خاص.. مبادرة أمريكية وتراجع فرنسي وراء بياني وقف النار في ليبيا

السبت 22 أغسطس 2020 02:17 م

كشفت مصادر ليبية خاصة، السبت، أن "مبادرة أمريكية وتراجعا فرنسيا" سببان رئيسان في صدور بيانين متزامنين، الجمعة، لإعلان وقف شامل لإطلاق النار في ليبيا عن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، "فائز السراج"، ورئيس مجلس نواب طبرق "عقيلة صالح".

وأوضحت المصادر لـ"الخليج الجديد" أن بياني "السراج" و"صالح" نتاج لحراك دبلوماسي أمريكي واسع وتواصل مع الفاعلين الإقليميين في الشأن الليبي خلال الآونة الأخيرة؛ لتحقيق عدة أهداف، على رأسها حماية مصالح واشنطن، خاصة النفطية منها، والتصدي للتمدد العسكري الروسي على الأراضي الليبية.

فصناع القرار الأمريكي يعتبرون نذر الحرب بين قوات "الوفاق" وقوات الجنرال الليبي المتقاعد "خليفة حفتر" في مدينتي سرت والجفرة تهديدا استراتيجيا من المحتمل أن يسهم في زيادة التمدد الروسي وتعريض الموانيء الليبية وحقول النفط لمخاطر بالغة، حسب المصادر.

وإزاء ذلك، قاد السفير الأمريكي في طرابلس "ريتشارد نورلاند" تفاهما على الخطوط العريضة لمضمون بياني "السراج" و"صالح"، وطلب ثلاثتهم من الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة في ليبيا "ستيفاني وليامز" تبني البيانيين ودعمهما .

وتجاهل "نورلاند" الاتصال بأي ممثل لـ"حفتر" في المفاوضات الأخيرة؛ ما يعزز المؤشرات على تراجع دور الجنرال الليبي، الذي ينازع حكومة الوفاق سلطتها عسكريا منذ عام 2014، في خارطة أفق الحل السياسي بليبيا.

وكانت تلك المؤشرات قد تصاعدت بعدما سيطرت قوات "الوفاق" على كامل مدن شريط الساحل الغربي لليبيا، ونجحت في طرد قوات "حفتر" من ترهونة وقاعدة الوطية الجوية، لتشير تقارير غربية إلى اتجاه دولي لإقصاء الجنرال المتقاعد عن المشهد.  

  • تركيا ومصر

وتضمن التحرك الأمريكي أيضا –حسب المصادر– لقاءات مع صناع القرار في أنقرة والقاهرة، خاصة أن مدينتي سرت والجفرة بقيتا موضع خلاف كبير بين القوى الإقليمية ذات النفوذ في الملف الليبي، إلى حد تهديد مصر بالتدخل العسكري حال تجاوزتهما قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا.

وتوقعت المصادر أن يذعن الموقف المصري للإرادة الأمريكية المتمثلة في تطبيق مضمون بياني وقف إطلاق النار، عبر المضي باتجاه تقارب مع تركيا.

وفي المقابل، ترجح المصادر ذاتها أن ترحب أنقرة بنتاج المبادرة الأمريكية، باعتبار أن وقف إطلاق النار يصب في صالح تعزيز دورها في ليبيا، بعدما ضمنت قوات "الوفاق" سيطرة محكمة على كامل الغرب الليبي، وتخفيف الضغوط على قيادتها العسكرية الداعمة لحكومة الوفاق، خاصة في ظل تكبدها أعباء معركة أخرى مع الأوروبيين شرقي البحر المتوسط.

  • فرنسا وروسيا

أما فرنسا، فتشير المصادر إلى "تعديل تدريجي" في موقفها باتجاه التقارب مع حكومة الوفاق بعدما حسمت المبادرة الأمريكية مستقبل التعويل على "حفتر" بمستقبل ليبيا، وفي ظل رفض واشنطن لأي تقارب بين باريس وموسكو من شأنه تعزيز نفوذ التدخل العسكري الروسي بالشرق الليبي.

وتلفت المصادر، في هذا الصدد، إلى أن زيارة وزيري الدفاع القطري والتركي "خلوصي أكار" و"خالد العطية" إلى طرابلس مؤخرا بعثت برسائل سياسية واضحة للعواصم الإقليمية والدولية، وأكدت على أن موازين القوى قد حسمت في الغرب الليبي، الذي يمثل ظهيرا استراتيجيا مهما لباريس، لاعتبارين، الأول يتعلق بالحد من الهجرة الأفريقية غير النظامية إلى أوروبا، والثاني يتعلق باعتبار الطريق إلى الجنوب الليبي بوابة منطقة نفوذ باريس الاستراتيجية على دول منطقة الساحل الأفريقي الغربي. 

