الخطوة القادمة في ليبيا.. صراع إقليمي أم تسوية تفاوضية؟

الأربعاء 19 أغسطس 2020 06:59 م

منذ 8 أسابيع، تستعد قوات حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دوليا، وقوات الجنرال "خليفة حفتر"، المدعوم من مصر والإمارات وروسيا، لمرحلة دامية حول سرت ولكن لم تندلع معركة حقيقية حتى الآن.

ويعتقد الخبراء أن كلا الجانبين وداعميهما الإقليميين يمارسون استراتيجية "حافة الهاوية" التفاوضية، وهي استراتيجية يحاول فيها طرف ما الحصول على عدة مطالب ويتمسك بها جميعا وإن كان يخاطر بخسارتها كلها. 

ويمكن أن تنجح هذه المناورة بإجبار الخصم على التراجع وتقديم تنازلات، لكن يمكن أن تؤدي أيضا إلى معركة إقليمية على الأراضي الليبية.

وقال "مفتاح الطيار" السفير الليبي السابق في المكسيك، لموقع "إنسايد أرابيا"، إن خطر نشوب صراع بين الجيوش الإقليمية الرئيسية التي تدعم أطراف الصراع في ليبيا، بما في ذلك تركيا ومصر، لا يزال مرتفعا.

وأضاف "الطيار": "لهذا السبب تحاول الولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا دفع كلا الطرفين المتحاربين وداعميهما إلى حل سياسي تفاوضي".

ودعا مستشار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للأمن القومي "روبرت أوبراين"، إلى نزع السلاح في سرت، وعارض بشدة التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، بما في ذلك استخدام المرتزقة والجهود المستمرة للقوى الأجنبية لتأسيس وجود عسكري دائم في ليبيا، في إشارة إلى كل من تركيا وروسيا.

وقال البيت الأبيض إن "ترامب" تحدث مع العديد من قادة العالم بشأن خفض التصعيد في ليبيا.

ضغط الأمم المتحدة من أجل منطقة عازلة

وحذرت "ستيفاني ويليامز" القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، من أن تدفق المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا ينطوي على مخاطر سوء التقدير حول سرت، ودعت إلى الفصل بين الطرفين المتحاربين في ليبيا.

وقال "وولفجانج بوستاي"، الملحق العسكري النمساوي السابق في ليبيا، إن إنشاء منطقة عازلة بين الجانبين يمكن أن يكون مفيدا في تمهيد الطريق للمفاوضات، بشرط أن تتوصل كل من حكومة الوفاق الوطني وقوات "حفتر" إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن لأي منهما هزيمة الجانب الآخر عسكريا.

ويتصور "بوستاي" دورا حاسما للاتحاد الأوروبي في إنشاء مثل هذه المنطقة العازلة.

وقال "بوستاي": "تتميز التضاريس الواقعة غرب سرت بأنها صحراء مفتوحة مع طريقين رئيسيين فقط، لذلك يمكن أن تكون مهمة عسكرية سهلة لمجموعات الاتحاد الأوروبي القتالية لإنشاء منطقة عازلة وفرضها، وإيجاد حل منزوع السلاح في سرت".

وأضاف "بوستاي" أنه منذ يوليو/تموز، أصبحت قوة مظلية بقيادة ألمانية ومجموعة قتالية إيطالية-إسبانية قوامها 4 آلاف جندي في وضع الاستعداد.

وأوضح "بوستاي" أنه "يجب على كل من حكومة الوفاق الوطني وقوات "حفتر" الموافقة على نشر قوات الاتحاد الأوروبي وسحب معظم قواتهما من هذه المنطقة العازلة مع فرض منطقة حظر طيران حول سرت".

