هكذا يهدد فوز بايدن بانهيار محادثات المصالحة الفلسطينية

السبت 14 نوفمبر 2020 02:14 ص

لن يصدر الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" المرسوم الرئاسي المنتظر للدعوة إلى انتخابات في أي وقت قريب حسب ما قاله لمقربين منه، وذلك مع اعتبار فوز "جو بايدن" في الولايات المتحدة تغييرا للمعادلة السياسية لصالح حركة "فتح".

وقالت مصادر من "فتح" ويساري مقرب من الرئاسة الفلسطينية لموقع "ميدل إيست آي" إن "عباس" يفضل حاليا تأجيل خطوات المصالحة مع "حماس"، في انتظار اتضاح نهج "بايدن" تجاه القضية الفلسطينية.

وتحت ضغط من إدارة "ترامب" المؤيدة بشدة لإسرائيل، بدأت حركة "فتح" التي يتزعمها "عباس" إجراء محادثات مصالحة مع "حماس"، ووعدت بإجراء أول انتخابات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر منذ 2006.

وحسب مصدر في "فتح" مطلع على الحوارات مع "حماس"، قال "عباس" لمقربين منه: "الحوار مع حماس سيؤجل، ودعونا ننتظر لنرى مواقف بايدن".

وقال المصدر إن "عباس" كان "سعيدا للغاية" حين تم إطلاعه على تقدم "بايدن" خلال فرز الأصوات في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وكانت علاقة "عباس" بـ"ترامب" هي الأسوأ بينه وبين أي رئيس في البيت الأبيض منذ أن تولى قيادة السلطة الفلسطينية عام 2005.

وفي مايو/أيار، قرر "عباس" حل جميع الاتفاقات مع (إسرائيل) والولايات المتحدة ردا على خطة لضم (إسرائيل) أجزاء من الضفة الغربية، بالرغم أن العلاقة بدأت في التدهور في السابق بعد قرار "ترامب" عام 2017 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

وأكد مصدر فلسطيني مطلع على التطورات أن "عباس" لن يتخذ أي خطوات جديدة مع "حماس" خشية أن تؤثر على عودة العلاقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

  • تفاؤل يتضاءل

وكانت العلاقات بين "فتح" و"حماس" في الحضيض منذ أن أشعلت الانتخابات اشتباكات في قطاع غزة، ودفعت الأخيرة للسيطرة على القطاع الساحلي.

وخلال الأسابيع السابقة للانتخابات الأمريكية، ساد جو من التفاؤل بعد اجتماع بين الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في بيروت أعقبه محادثات ثنائية بين "فتح" و"حماس" في إسطنبول.

لكن مؤخرا بدا من التصريحات الصادرة عن الجانبين فتور شعلة المصالحة.

ويعتقد قادة ومراقبو "حماس" أن نهج "عباس" و"فتح" في المصالحة كان تكتيكيا وليس نابعا عن قناعات راسخة، بل جاء مدفوعا بالغضب من سياسات "ترامب" وموجة صفقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.

ونفت "فتح" من جهتها علنا ​​وجود أي صلة بين توقف المصالحة وانتصار "بايدن" في انتخابات الرئاسة الأمريكية.

وبدلا من ذلك، تلقي "فتح" باللوم على "حماس"، وتطالب بالموافقة الرسمية على "تفاهمات إسطنبول"، التي تشمل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية على التوالي.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، "روحي فتوح"، في تصريحات للتلفزيون الفلسطيني الرسمي: "الكرة الآن في ملعب حماس، وعليهم الوفاء بما اتفقنا عليه".

وأضاف: "الأمل باقٍ، والحوار لم ينقطع. بعد ساعة من وصول الرسالة (التي تفيد بموافقة حماس رسميا على التفاهمات)، سيصدر الرئيس مرسوم الانتخابات".

لكنه تابع: "في تقديري، فكرة المصالحة لم تنضج لدى البعض بين قادة حماس للأسف، وخاصة في غزة".

وشدد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، "صالح العاروري"، على أن الحركة ملتزمة بتفاهمات إسطنبول.

وقال في بيان: "نحن لا نتراجع عنها ونبني عليها".

وقال عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" "عبدالله عبدالله" إن بيان الالتزام هذا لا يكفي للحركة.

وأضاف: "إذا كانت حماس ملتزمة بما نوافق عليه، فلماذا لم ترد على رسائلنا المتكررة لها، وآخرها قبل نحو أسبوعين، بإرسال موافقة خطية ورسمية؟".

