السعودية في اليمن: القتال من أجل الهيمنة الإقليمية

الجمعة 18 سبتمبر 2015 01:09 ص

تحولت الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها الخليجيون ضد المتمردين الحوثيين في اليمن إلى صراع طائفي موهن حول أجزاء كبيرة من البلد الفقير إلى ركام، كما يهدد بمزيد من زعزعة استقرار المنطقة. وقد أطرت السعودية نهجها بشكل طائفي أثار التعصب ضد الأقليات، الشيعة بشكل رئيسي، الذين وصفتهم السعودية بأنهم أدوات لإيران التوسعية.

تخشى المملكة العربية السعودية على نفوذها الذي يرتكز على احتياطيات النفط وإدارتها للمدن الإسلامية المقدسة، وهما عاملان يشكلان فرصة سانحة. ويعكس الإصرار السعودي الجهود الحثيثة للمملكة لاستغلال هذه الفرصة لتعزيز مكانتها في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

الحزم العسكري السعودي الغير المسبوق يعد ركيزة أساسية لعقيدتها الدفاعية كما وصفها «نواف عبيد» وهو باحث سعودي ذو علاقة وثيقة مع النخبة السياسية الحاكمة في المملكة. وتهدف العقدة السعودية، وفقا لـ«عبيد»، إلى مواجهة التهديدات الثلاثة الأكبر التي تواجه المملكة وهي عدم الاستقرار الإقليمي، إيران انتقامية أو نووية، إضافة إلى الإرهاب.

في مقال نشر مؤخرا في صحيفة «المونيتور»، ذهب «عبيد» إلى أن تلك العقيدة ظهرت جلية في التدخل السعودي ضد التحرك الشعبي في البحرين الذي تم تعريفه حينئذ على أنه تمرد مدعوم من إيران، إضافة إلى النجاح الذي حققه مؤخرا التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين والرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح» في جنوب اليمن.

السعودية وحلفاؤها من دول مجلس التعاون الخليجي، وبخاصة الإمارات العربية المتحدة، تشارك حاليا في إنهاء المهمة عبر الدفع نحو شمال البلاد بهدف تخليص البلاد بأكملها من سيطرة الجماعات المنتسبة لإيران. وبمجرد الانتهاء من تأمين اليمن، فإن السعوديين يخططون للاستفادة من تحالفهم الاستراتيجي لتعزيز البنية التحتية العسكرية الهائلة لمعالجة الأزمة في سوريا، وفقما يؤكد «عبيد».

وادعى «عبيد» أن المخططين العسكريين السعوديين قد بدأوا بالفعل يبحثون عن السيناريوهات المحتملة التي يمكن خلالها أن تستخدم الرياض قوتها الجوية لتوفير الغطاء للقوات المناهضة للأسد الغير مرتبطة بالجماعات الإرهابية. وأضاف «عبيد» أنه إن عاجلا أو آجلا فسوف تشكل السعودية ائتلافا للتدخل في سوريا وأنها ستصبح أكبر وأخطر جبهات الصراع بين السعودية وحلفائها العرب من ناحية وإيران من ناحية أخرى.

المواقف الأكثر عدوانية من قبل المملكة العربية السعودية هي جزء من محاولة المملكة لاستخدام قوتها العسكرية والمالية لمواجهة أيديولوجية ثورية تتبناها إيران منذ قيام الثورة الإسلامية في عام 1979.  وقد فعلت ذلك من خلال نشر أيدولوجيتها المتزمتة للإسلام التي أنتجت التفسيرات العنيفة التي اعتمدتها جماعات مثل «الدولة الإسلامية» والقاعدة التي تتحدى نظام الحكم الملكي المطلق الذي يرتدي الثوب الإسلامي في المملكة.

وعلى الرغم من حملتها الحركية، فإن المملكة العربية السعودية من غير المرجح أن تكون اللاعب الرئيسي عقب انقشاع الغبار عن الصراع الدموي الحالي والذي أثار أكبر موجة من اللاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.

لا عوائد سياسية

النصر العسكري المتحقق في جنوب اليمن قد يكون من الصعب ترجمته إلى إنجاز سياسي مستدام. منذ فترة طويلة، كان التدخل السعودي في اليمن عنصرا أساسيا في مزيج المشاكل المعقدة في اليمن والتي تم تعقيدها بشكل أكبر بسبب الاستياء اليمني على نطاق واسع من التكلفة الإنسانية والمدنية للحملة العسكرية السعودية. المعركة من أجل شمال اليمن قد تثبت علاوة على ذلك أنها ستكون أكثر صعوبة من نظيرتها الجنوبية نظرا لتضاريسها المعقدة فضلا عن وجود دعم شعبي أكبر للمتمردين.

يستمر السخط في البحرين في النضوج، على الرغم من أن التدخل السعودي واستمرار القمع قد أحبط الاحتجاجات الجماهيرية.  رفض حكومة البحرين المدعومة من السعودية والإمارات العربية المتحدة معالجة الأسباب الجذرية يسهم في تأجيج مخاطر التطرف ويحتمل أن يوفر فرصا لإيران لاستغلال مشاكل البحرين المحلية.

وراء كل هذا، فإن الواقع أن السعودية غير مستعدة للتسلية أو الترفيه. قوتها المالية والحركية جنبا إلى جنب مع مكانتها الأخلاقية المستمدة من كونها راعية للمدينتين المقدستين من المرجح أن تدفعها نحو النضال من أجل الهيمنة الإقليمية مع دول مثل إيران وتركيا ومصر.

وعلى الرغم من أن كلا من هذه الدول تمتلك نوعية من المشاكل الخاصة بها فإن هذه الدول تملك من الأصول على رقعة اللعب ما لا تملكه السعودية. وتشمل تلك الأوراق تركة إمبراطورية وهوية متجذرة في آلاف السنين، والعدد الكبير من السكان والأسواق المحلية الضخمة لقواعد الصناعية الهامة، والجيوش القوية وموارد الطاقة كما في حالة إيران ومؤخرا في مصر، والتي مع مرور الوقت سوف تقلل إن لم تقم بتحييد القدرات التنافسية للمملكة.

ومن المؤكد أن المملكة العربية السعودية لديها ميزة في العالم العربي تنبع من حقيقة أنه لا تركيا ولا إيران تعد دولا عربية. ولكن ذلك يجعل من المرجح ألا تستطيع التنافس مع القوة الاقتصادية والعسكرية المنافسة رغم زيادة السعودية المستمرة لإنفاقها العسكري من أجل تمتين دورها الإقليمي.

إنها مسألة وقت قبل أن تتمكن إيران من مجاراة تأكيدات «عبيد» بشأن قيام السعودية بإنفاق 100 مليار دولار على التوسع العسكري التقليدي خلال الـ5 سنوات الماضية إضافة إلى 50 مليار دولار يتوقع أن تنفقها خلال العامين القادمين. وهي ما تجعل السعودية ملتزمة وقادرة على التفوق في صراع القوة ضد الإيرانيين.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية فإن السؤال الأهم يتعلق بإذا ما كان الحزم والمال والإنفاق العسكري والمطالبات الأخلاقية كافية لتحويل نافذة الفرص إلى واقع دائم. بالنظر إلى الآثار الوشيكة للاتفاق النووي الذي سيعود بإيران تدريجيا إلى الحظيرة الدولية و مصر القومية التي يوجد بها أكبر حقل للغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط ​​وتركيا كقوة عسكرية وصناعية.

قد تجد المملكة أن اتباع نهج أكثر شمولا وأقل تعصبا مع حساسية أكبر للتطلعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الشعبية، ورغبة أكبر للتعاون مع منافسيها في المنطقة سوف يقدم أملا أفضل في تحقيق الاستقرار والأمن. بل إنه أكثر نفعا على المدى الطويل من محاولة لتشكيل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بطرق تتجاهل حقائق أرض الواقع وتكون موجهة نحو بقاء النظام مهما كان الثمن.

  كلمات مفتاحية

السعودية اليمن عاصفة الحزم الحوثيين الملك سلمان

اليمن... من يجني ثمار العاصفة؟

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟

«أسوشيتد برس»: المتمردون في اليمن لا يزالون فاعلين رغم تضررهم من القصف السعودي

«يوشكا فيشر» يكتب: السعودية وإيران تتنافسان لسد الفراغ الإقليمي

«ستراتفور»: نضوج ميزان القوى في الشرق الأوسط

«فورين أفيرز»: الحملة السعودية في اليمن تعمق الانقسامات داخل حركة الحوثي

البحث عن حلول حقيقية: كيف يمكن للتحالف السعودي تجنب الانفصال في اليمن؟

السعودية والتحول الكبير ( 1 )

المغامرة السعودية في اليمن

السعودية والتحول الكبير ( 2 )

«هافينغتون بوست»: تغيير محتمل في السعودية يشير إلى نهاية الهيمنة الأمريكية

«الإندبندنت»: حلم السعودية في الهيمنة الإقليمية ذهب أدراج الرياح