غير أن الموقف الروسي من تطبيق وقف النار في ليبيا لايزال معضلة حقيقية، وهو مرهون –وفق المصادر- بنجاح توصل موسكو لتسوية مع أنقرة بشروط أمريكية.

وترتبط فرص هذا النجاح بتأثير الروس على قرار قوات "حفتر" على الأرض؛ إذ لا يملك رئيس مجلس نواب طبرق سلطة القرار عليها حتى الآن، وهو ما اعتبره مراقبون السبب وراء عدم صدور بيان مشترك بشأن وقف إطلاق النار لكل من "السراج" و"صالح"، ووجود نقاط اختلاف بين بيانيهما.

فبينما أعلن قائد غرفة عمليات قوات "الوفاق" بسرت والجفرة، العميد "إبراهيم بيت المال"، امتثاله لأوامر "السراج"، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، طلب "صالح" من "الجميع" (دون تحديد)، الوقف الفوري لإطلاق النار وكافة العمليات القتالية في جميع أنحاء البلاد، وهو ما لم تعلن قوات "حفتر" امتثالها له على الفور، رغم أن المعارك توقفت فعليا منذ يونيو/حزيران الماضي.

وبينما شدد "السراج" على ضرورة أن تشرف المؤسسة الوطنية للنفط وحدها على تأمين الحقول والموانئ النفطية في كامل البلاد، تجاهل "صالح" هذه النقطة، خاصة أنها تعني سحب ورقة مهمة من مليشيا "حفتر" للمساومة عليها.

ورغم التوافق بين رئيس حكومة الوفاق ورئيس مجلس نواب طبرق على أن تتولى قوة شرطية من الطرفين عملية تأمين مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)؛ ما يعني جعل المدينة منطقة منزوعة السلاح، وإخراج قوات "حفتر" ومرتزقة شركة "فاجنر" الروسية، والمرتزقة الأفارقة منها، إلا أن "السراج" يشدد على أن العملية يجب أن تشمل الجفرة أيضا (300 كلم جنوب سرت)، وهو ما لم يشر إليه بيان "صالح" مطلقا.

  • ضمان النفط

لكن أهم نقطة تمتت صياغتها في البيانين بشكل متشابه، وفق المصادر، تتمثل في استئناف إنتاج وتصدير النفط في الحقول والموانئ النفطية، وإيداع إيراداته في حساب خاص لدى المصرف الليبي الخارجي (التابع للبنك المركزي الليبي)، على أن لا يتم التصرف فيه إلا بعد التوصل إلى تسوية سياسية، وهو ما يمثل ضمانا لأحد الأهداف الاستراتيجية من المبادرة الأمريكية.

وتسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في ليبيا، بعد غلق قوات "حفتر" لإنتاج النفط، في أزمات كثيرة، أبرزها انقطاع الكهرباء لفترات طويلة يوميا؛ ما أدى إلى حالة غليان شعبي، استغله أنصار نظام "معمر القذافي" السابق، للتحرك ميدانيا ومحاولة التظاهر للمطالبة بترشيح "سيف الإسلام القذافي" لرئاسة البلاد، وإظهار أن ثوار 17 فبراير/شباط، سواء في معسكر "السراج" أو معسكر "حفتر"، فشلوا في إعادة بناء الدولة.

غير أن إصدار بيانَي "السراج" و"صالح ، في 21 أغسطس/آب، بعد يوم من تاريخ سقوط العاصمة طرابلس في يد الثوار عام 2011، حمل دلالة ضمنية –حسب مراقبين– على أن المشهد الليبي في طريقة لحل سياسي بعيدا عن العودة إلى معادلات النظام السابق.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فائز السراج خليفة حفتر سرت الجفرة حكومة الوفاق

المجلس الأعلى الليبي: يجب إعادة بناء المؤسسة العسكرية وإنهاء فوضى انتشار السلاح

الوفاق الليبية تشكر تركيا وقطر وتتطلع لدور مصري إيجابي

رددوا شعارات مؤيدة لحفتر.. داخلية الوفاق: مندسون وراء إطلاق النار على مظاهرات بطرابلس

ليبيا.. مستقبل وقف إطلاق النار وسط تصاعد الاحتجاجات والتدخل الأجنبي

قوة عسكرية فرنسية تصل قاعدة تمنهنت جنوبي ليبيا.. ماذا يحدث؟