«حماس» تتقدم على «فتح»

الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 06:09 ص

تكتسب استطلاعات الرأي حالياً في فلسطين أهمية خاصة، لأنها أحد المؤشرات القليلة المتوفرة في ظل غياب الانتخابات، حيث لم تُجرَ الانتخابات الرئاسية منذ عشر سنوات، ولا أجريت مثيلتها التشريعية منذ تسع سنوات.

مناسبة هذه المقدّمة نتائج الاستطلاع الأخير الذي أصدره «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية» بتاريخ 21/9/2015، حيث جاءت نتائجه مثيرة وتستحق التوقف.

ولعل أهم ما جاء في الاستطلاع تراجع شعبية الرئيس الفلسطيني و «فتح»، وهذا ليس مفاجئًا، وتقدّم شعبية «حماس» وإسماعيل هنية، وهذا هو الأمر المفاجئ. فقد تراجعت شعبية عباس من 47% في الاستطلاع السابق إلى 44% في الاستطلاع الحالي، بينما تقدّمت شعبية إسماعيل هنية من 46% إلى 49%. أما حركة «فتح»، فقد تراجعت شعبيتها من 39% في الاستطلاع الأخير إلى 35%، بينما تقدمت «حماس» بعد الحرب من 32% إلى 35% وحافظت على هذه النسبة في آخر استطلاعين. ومثل هذه النتيجة لافتة للنظر، فقد كانت شعبية «فتح» تتقدم وتتراجع، ولكنها ظلت متقدّمة في الغالب على «حماس»، حتى عندما تقدّم هنية على عباس.

نتائج لافتة أخرى جاء بها الاستطلاع مثل أن 65% من المستطلعين تطالب الرئيس بالاستقالة، بينما تطالب نسبة 31% منهم الرئيس بالبقاء. ويعتقد ثلثا الجمهور أن استقالة الرئيس من رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة غير حقيقية، فيما تعتقد نسبة من 23% فقط أنها حقيقية.

وجاء في الاستطلاع أنه لو جرت انتخابات رئاسية وكانت المنافسة بين «مروان البرغوثي» و«إسماعيل هنية»، فسيحصل «البرغوثي» على 55% و«هنية» على 39%. علماً أنه، قبل ثلاثة أشهر، حصل «البرغوثي» على 58% و«هنية» على 36%. أما لو كانت المنافسة بين الرئيس «عباس» و«مروان البرغوثي» و«إسماعيل هنية»، فإن «عباس» سيحصل على 24% و«البرغوثي» على 34% و«هنية» على 36%.

وجاء أيضًا في الاستطلاع أنه في حال استمرار الانقسام هذا العام، فإن 56% يعارضون إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الضفة، ويؤيد ذلك 41% فقط، بينما تعارض نسبة من 62% إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في قطاع غزة ويؤيد ذلك 36%.

وعند الحديث عن العمل المسلح، قالت نسبة من 42% إنه هو الطريق الأكثر نجاعة لقيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة (إسرائيل)، فيما تقول نسبة من 29% أن المفاوضات هي الطريق الأنجع، وتقول نسبة من 24% أن المقاومة الشعبية السلمية هي الأنجع. بينما قبل ثلاثة أشهر قالت نسبة من 36% فقط أن العمل المسلّح هو الطريق الأنجع وقالت نسبة من 32% إن المفاوضات هي الأنجع.

وبخصوص مفاوضات التهدئة، فإن نسبة من 65% تؤيد قيام «حماس» بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع (إسرائيل) بخصوص هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة مقابل إزالة الحصار ونسبة من 32% تعارض ذلك. وتؤيد نسبة 48% فقط حلّ الدولتين ونسبة من 51% تعارضه. بينما قبل ثلاثة أشهر بلغت نسبة التأييد 51% والمعارضة 48%.

