4 عوامل تفسر فتح حفتر الموانئ النفطية

الجمعة 21 أغسطس 2020 09:11 ص

اضطر الجنرال الليبي المتقاعد، "خليفة حفتر"، قائد قوات شرق ليبيا، إلى التراجع وفتح موانئ النفط في البلاد بعد إغلاق استمر 7 أشهر كاملة.

وتفسر أسباب عديدة تراجع "حفتر" واضطراره إلى فتح موانئ البلاد، أبرزها 4 عوامل كانت رئيسية وحاسمة في ذلك القرار.

وأعلن رئيس ما يعرف بحرس المنشآت النفطية التابع لميليشيات "حفتر" فتح الموانئ النفطية، "ناجي المغربي"، مساء الثلاثاء، قرار إعادة فتح الموانئ، معترفا بأن ذلك الإغلاق تسبب في عدم توفر الكهرباء بالمنطقة الشرقية والانقطاعات المتكررة.

كما أشار إلى تراكم المكثفات المصاحبة للغاز في الموانئ النفطية مع تجاوز القدرة التخزينية، فضلا عن الحفاظ على البنية التحتية للمنشآت النفطية من أنابيب وخزانات ومعدات التنقيب.

يمثل ما ورد في إعلان "المغربي" أسبابا رئيسية لتراجع "حفتر"، لكن هناك كذلك عوامل أخرى.

المنطقة الشرقية تغرق في الظلام

حذرت المؤسسة الوطنية للنفط، في 12 أغسطس/آب الجاري، من "قرب توقف إمدادات الغاز الطبيعي الذي يغذي محطات كهرباء الزويتينة وشمال مدينة بنغازي (شرق).

قالت المؤسسة إن ذلك سيتسبب في "انقطاع الكهرباء بالمنطقة الشرقية خلال الأيام المقبلة".

بالفعل، غرقت المنطقة الشرقية في الظلام وسط استفحال أزمة انقطاع الكهرباء، بشكل أثار قلق واضطراب السكان من الوضع الجديد.

ورغم أن سكان العاصمة طرابلس عانوا قبلهم من تلك الأزمة على غرار كامل سكان المنطقتين الغربية والجنوبية، فإن ذلك كان جديدا على المناطق التي كان يسيطر عليها "حفتر".

ولأن انقطاع الكهرباء عن المنطقة الشرقية يؤثر على كامل القطاعات بما فيها الصحية والعسكرية والمدنية، فلم تجد قوات "حفتر" من بُد سوى فتح موانئ النفط لتصدير الشحنات المخزنة من المكثفات لاستيراد الغاز وتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية من جديد، وهو ما أشار إليه قائد حرس المنشآت النفطية التابع لـ"حفتر".

مخاوف تكرار انفجار مرفأ بيروت

حذر رئيس مؤسسة النفط الليبية، "مصطفى صنع الله"، من تكرار مأساة مرفأ بيروت في الموانئ النفطية الليبية، حيث تسبب انفجار 2750 طن من نترات الأمونيوم المخزنة منذ سنوات في مرفأ بيروت، في مقتل العشرات وإصابة الآلاف وخسارة مليارات الدولارات.

ويتواجد المئات من عناصر "حفتر" والمرتزقة الأجانب في الموانئ النفطية وحولها، وأي انفجار للمكثفات ولغاز الأمونياك المخزن بكميات كبيرة بها، يجعل تلك العناصر المسلحة أولى ضحاياه رفقة العمال والسكان المحليين المقيمين بالقرب من هذه الموانئ.

يعتبر ذلك أيضا سببا مهما ضمن العوامل التي دفعت قوات "حفتر" للقبول بتصدير هذه الكميات المخزنة من المكثفات والتخلص منها، خاصة وأنهم أقروا بأن الموانئ النفطية تجاوزت قدراتها التخزينية، ولم يتحدثوا عن إعادة إنتاج النفط وتصديره بعد.

مع اشتداد الحرارة لنحو 40 درجة، ووقوع اشتباكات قرب ميناء البريقة النفطي في يوليو/تموز الماضي، أصبحت مخاطر انفجار هائل في المنطقة أكثر حضورا، وقد تفوق قوته الانفجار المتوقع نظيره في بيروت.

فميناء البريقة وحده يخزن 25 ألف طن من غاز الأمونياك سريع الاشتعال، أو ما يمثل 9 أضعاف نترات الأمونيوم التي انفجرت في بيروت.

وليس من المستبعد أن تكون قوات "حفتر" أخذت بعين الاعتبارات هذه التهديدات الصناعية محمل الجد، خصوصا، وأن "ناجي المغربي"، أشار إلى أنهم اجتمعوا مع مسؤولين في المؤسسة الوطنية للنفط وشركة الخليج العربي للنفط، على الأغلب تم إطلاعهم على خطورة الوضع.

