هكذا سيتغير الشرق الأوسط في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن

السبت 7 نوفمبر 2020 10:48 م

نظرا لأن الولايات المتحدة تلعب دورا رئيسيا في سياسات الشرق الأوسط، عادةً ما تكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية ذات أهمية قصوى لقادة المنطقة ونخبها، فضلا عن المواطنين العاديين. وبالرغم أنه من المتوقع أن يحافظ الرئيس المنتخب "جو بايدن" على علاقات قوية مع الحلفاء العرب، فإن إدارته ستكون أكثر صراحة في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان، على الأقل خطابيا.

ويشير موقع حملة "بايدن" على الإنترنت بوضوح إلى أن إدارته لن تواصل منح "الشيكات على بياض" التي قدمتها إدارة "ترامب" للأنظمة الاستبدادية. كما تتعهد بجعل القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط أولوية، مشيرة إلى إعادة تقييم العلاقات مع السعودية، وإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن، والدفاع عن حقوق وحريات الناشطين والصحفيين.

وبينما قد يستخدم "بايدن" نفوذ الولايات المتحدة للمطالبة بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان ودعم دعاة الديمقراطية، فمن غير المرجح أن يجعل الانتخابات الحرة والديمقراطية في العالم العربي أولوية.

فلسطين

كان الشعب الفلسطيني وقيادته، في كل من رام الله وغزة، مهووسين بانتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني. وترى وجهة النظر السائدة بين الفلسطينيين أن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في ظل حكم "بايدن" ستتغير في مكونين رئيسيين هما إيران والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وكما ذكر "بايدن" مرارا وتكرارا، ستتبع إدارته "طريقا واضحا إلى الدبلوماسية" على الجبهتين. ويعرف الفلسطينيون "بايدن" ويرون أنه أفضل في كل شيء من "ترامب". وبالتالي، فإنهم يفضلون العودة إلى علاقة دبلوماسية تقليدية مع إدارته.

ويدرك الفلسطينيون أن "بايدن" لن يكون قادرا على عكس بعض الخطوات الدبلوماسية الجذرية التي اتخذها "ترامب"، بما في ذلك اعترافه بـإسرائيل كدولة يهودية أو نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ومع ذلك، يتوقع الفلسطينيون استعادة سريعة للعلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، واستئناف المساعدات الإنسانية الأمريكية، والاستئناف التدريجي للوساطة الأمريكية الأقل تحيزا في المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية المستقبلية في حالة استئنافها.

وسيشكل التغيير في البيت الأبيض فرصة محدودة وقصيرة الأجل للفلسطينيين لإعادة تجميع صفوفهم وترتيب منزلهم من الداخل. ويظل التحدي في فلسطين فلسطينيا في الأساس، وستكون الإجابة في نهاية المطاف محلية.

لبنان وسوريا 

مع فوز "بايدن"، سيكون هناك تحول محتمل في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع إيران، ما سيكون له تأثير كبير على السياسة اللبنانية والمحادثات الجارية حول الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، في سوريا، ستستمر الديناميكيات الحالية في الشمال الشرقي؛ حيث من المتوقع أن يكون هناك تأثير ضئيل لفوز "بايدن"، بالرغم أن القوات التي يقودها الأكراد تفضل "بايدن" لتأمين التزام قوي في واشنطن بقضيتهم.

ولكن لا ينبغي توقع تغيير يذكر فيما يتعلق بنهج الولايات المتحدة في سوريا، حيث أن مساحة المناورة محدودة، بالرغم أن إدارة "بايدن" قد تكون أكثر حرصا على محاولة التوصل إلى حل للصراع بدلا من استمرار العقوبات الأمريكية فقط.

العراق وإيران

وبالنسبة للعراق، يتمثل السبب الرئيسي للتوتر الحالي في العلاقات مع إيران والولايات المتحدة في التصعيد المستمر بين طهران وواشنطن. والسبب الآخر هو العلاقة الدقيقة بين الفصائل السياسية في العراق والميليشيات الصديقة لإيران في البلاد.

وتشتهر إيران عموما بقدرتها على المناورة السياسية، وهي حقيقة ستساعد في متابعة العلاقات المناسبة مع "بايدن". وكانت إيران راضية عن رئاسة "أوباما"، ربما لأن "أوباما" ووزير خارجيته "جون كيري" كان لهما مقاربة سياسية واقعية تجاه القضية النووية الإيرانية، والتي شكلت السبب الرئيسي للتوتر في العلاقات الثنائية في الأساس.

واستنتج "أوباما" و"كيري" أنهما يستطيعان إنهاء المأزق النووي برشوة إيران، وهو ما حدث عندما حرر أوباما 160 مليار دولار من الأصول الإيرانية.

ولسوء الحظ، ساعد ذلك إيران في إحكام قبضتها على العديد من الدول العربية، بما في ذلك العراق. وعند دخوله البيت الأبيض، شرع "ترامب" في مسار مختلف، وقرر إنهاء خطة العمل الشاملة المشتركة، وممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أفضل.

وتعرف إيران أن "بايدن" ليس "أوباما"، لذلك لا تتوقع شهر عسل بعد فوزه. وتدرك طهران أن عليها أن تكون واقعية وأن تتعامل مع القضايا بأفضل شكل ممكن بغض النظر عمن يفوز بالرئاسة.

