موقع الأردن من المعادلة الإقليمية بعد التطبيع الإماراتي الإسرائيلي

الاثنين 7 سبتمبر 2020 06:11 م

مع الإعلان على اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، انطلقت عاصفة من ردود الفعل المتباينة، خاصة داخل العالم العربي، ولكن الموقف الأكثر إثارة للجدل جاء من الأردن.

وانتقد الأردن الاتفاق، رغم توقيعه معاهدة سلام مع (إسرائيل) عام 1994، حيث حذر وزير الخارجية "أيمن الصفدي"، قائلا: "إذا كانت (إسرائيل) ترى في الاتفاق حافزا لإنهاء الاحتلال وعودة حق الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ستتجه المنطقة نحو سلام عادل. ومع ذلك، إذا لم تفعل (إسرائيل) ذلك، فسوف يعمق هذا الاتفاق الصراع ويهدد المنطقة بأسرها".

وفي الآونة الأخيرة، ظهرت تغريدة مثيرة للجدل من الأمير الأردني "علي بن حسين" جاء فيها كلمة "خائن" مع صور لـ"بن زايد".

وبالرغم من حذفها لاحقا، لكن التغريدة تم إعادة تغريدها أكثر من 900 مرة، مع تعليقات تراوحت من الإشادة بـ"الموقف المشرف" لـ"بن حسين" إلى تذكيره بـ"معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية لعام 1994 في وادي عربة".

يشار إلى أن علاقة الأردن بـ(إسرائيل) متشابكة، خاصة مع وجود أغلبية سكانية من الفلسطينيين الذين تم طردهم من الأراضي المحتلة في موجات من 1948 إلى 1967.

ويملك هؤلاء السكان ثقلا كبيرا ويؤثرون على كيفية بناء العائلة الهاشمية لشرعيتها وبقاء النظام، الأمر الذي قد يكون وراء غضب الأردن تجاه صفقة التطبيع الإماراتي.

وبموجب معاهدة السلام لعام 1994، تم إجبار الأردن على التنازل رسميا عن مطالباته بالضفة الغربية والقدس الشرقية.

وكانت هذه مشكلة، حيث اعتمد الهاشميون الأردنيون على الوصاية الدينية في شرعيتهم، بما في ذلك الوصاية على المسجد الأقصى في القدس.

وفي مقابل السلام مع (إسرائيل)، اقترب الأردن من الولايات المتحدة كحليف رئيسي وحصل على المزيد من المساعدات الأمريكية، وعمل كوسيط سري بين (إسرائيل) والدول المجاورة.

قنوات الوساطة

وسمحت معاهدة الأردن مع (إسرائيل) لعمّان بتخفيف التراجع في شعبيتها عبر محاولات عقد قمم سلام يمكن أن تعزز مكانتها كحكم ووسيط.

وكان هذا واضحا في عام 2013، عندما أعلن الملك "عبدالله الثاني" عن استعداد عمّان للعمل كوسيط للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأصر العاهل الأردني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" على أن "نافذة الفرص لا تزال مفتوحة لإعادة حشد جهود السلام".

ولا شك أن مهمة تحقيق التوازن بين الشعب الفلسطيني والشرعية الدينية من خلال رعاية القدس ومعاهدة السلام مع (إسرائيل) قد منحت عمّان أوراق اعتماد لقيادة هذه المبادرة.

وقد استفاد الأردن من قدرته على استضافة الشخصيات السياسية الإسرائيلية والقادة العرب الذين يرغبون في التواصل بشكل سري، حيث أصبح يُنظر إلى الأردن باعتباره جهة فاعلة أساسية ومستقرة في المنطقة.

وتعد هذه الفكرة صحيحة خاصة مع الأخذ في الاعتبار أن الأردن كان ثاني دولة عربية بعد مصر توقع معاهدة سلام مع (إسرائيل).

وكلفت المعاهدة المصرية الإسرائيلية لعام 1979 الرئيس المصري آنذاك "أنور السادات" حياته، وقد تم اغتياله عام 1981.

ويبدو أن العاهل الأردني الملك "حسين" لم يواجه مثل هذه التداعيات، ما دفع بعض المحللين إلى وصفه بأنه حاكم بارع في منطقة غير مستقرة. وقد سلم مقاليد الحكم للملك "عبدالله" عام 1999.