ناهيك عن الأضرار التي لحقت والتي يمكن أن تلحق بالبنية التحتية النفطية من أنابيب ومخازن ومعدات تنقيب، بسبب إغلاق المحروقات طيلة أشهر، مما يتصلب أموال طائلة لإعادة صيانتها أو تجديدها، مما يعمق خسائر قطاع النفط.

الضغوط الدولية

شكلت الضغوط الدولية، وعلى رأسها الأمريكية عاملا مهما في دفع مليشيات حفتر لفتحها الموانئ النفطية ولو جزئيا.

وسبق لهذه الضغوط أن نجحت في 10 يوليو/تموز الماضي، في السماح بشحن سفينة واحدة بالنفط، في اليوم التالي، قبل أن يتم إعادة غلق الموانئ النفطية بإيعاز من الإمارات، بحسب المؤسسة الوطنية للنفط. 

وأثار ذلك غضب واشنطن التي هددت بفرض عقوبات على معرقلي تصدير النفط.

كما أن إعلان قوات "حفتر" فتحها الجزئي لموانئ النفط، مساء الثلاثاء، تزامن مع زيارة وزير الخارجية الألماني "هايكو ماس" إلى الإمارات، للضغط عليها لممارسة نفوذها على حفتر لفتح الموانئ النفطية والقبول بمنطقة منزوعة السلاح في سرت والجفرة (وسط).

وتمتلك برلين ورقة مهمة للضغط على أبوظبي، تتمثل في صادرات الأسلحة، والمقدر قيمتها بأكثر من 50 مليون يورو، وافقت عليها الحكومة الألمانية مطلع العام الجاري.

ومن الممكن أن تلوح ألمانيا بتجميد صادرات الأسلحة للإمارات على غرار ما فعلته مع السعودية في 2019، خصوصا وأنه تم العثور في ليبيا على شاحنات عسكرية ألمانية مثبتة عليها منظومة دفاع جوي بانتسير روسية الصنع.

ولم يرشح الكثير عن نتائج الزيارة لأبوظبي، لكن قبل يوم من لقائه المسؤولين الإماراتيين، اجتمع "ماس" مع ممثلين عن المؤسسة الليبية للنفط بطرابلس، وشدد على ضرورة "الإنهاء الفوري للإغلاقات، ودعم ألمانيا للجهود التي تبذلها المؤسسة الوطنية للنفط من أجل إعادة الإنتاج".

الغضب الشعبي

الأوضاع المعيشية التي تزداد سوء في الشرق كما الجنوب، واتهام الناس لقادة قوات "حفتر" وأبنائهم بالفساد ونهب المال العام والحصول على ترقيات ليست من حقهم، دفعت "أحمد المسماري"، المتحدث باسم "حفتر"، إلى نفي ذلك في مؤتمر صحفي. 

كما أن عودة أنصار النظام السابق للنشاط خاصة في المنطقة الشرقية، بدأ يزعج "حفتر" وأبناءه، خاصة وأن أعدادهم ليست قليلة، إذ سبق وأن اعتبر "سيف القذافي" في تصريح لعميلين روسيين اعتقلا في طرابلس أن 80% من قوات "حفتر" موالين له.

ويظهر قلق "حفتر" من أنصار "القذافي"، قيامه باعتقال عدد منهم قدرهم بعض الناشطون الليبيون بالمئات، خاصة في سرت (وسط) وأجدابيا وبنغازي وبعض مدن الشرق.

ويخشى "حفتر" من استغلال أنصار النظام السابق، هزيمته في طرابلس وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقتين الشرقية والجنوبية، لتأليب الشارع ضده، وقلب الطاولة عليه، خصوصا وأن الكثير من ضباطه موالين لـ"القذافي" الابن.

يسعى "حفتر" من وراء الفتح الجزئي للموانئ النفطية لتخفيف الاحتقان الشعبي في المناطق الخاضعة لسيطرته، وتفويت الفرصة على أنصار "القذافي" لاستثمار إخفاقاته.

لكن هذا الفتح الجزئي للموانئ النفطية لن يكون له أهمية كبيرة إذا لم يتم فتح كل الموانئ والحقول النفطية بشكل دائم، ولن يتحقق ذلك إلا بإخراج قوات "حفتر" والمرتزقة الأجانب من الهلال النفطي، وتولي الحكومة الشرعية تأمينه.

 

 

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

خليفة حفتر موانئ النفط الليبية

النفط الليبية تطالب بانسحاب المرتزقة فورا من منشآتها

مهاجما وقف إطلاق النار.. متحدث حفتر: مستعدون للقتال