقي العواصم الخليجية، وأهمها بيع المزيد من الأسلحة، رغم أن هذا يعد مكافأة لواشنطن أكثر منه للحلفاء الخليجيين في رأي البعض؟

ومن حق المراقب العربي أن يخشى ان المبالغة الأمريكية في الاحتفاء بالعاهل السعودي قد تكون وسيلة دبلوماسية للإجابة بالنفي، ثم عمل الشيء الوحيد الذي تجيده واشنطن عندما يتعلق الأمر بذلك الجزء من العالم الا وهو بيع مزيد من الأسلحة. صحيح ان واشنطن تحتاج بشدة الى استمرار تدفق النفط السعودي بحرية الى الاسواق العالمية رغم الانخفاض الكبير في الاسعار لمساعدة الاقتصاد الامريكي على التعافي، الا ان هذا الهدف نفسه يمنع اوباما من التصعيد مع إيران. ومع فشل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق أو سوريا، قد لا يكون بمقدورها ان تقوم بعمل افضل في مواجهته في السعودية او الكويت.

وبالطبع لن تقتصر مشاعر المرارة السعودية في هذا اللقاء على الاتفاق النووي وتبعاته المحتملة، بل ستمتد الى الوضع في سوريا حيث تعتبر الرياض ان الفشل المريع للإدارة الامريكية في مواجهة نظام بشار الأسد ساهم في بقائه في السلطة حتى الآن. ومن غير الوارد هنا ايضا ان يحصل جديد، خاصة ان أوباما، وهو على اعتاب عامه الاخير في البيت الأبيض، ليس سوى «بطة عرجاء»، ناهيك عن انه، وباعترافه، لا يملك استراتيجية متماسكة للتعامل مع الوضع هناك.

وسيكون اليمن حاضرا بلا شك مع قلق امريكي حقيقي بسبب الوضع الانساني الكارثي بعد اكثر من خمسة شهور من القصف دون بارقة امل على حل سياسي.

فهل لدى أوباما ما يقدمه حقا سواء للسعودية او العرب؟

  كلمات مفتاحية

الملك سلمان أوباما التقاليد البروتوكولية الاتفاق النووي مجلس الشيوخ العلاقات السعودية الأمريكية

«أوباما» والملك «سلمان»: رحيل «الأسد» شرط لأي تحول سياسي في سوريا

الملك «سلمان» والرئيس «أوباما» يبحثان الوضع في اليمن والتصدي لأنشطة إيران في المنطقة

الملك «سلمان» في البيت الأبيض لأول مرة منذ اعتلاء العرش

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟

«فورين بولسي»: العلاقات السعودية الأمريكية لن تتغير في عهد الملك «سلمان»