الدور النشط للولايات المتحدة

وبدأت الدبلوماسية الأمريكية في دفع كلا الجانبين وداعميهما إلى التهدئة. ووفقا للسفارة الأمريكية في ليبيا، تحدث السفير الأمريكي "ريتشارد نورلاند" هاتفيا مع رئيس الوزراء الليبي "فايز السراج" لمناقشة آخر المستجدات ووضع اللمسات الأخيرة لحل ليبي من شأنه تعزيز وقف دائم لإطلاق النار، وتعزيز الشفافية في المؤسسات الاقتصادية، ودفع عجلة العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة".

من ناحية أخرى، ناقش السفير الأمريكي في القاهرة "جوناثان كوهين" خطة خفض التصعيد مع "عقيلة صالح"، رئيس البرلمان الليبي المتحالف مع "حفتر".

وأشاد "بوستاي" بالدور النشط المفاجئ للولايات المتحدة في ليبيا.

وقال "بوستاي": "يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورا رئيسيا في إقناع الداعمين الإقليميين لكلا الجانبين بالعمل من أجل وقف إطلاق النار ودعم حل سياسي تفاوضي.. وبمجرد حدوث ذلك، سيكون من الصعب للغاية على حكومة الوفاق الوطني وقوات حفتر رفض مثل هذه الخطة".

لكن حتى الآن، يضع كلا الجانبين شروطا مسبقة قصوى لقبول وقف إطلاق النار، حيث تصر حكومة الوفاق الوطني على انسحاب قوات "حفتر" من سرت، بينما يشترط "حفتر" انسحاب تركيا والتشكيلات التابعة لها من ليبيا تماما قبل وقف إطلاق النار، بالرغم أن قوات "حفتر" نفسها تتألف من عدة مجموعات من المرتزقة الأجانب الذين تعاقدت معهم روسيا والإمارات.

وقال "الطيار": "هذا أمر طبيعي، خاصة في البداية، أن يضع كل جانب شروطا صعبة للغاية بحيث لا يمكن قبولها من قبل الجانب الآخر، ولكن بمجرد أن يجلسا على طاولة المفاوضات، سيدرك كل جانب الحاجة إلى حل وسط، وأنه يتعين عليه تقديم شيء من أجل الحصول على شيء ما".

الضغط الشعبي

وقال "الطيار" إن الضغط الحقيقي سيأتي من الشعب الليبي، الذي عانى كثيرا من هذا الصراع الطويل، خاصة خلال حملة قوات "حفتر" الفاشلة للسيطرة على طرابلس.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في بيان لها: "أثبتت المأساة التي عصفت بليبيا منذ أكثر من عام دون أدنى شك أن أي حرب بين الليبيين هي حرب خاسرة. ولا يمكن أن يكون هناك منتصر حقيقي، فقط خسائر فادحة للأمة وشعبها، الذي عانى بالفعل بسبب الصراع لأكثر من 9 أعوام".

وإذا اتفق الطرفان المتحاربان على استئناف المحادثات العسكرية والاقتصادية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، فقد يمهد ذلك الطريق لحل سياسي تفاوضي.

وقال السفير "الطيار" إنه في حين أن الليبيين بشكل عام لن يدعموا أي محاولة لتقسيم البلاد، فهناك قبول واسع لنوع من النظام السياسي الفيدرالي على غرار ذلك الذي بدأ في عهد الملك الراحل "إدريس"، حيث تم منح المقاطعات التاريخية الـ 3 في ليبيا حصة عادلة من عائدات النفط الليبي.

وأضاف أنه من باب التفاؤل، فإن فرص التوصل إلى حل سياسي تفاوضي مقابل صراع إقليمي في ليبيا لا تزال 50 إلى 50.

المصدر | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصراع الليبي حكومة الوفاق الوطني سرت قوات حفتر

الوفاق: لا نأبه للسيسي وسنحرر سرت والجفرة كما حررنا طرابلس

الأطراف الليبية تتفق على وقف فوري لإطلاق النار والدعوة لانتخابات

ترحيب دولي وعربي باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا