مصر والقرن الأفريقي.. البحث عن قاعدة عسكرية لحفظ ماء الوجه

الاثنين 17 أغسطس 2020 03:19 م

تبحث مصر عن موطئ قدم في منطقة القرن الأفريقي، في محاولة لامتلاك أوراق قوة في مواجهة تحديات كبيرة، أبرزها ملف "سد النهضة" المتنازع عليه مع إثيوبيا.

ومن جنوب السودان، إلى إريتريا، ومن جيبوتي إلى إقليم "صومالي لاند"، تتعدد المحاولات المصرية لإقامة قاعدة عسكرية، قرب الحدود مع إثيوبيا، وبالقرب من البحر الأحمر.

وتحظى منطقة القرن الأفريقي بجاذبية استراتيجية لقوى دولية وإقليمية، ومحطة للقواعد العسكرية من قبل الولايات المتحدة وفرنسا والصين واليابان والسعودية والإمارات وتركيا و(إسرائيل).

وتضم منطقة القرن الأفريقي الواقعة على رأس مضيق باب المندب، 6 دول، من بينها 3 دول عربية (الصومال والسودان وجيبوتي)، إضافة إلى إريتريا وكينيا وإثيوبيا.

أرض الصومال

تقع "أرض الصومال" على شاطئ خليج عدن، وبالتحديد في شمال الصومال، وتحدها إثيوبيا من الغرب، وجيبوتي من الشمال الغربي، وخليج عدن من الشمال.

ويعد الإقليم غير المعترف به دوليا (يتمتع بحكم ذاتي شمال الصومال)، خيارا ثمينا أمام مصر لإنشاء قاعدتها العسكرية، التي من المأمول أن تحقق لها التوازن في مواجهة أديس أبابا، حال تضرر حصتها المائية من نهر النيل.

وضمن سياق الخطط المصرية الساعية إلى ذلك، أوفدت القاهرة وفدا أمنيا وعسكريا ودبلوماسيا للقاء رئيس أرض الصومال "موسى بيهي عبدي" في هرجيسا؛ حيث ناقش الجانبان إنشاء منشأة عسكرية، الشهر الماضي.

في المقابل، ستقدم القاهرة ثمنا لذلك، اعترافا دبلوماسيا بـ"صومالي لاند"، وتبادلا للمكاتب التمثيلية، ورفع مستوى التعاون بينهما في كافة المجالات ولاسيما في مجالي التعليم والثروة السمكية، بحسب إذاعة "دلسن" الصومالية.

وتثير الخطوة المصرية قلق إثيوبيا، التي أعلنت  عبر خارجيتها، أن أية مبادرة من شأنها الإضرار بمصالح أديس أدبابا تعتبر "خطوطا حمراء، وأن "لدى مصر الحق في تأسيس علاقات مع الإدارة التي تريد في المنطقة، لكن يجب ألا يضر ذلك باستقرار إثيوبيا".

إغراء "أفورقي"

وعبر زيارة له، يوليو/تموز الماضي، هي الخامسة له منذ تولي الرئيس "عبدالفتاح السيسي" الحكم منتصف 2014، يأتي الرئيس الإريتري "أسياس أفورقي"، كهدف رئيس للإغراءات المصرية.

ووفق مجلة "Geopolitical Futures" الأمريكية، فإن مصر تسعى لإقامة قاعدة عسكرية بحرية في إريتريا، وقد قدمت طلبًا مماثلًا إلى أسمرة؛ لتحقيق هذا الهدف.

وتقدم مصر دعما اقتصاديا مكثفا لإريتريا في مجالات الزراعة وتنقية المياه والطاقة والصرف، وصولا إلى دعم عسكري وأمني، في محاولة لإسالة لعاب أسمرة، والرضوح للمطالب المصرية.

وتقول مصادر مطلعة تحدثت لـ"الخليج الجديد"، إن مصر وعدت "أفورقي" بتزويد الجيش الإريتري، بمعدات عسكرية، ضمن خطط لتعزيز التعاون العسكري الثنائي بين البلدين، والتنسيق العسكري بشأن تأمين البحر الأحمر، وزيادة الوجود العسكري المصري على الأراضي الإريترية.

وتضيف المصادر ذاتها، مشترطة عدم كشف هويتها، إنه جرى إمداد القوات الإريترية بـ57 مدرعة من طراز "فهد" مصرية الصنع، و22 مصفحة جنود.

