ماذا بعد تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة؟

الأربعاء 2 سبتمبر 2020 04:10 م

بعد 4 أسابيع تقريبًا من الانفجار الذي دمر ميناء بيروت وجزءًا كبيرًا من المدينة نفسها، أوصى معظم السياسيين اللبنانيين الرئيس "ميشال عون" بتعيين سفير البلاد في ألمانيا "مصطفى أديب" في منصب رئيس الوزراء.

وستكون مهمة "أديب" تشكيل حكومة تركز على إخراج لبنان من مشاكله السياسية والاقتصادية العميقة بعد فشل حكومة "حسان دياب" في معالجة هذه المشاكل.

يشترك "دياب" و"أديب" في كثير من الجوانب، فهما شخصان غير معروفين من قبل ولا يتمتعان بقاعدة سياسية، وليس لديهما القدرة على رسم مسار شجاع في سياسات لبنان.

لكن يبرز اختلاف واحد، ففي حين تم اختيار "دياب" دون دعم من الرباعية (عرف متبع بتسمية رئيس الوزراء بالتوافق بين 4 رؤساء وزراء سابقين)، فإن "أديب" تم تسميته بتوافق الرباعية، ويتمتع بدعم البرلمان كما أن له نفوذ في أروقة البيروقراطية.

ومع فشل "دياب" في إقناع اللبنانيين والمحيط الإقليمي والدولي أنه الرجل المناسب، بسبب اختيار "حزب الله" و"عون" له، قد يكون "أديب" قادرًا على الاعتماد على العلاقات السابقة وقد يكون لديه ثقل مؤسسي أكبر لممارسة عمله.

لدى كل من "دياب" و"أديب" مشكلة تتمثل في عدم التفاعل مع ما يحتاجه لبنان اليوم أو ما يطالب به المحتجون ضد النظام السياسي بأكمله، لكن من المرجح أن يتم استخدام تعيين "أديب" لإقناع المحتجين بأنه يمكن أن يكون بديلاً مقبولاً لأنه يتمتع بمزيد من الدعم السياسي وقد يكون قادرًا على تسريع المساعدة الخارجية لمعالجة الظروف الحالية.

لكن هذه الحسابات قد لا ترضي الشارع، فالمتظاهرون لا يريدون تغييرًا عاجلًا في النظام السياسي فحسب، بل يريدون أيضًا التعويض والعقاب السريع للطبقة السياسية بأكملها، والتي يتهمونها بالمسؤولية عن الظروف التي أدت إلى انفجار بيروت.

بالإضافة إلى "دياب"، فقد قاد اثنان من رؤساء الوزراء الأربعة السابقين الذين أوصوا بـ"أديب"- "الحريري"، و"سلام"- الحكومات المتعاقبة خلال الفترة التي تم فيها تخزين نترات الأمونيوم الخطرة في مرفأ بيروت.

ولا يرى المتظاهرون في تعيين "أديب" استجابة لمطالبهم ولا يثقون في أن أي حكومة يتم تشكيلها بموجب القواعد السياسية القديمة، وبدلاً من ذلك، فإنهم يعتقدون أنها ستساهم في استمرار نفس الظروف التي أدت بالبلاد إلى وضعها الحالي، بالنسبة لهم، يجب أن يرحل جميع السياسيين الذين كانوا جزءًا من النظام الحالي.

بالنسبة للمجتمع الدولي، قد يُنظر إلى اختيار "أديب" على أنه خطوة إيجابية، فقد يخفف من مطالب الإصلاحات العميقة التي فرضتها الدول والمنظمات المانحة.

حتى الآن، أجرى لبنان مفاوضات فاشلة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض بمليارات الدولارات لمساعدة الاقتصاد اللبناني وإنقاذ عملته، كما أن الصناديق ذات الثقل الكبير مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية تتردد في المساعدة.

ومع وجود دائرة انتخابية برلمانية موحدة، قد يُنظر إلى "أديب" على أنه أفضل ما يمكن للبنان تقديمه في الوقت الحاضر، فهو شخص يمكنه رعاية التحقيق في انفجار بيروت وتحديد المسؤوليات والعقوبات، ومن شأن اختياره أن يرضي الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" الذي يزور بيروت في الذكرى المئوية لتأسيس النظام اللبناني الحالي عام 1920 على يد سلطات الانتداب الفرنسي.

تشير التقارير الإخبارية الواردة من بيروت  إلى أن "ماكرون" علم بإمكانية اختيار "أديب" لرئاسة الوزراء منذ 28 أغسطس/آب ووافق بالفعل على هذا الاختيار، في هذه الزيارة الثانية إلى لبنان في أقل من شهر، يُقال إن "ماكرون" مصمم على إجبار القادة اللبنانيين على إجراء إصلاحات جذرية في النظام السياسي الطائفي.

في 6 أغسطس/آب، بعد يومين من انفجار بيروت، زار "ماكرون" الشوارع المدمرة في منطقة الميناء، حتى قبل أن يتخذ قادة البلد خطوة لتفقد الانفجار، وتم استقباله كمنقذ، كما جمع "ماكرون" السياسيين من كافة الأطياف، أولاً، لتوبيخهم بشأن أدائهم، وثانيًا، لإقناعهم بالتخلي عن مخاوفهم وآرائهم التقليدية لصالح نظام سياسي جديد يستجيب لمطالب الشعب.

في الواقع، كان "ماكرون" الزعيم الأجنبي الوحيد المستعد للمراهنة بمكانته السياسية ونفوذه لمحاولة مساعدة لبنان بطريقة ذات مغزى بعد أن قرر القادة الإقليميون والدوليون عمليًا ترك البلاد تلعق جراحها بمفردها مع تقديم بعض الإغاثة الإنسانية فقط.

ومن المتوقع أن يستخدم الرئيس الفرنسي مساعيه لمساعدة رئيس الوزراء الجديد؛ لكن هل سيسمح السياسيون اللبنانيون لـ"أديب" فعل ما يريده "ماكرون"؟

ما هو غير معروف أيضًا هو مدى إصرار "ماكرون" على دفع السياسيين اللبنانيين، و"أديب" إلى تنفيذ بعض الإصلاحات الضرورية؟

وهل سيكون "ماكرون" راضيًا بما يكفي لإقناع الآخرين حول العالم بفعل الشيء نفسه؟

أخيرًا، مهما كانت أهداف "ماكرون"، فإنها تتضاءل مقارنة بما يطالب به اللبنانيون، وهو الإصلاح الشامل للنظام السياسي والاقتصاد والدولة ومؤسساتها.

قد يحظى "أديب" بدعم عدد لا يحصى من القوى والشخصيات السياسية، لكن نجاحه سيتوقف على قدرته على تحريك جبل الفساد، والجمود السياسي، والمحسوبية، وأي شيء أقل من ذلك سيثبت أنه رئيس وزراء جديد يواصل قيادة مسيرة لبنان إلى الهاوية.

المصدر | عماد حرب | المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصطفى أديب النظام السياسي اللبناني ماكرون انفجار بيروت

رسميا.. الرئيس اللبناني يكلف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة

بمباركة حزب الله وتيار المستقبل.. توافق لبناني على تسمية مصطفى أديب لرئاسة الحكومة

رؤساء حكومات لبنان السابقون يرشحون مصطفى أديب لرئاسة الوزراء

ستراتفور: شبح الحرب الأهلية يقترب من لبنان

بري يعلن عدم مشاركة حركة أمل في الحكومة اللبنانية