ورفض "عبدالله" أي محاولة لربط المصالحة الداخلية بالتغييرات الخارجية مثل فوز "بايدن"، واتهم "حماس" بـ"تأخير وإطلاق تفسيرات غير منطقية للتهرب من المسؤولية".

وتابع: "الحقيقة أن حماس تراجعت عن التفاهمات، وأضافت متطلبات جديدة أبرزها رفض أن تكون الانتخابات بالتوالي، إضافة إلى عودتها للمطالب القديمة بحصة 30 إلى 35% من مقاعد المجلس الوطني".

وأشار "عبدالله" إلى أن "حماس" لم تصرح علنا برغبتها في تجنب انتخابات متتالية أو تأمين حصة من مقاعد المجلس الوطني.

لكن رئيس المكتب السياسي السابق لحركة "حماس"، "خالد مشعل"، ألمح إلى شيء من هذا القبيل في لقاء عبر برنامج "زووم" نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات "مسارات" وتحدث فيه عن عقبات المصالحة والشراكة.

وقال "مشعل" في هذا اللقاء: "تخشى فتح أن تنافس حماس على القيادة؛ ما يعني اعترافها بأن هناك ركيزة أخرى مساوية لها ولها وزن شعبي، يجب أن تقوم عليها الشراكة السياسية والوطنية، إلى جانب ركائز أخرى من بقية الفصائل".

  • "بايدن" عقبة جديدة

وقال القائد في "حماس" والوزير السابق "يوسف رزقة" إن الحركة لم تقدم مثل هذه المطالب للمجلس الوطني، بل دعت إلى الإجماع.

لكنه سأل: "ما هو العائق أمام تساوي الحركتين وألا تطغى إحداهما على الأخرى؟".

وفي ضوء التغييرات المرتبطة بانتصار "بايدن"، يستبعد "رزقة" إمكانية أي حديث هادف عن المصالحة حتى "عام على الأقل من الآن".

وقال: "لن يصدر عباس المرسوم الانتخابي. لقد كان توجهه الأخير مع حماس تكتيكيا؛ بسبب الضغوط السياسية والمالية في عهد ترامب. وكان هدفه إرسال رسائل إلى جهات غير فلسطينية، وليس اقتناعا بالمصالحة والوحدة الوطنية".

ولا يريد "عباس" الذهاب إلى البيت الأبيض مثقلا بعلاقته بحركة "حماس" التي تصنفها أمريكا وأوروبا على أنها منظمة إرهابية.

وحسب "رزقة"، يدرك "عباس" أن متطلبات العودة إلى العلاقات الإيجابية مع واشنطن وعكس الضرر الذي ألحقه "ترامب" تتلخص في تعليق المصالحة مع "حماس" أو إهمالها على الأقل.

وقال الكاتب المتخصص في الشؤون الأمريكية "وجيه أبو ظريفة" إن "الرهان على بايدن سيكون خطأ كبيرا"، معتقدا أن الإدارة الجديدة لن تنحرف عن السياسات الأمريكية التقليدية، بالرغم من كونها أفضل من "ترامب" الذي مزق حل الدولتين، وقطع الأموال عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وأضاف: "قد تمارس إدارة بايدن ضغوطا لمنع حماس من أن تكون جزءا من النظام السياسي الفلسطيني".

وبشكل عام، ينظر المحلل السياسي في غزة "هاني حبيب" إلى فوز "بايدن" على أنه "عقبة جديدة" في طريق المصالحة، بالرغم من اقتناعه بـ"عدم وجود فرصة حقيقية لإعادة الوحدة الوطنية" في المقام الأول.

وقال "حبيب": "حتى بدون فوز بايدن، لا يملك الفلسطينيون على جانبي الانقسام إرادة حقيقية وصادقة للمضي قدما في تحقيق المصالحة الوطنية؛ حيث توجد أطراف مؤثرة تستفيد من الواقع الحالي".

المصدر | آدم خليل/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المصالحة الفلسطينية جو بايدن تفاهمات اسطنبول اتفاق بيروت حركة فتح حركة حماس السلطة الفلسطينية

فتح تحمل حماس مسؤولية إتمام المصالحة وإجراء الانتخابات

وفدان من فتح وحماس إلى القاهرة لاستكمال مباحثات المصالحة

فتح وحماس تتبادلان الاتهامات حول تعطيل جهود المصالحة

تعيق المصالحة.. منظمات أهلية فلسطينية ترفض مراسيم عباس حول القضاء