دول الخليج

ينظر الحكام في السعودية إلى "بايدن" على أنه تهديد، لأنه يمثل الحزب الديمقراطي، الذي يرون أنه لم يكن لطيفا معهم على مدار الأعوام القليلة الماضية.

وبالفعل، يؤكد نهج حزب "بايدن" فيما يتعلق بالسعودية مواجهة الممارسات الاستبدادية واضطهاد المعارضة والحرب في اليمن. وتعتقد الرياض أن "بايدن" قد يحد من إمدادات الأسلحة الأمريكية، وبالتالي تقييد المملكة في حرب اليمن ومواجهة إيران.

من ناحية أخرى، يبدو أن قطر والكويت وسلطنة عمان تفضل "بايدن"، الذي دعا إلى سياسة دبلوماسية أقل تصادمية في الخليج. وقد يكون لديها أيضا أمل أكبر في أن يستخدم "بايدن"، كممثل للسياسة الخارجية الأمريكية التقليدية، مكتبه والمؤسسات الأمريكية بشكل أكثر قوة وبشكل هادف للمساعدة في حل الأزمة الخليجية.

وفي الواقع، قد يكون رهانهم على حكومة أمريكية أكثر انخراطا يمكنها إعادة بناء نهج أكثر منهجية لإصلاح مشاكل الخليج، بما في ذلك المشاكل مع إيران.

مصر

كان الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" أول زعيم عالمي يهنئ "دونالد ترامب" على فوزه بالرئاسة في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2016. وبعد 4 أعوام، يبدو أن "السيسي"، إلى جانب مستبدين عرب آخرين، قلق بشأن فوز "بايدن"، حيث من من المؤكد أن يكون لذلك تأثير كبير على الوضع السياسي في مصر.

ويتعلق أحد الأسباب الرئيسية لهذا القلق بسجل القاهرة المروع في حقوق الإنسان، والخوف من تأثير ذلك على العلاقة مع إدارة "بايدن". وفي يوليو/تموز الماضي، انتقد "بايدن" انتهاكات مصر لحقوق الإنسان وحذر "السيسي" قائلا: "لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل".

ومن المتوقع أن تؤدي إدارة "بايدن" إلى تنشيط التركيز على الديمقراطية في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيكون له تأثير على بعض الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة مثل مصر والسعودية. ولكن ذلك لا يعني أن العلاقة بين واشنطن والقاهرة ستشهد تحولا جذريا بعد فوز "بايدن".

وفي الواقع، حدث انقلاب "السيسي" في 3 يوليو/تموز 2013 في عهد الرئيس السابق "باراك أوباما"، عندما كان "بايدن" يشغل منصب نائب الرئيس.

وربما يصبح "السيسي" مترددا وأكثر تحفظا قبل ارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، قد تتأثر المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، التي تبلغ نحو 1.3 مليارات دولار سنويا، في ظل إدارة "بايدن" إذا واصلت القاهرة انتهاكاتها لحقوق الإنسان، لا سيما ضد المعارضة الليبرالية والعلمانية.

إسرائيل

بالرغم أن "بايدن" و"هاريس" من المؤيدين الأقوياء للمصالح الإسرائيلية، إلا أنهما لا يتسمان بحماقة "ترامب" المطلقة حين تخلى عن كل تظاهر بالإنصاف وأي تشدق بالحكمة التقليدية.

وفي الواقع، لقد تجاوز "ترامب" توقعات إسرائيل في دعمه للضم، ورفض انتقاد المزيد من التوسع الاستيطاني، وصاغ "خطة سلام" تجاوزت رغبات جميع المستوطنين الإسرائيليين اليمينيين، باستثناء المستوطنين الإسرائيليين الأكثر تطرفا. وكان كل هذا في تناقض صارخ مع آراء اليهود الأمريكيين الذين أيدوا بأغلبية ساحقة "بايدن" على "ترامب" في الانتخابات.

تعود إدارة "بايدن" إلى المواقف الأمريكية التقليدية، وتستعيد بعض التمويل لبرامج الأونروا والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وقد تعيد فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

وفي المقابل ستعود هذه الإدارة بعد ذلك إلى الضغط على الفلسطينيين للحصول على مزيد من التنازلات بينما يستأنفون عملية "مفاوضات" لا نهاية لها في الوقت الذي يعزز فيه الاحتلال مكاسبه. بعبارة أخرى، ستعمل إدارة "بايدن" ببساطة على استعادة "ورقة التين" المفقودة، ولكن لن يغير هذا سياسة الولايات المتحدة بأي طريقة مهمة.

المصدر | المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب جو بايدن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط الأنظمة العربية القضية الفلسطينية

الجهاد بعد فوز بايدن: لا نراهن على التغيير في سياسات واشنطن

بايدن في خطاب النصر: فوزي تاريخي .. سأعيد احترام أمريكا بالعالم وسأكون رئيسا للجميع

كيف يمكن أن تتغير السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط في عهد بايدن؟

لماذا تتراجع سوريا في قائمة أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة؟

فورين أفيرز: بايدن لن يغير سياسات ترامب الناجحة في الشرق الأوسط