تعميق العلاقات الخليجية الإسرائيلية

ومع ذلك، تتحدى الأحداث الأخيرة في الخليج مكانة الأردن بالنسبة لـ(إسرائيل) في العالم العربي، وفي عهد رئيس الوزراء اليميني "بنيامين نتنياهو"، بدأت العلاقات الخليجية الإسرائيلية تتحسن.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، زار "نتنياهو" سلطنة عمان، وقال وزير الاتصالات العُماني إن "الزيارة دليل على لعلاقات الجيدة التي تتطور بين الحكومة الإسرائيلية والدول السنية التي تعارض الإرهاب الإيراني الذي يهددها أيضا".

ويبدو أن التركيز على إيران كعدو مشترك قد شجع على تعميق العلاقات الخليجية الإسرائيلية، وفي وقت مبكر من عام 2017، تواردت أنباء أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" كان يزور (إسرائيل) لإجراء محادثات سرية حول السلام الإقليمي.

وتبع ذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2018 صفقة بقيمة 250 مليون دولار لشراء معدات تجسس إسرائيلية و"مبادلات عسكرية استراتيجية".

وحافظت البحرين، الحليف الأصغر للسعودية، على اتصالات سرية مع (إسرائيل) منذ عام 1994، الذي كان عام معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية.

ومثل السعودية، تعتبر البحرين إيران بمثابة تهديد، حيث حاولت إيران بشكل مستمر توسيع نفوذها في البحرين.

وأشار "حسين أيبش"، الباحث في الشأن الخليجي، إلى أن "تواصل البحرين مع (إسرائيل) يؤكد الاهتمام المتزايد باستكشاف آفاق علاقات أفضل، وربما علاقة استراتيجية جديدة، بين (إسرائيل) ودول الخليج العربية".

محادثات السلام المستقبلية

وبما أن الإمارات تقود انفتاحا جديدا مع (إسرائيل)، فلا شك أن الولايات المتحدة ستكون سعيدة، وبالنسبة لمملكة تعاني من ضائقة مالية مثل الأردن، فإن عام 2020 يشهد انقلابا للفوائد السياسية لعام 1994.

وإذا كانت أبوظبي الآن أقرب إلى (إسرائيل) وواشنطن، وتمكّنت من تجميد الضم، فهل يعني ذلك أن محادثات السلام المستقبلية ستتجه بعيدا عن عمّان باتجاه الإمارات؟ وهل يعني تقليص دور الأردن مساعدة أمريكية أقل؟ وإذا تفوق اتفاق التطبيع الإماراتي على إعلان واشنطن لعام 1994، فما مدى أهمية الأردن بالنسبة للولايات المتحدة؟

حسنا، ستظل الولايات المتحدة تعتبر الأردن قيمة جيواستراتيجية، لكن انخفاض الأهمية كقناة لوصول العرب إلى (إسرائيل) قد يعني انخفاض المساعدات، وانخفاض مستويات المعيشة، وزيادة الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية وسط الاضطرابات المتزايدة.

وبالإضافة إلى التحول الجيوسياسي، فإن هناك تهديدا لمكانة المسجد الأقصى كداعم ديني للأردن، ومن القدس، كان الرد على تغيير مكانة الأقصى الدينية سريعا وحازما، ومنع مفتي القدس المسلمين الإماراتيين من زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، وأصر على أن أي زائر للمسجد يجب أن يمر عبر الأردن أو الأراضي الفلسطينية، وليس مطار "بن جوريون".

ولكن هل يمكن تطبيق هذه الفتوى بشكل عملي؟ وماذا عن رد الأردن؟ تمثل الفتوى رفضا للاحتلال الإسرائيلي، لكن الأقصى يمثل أيضا الشرعية الدينية الأردنية.

ومع وجود أغلبية فلسطينية، كانت استجابة الملك "عبدالله الثاني" باردة على تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، لكنه بلا شك سيوازن هذا الرد من حيث أهمية العلاقة مع واشنطن والإمارات.

وبغض النظر عن نوع التوازن الذي يتم اتباعه، فهناك شيء واحد واضح، إذا كان الأردن لا يزال يرغب في اهتمام واشنطن، فعليه أيضا إرضاء الإمارات.

المصدر | نيكولاي دوجوندرسون | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اتفاق التطبيع الإماراتي العلاقات الأردنية الإسرائيلية

خلف الكواليس.. لماذا يشعر الأردن بالانزعاج من التطبيع بين الإمارات وإسرائيل؟

الأردن.. إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية للذكور بين 25 و29 عاما

الأردن.. الملكة نور تشارك مقالا يهاجم اتفاقيات التطبيع

تقرير: الإمارات تلعب دورا في الحد من معارضة الأردنيين للتطبيع