وتحتفظ إريتريا بساحل يبلغ طوله 180 كلم على ساحل البحر الأحمر، وهو ما يجعلها شريكا لمصر في تأمين الملاحة بالبحر الأحمر.

وتنفي القاهرة وجود أي تواجد عسكري لها في إريتريا، لكن تقارير سودانية وإثيوبية دأبت على الإشارة إلى وجود تحركات عسكرية للقاهرة وأسمرة بالقرب من الحدود المشتركة مع إريتريا.

ويرى مراقبون أن انتهاء حالة الحرب بين إثيوبيا وإريتريا، ربما أفقد القاهرة ورقة ضغط هامة على أديس أبابا.، لكن توظيف أسمرة بصفتها "مراقب" إلى جانبها في مفاوضات "سد النهضة"، قد يقوي الموقف المصري، ويشكل ورقة ضغط غير مباشرة على الجانب الإثيوبي.

   جنوب السودان

وتعد جنوب السودان، أحد الخيارات أمام مصر لبناء قاعدة عسكرية على أراضيها، وتحديدا في منطقة "باجاك" الحدودية بمقاطعة مايوت بولاية أعالي النيل.

ومن المتداول، وفق تقارير إثيوبية، أن القاعدة ستستضيف 250 عنصرا من القوات العسكرية المصرية، وذلك في استعداد واضح لكل الاحتمالات المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أفاد موقع تلفزيون جوبا، نقلا عن مصادر عسكرية، أن حكومة جنوب السودان وافقت على طلب مصري بإنشاء قاعدة عسكرية في مدينة "باجاك"، على بعد 350 كيلو مترا من سد النهضة.

ونقل موقع التلفزيون عن مسؤول عسكري، لم يسمه، قوله "وافقت حكومة جمهورية جنوب السودان وقوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان على تخصيص أرض لإخواننا المصريين، الذين طلبوا قطعة أرض في شرق (جنوب السودان) لوضع قواتهم".

ورسميا تنفي جوبا تلك التقارير، وتقول إن موافقتها على الطلب المصري بإنشاء قاعدة عسكرية في باجاك لا أساس لها من الصحة، لكن مصادر تحدثت لـ"الخليج الجديد"، تؤكد وجود تحركات في هذا الشأن، تضمنت إنشاء مهبط للطائرات المصرية هناك.

وفي يونيو/حزيران الماضي، جرى تسريب مقطع فيديو، بثته قناة محلية، أظهر مشاهد لضباط مصريين يدربون جنوداً من جنوب السودان في موقع جبل مابان، على بُعد ثلاثين كيلومتراً من محافظة مايوت القريبة من الحدود مع إثيوبيا.

وقالت قناة "رامسيل برودكاستينج" التلفزيونية بدولة جنوب السودان، التي بثت التسجيل، إن الفيديو سربه ضابط مخابرات من جنوب السودان؛ نظرا لقلقه من تورط بلاده في الأزمة بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة.

في سياق قريب، وتحديدا في يوليو/تموز 2019، ظهرت مبلامح تحرك مصري لإقامة منطقة لوجيستية مصرية حرة في جيبوتي، بدعوى خدمة دول القرن الأفريقي.، وهو ما كان موضع مباحثات بين وزير الخارجية المصري "سامح شكري" ونظيره الجيبوتي "محمود علي يوسف"، لكن المقترح المصري لم يدخل بعد حيز التنفيذ.

تبقى كل الاحتمالات واردة، بشأن المساعي المصرية "المتأخرة" لامتلاك قاعدة عسكرية في تلك المنطقة الحساسة شرقي أفريقيا، خاصة بعدما تقلصت الخيارات المصرية لإيقاف إثيوبيا عن استكمال "سد النهضة"، وتراجع النفوذ المصري أفريقيا، مقابل تمدد نفوذ قوى أخرى داخل القارة السمراء. 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قاعدة عسكرية مصرية القرن الإفريقي سد النهضة الإثيوبي إريتريا جنوب السودان

تضارب الأنباء حول إنشاء مصر قاعدة عسكرية في جنوب السودان

شكري يؤكد لنظيره الإريتري دعم مصر لاستقرار الوضع بالقرن الأفريقي