ونتيجة لافتة كذلك، قول نسبة من 50% أن السلطة هي صاحبة الحق في وقف التنسيق الأمني أو المدني مع (إسرائيل)، فيما قالت نسبة من 19% إن المنظمة واللجنة التنفيذية هي صاحبة الحق. وهذا تحصيل حاصل لأن السلطة تضخّمت والمنظمة تقزّمت.

في بعض الاستطلاعات السابقة، كانت شعبية الرئيس و «فتح» تتراجع وتتقدّم شعبية «حماس» وإسماعيل هنية، ولكن كان هناك حدث يفسر ذلك. حصل ذلك مثلًا بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وفي ظل الصمود الأسطوري لأهل القطاع تحت قيادة «حماس». إذ نال «هنية» 11 نقطة زيادة عن تلك التي حصل عليها «عباس». وبعد ذلك تراجع الفارق ليصبح في الاستطلاع الذي يليه نقطة واحدة، ثم عاد الفارق لمصلحة «عباس».

في العادة ترتفع شعبية «حماس» أثناء وبُعيد العدوانات الإسرائيلية على قطاع غزة، وأثناء فترة صعود جماعة «الإخوان المسلمين» في المنطقة التي تعتبر «حماس» امتدادًا فلسطينيًا لها.

أما في هذا الاستطلاع، فلا يوجد ما يبرر هذا الارتفاع في شعبية «حماس» و«هنية»، لأن قطاع غزة تحت سيطرة «حماس» يمرّ في أزمات شديدة. وظهر ذلك في الاستطلاع من خلال نسبة الرغبة في الهجرة لدى قطاع غزة التي تبلغ 52% بينما في الضفة 24%، وتبلغ نسبة الإحساس بالأمن والسلامة الشخصية في غزة 40% بينما في الضفة 49%.

وأخيرًا نسبة التقييم الإيجابي للأوضاع في قطاع غزة تبلغ 12% بينما تبلغ في الضفة 31%. يضاف إلى كل ما سبق تدهور علاقة «حماس» مع مصر، حتى أن معبر رفح لا يُفتح إلا نادرًا.

ويمكن عزو هذا التضارب في النتائج إلى أن وجود تخبط في أداء السلطة في الضفة، وإلى أنّ نسبة كبيرة من الجمهور تحمّل حكومة الوفاق والأطراف الخارجية المسؤولية عن الأوضاع التي يمر بها القطاع أكثر مما تحمّل حركة «حماس».

لا شك في أن أخبار الزيارات من الوفود الأجنبية واللقاءات التي أجراها ممثلو الأمين العام والأمم المتحدة وغيرهم من المسؤولين الغربيين، ومفاوضات التهدئة والتقديرات المبالغ بها لناحية احتمالات نجاحها، قبل أن يتّضح أنها وهم كبير ضخّمه وسوّقه عباس و «حماس» كل لأسبابه، ساهمت في ارتفاع شعبية «حماس»، لأنها ظهرت بصفة القادر على انتزاع رفع الحصار والشروع في إعادة الإعمار، وبدا أنها تقترب من افتتاح ميناء عائم من دون أن تتخلّى عن المقاومة ولا أن تعترف بإسرائيل.

فضلاً عما سبق، فقد ساهمت في هذه النتائج فضائح الفساد التي انتشرت مؤخرًا، وفشل الدعوة لعقد مجلس وطني بمَن حضر، والتراجع عن عقد دورة عادية لأسباب عدة أهمها تصاعد الصراع بين الأجنحة المختلفة في حركة «فتح» وبينها وبين الرئيس، وانطلاق «معركة الخلافة» في ظل إعلان الرئيس عزمه على الاستقالة، وعدم اتضاح آلية نقل رئاسة السلطة في ظل الانقسام وعدم سهولة إجراء انتخابات رئاسية خلال ستين يوماً، كما حدث بعد اغتيال الرئيس الراحل «ياسر عرفات».

  كلمات مفتاحية

حماس فتح إسماعيل هنية محمود عباس غزة الضفة الغربية فلسطين استطلاع

«حماس» تعلن فشل جهود «بلير» في التوصل لتهدئة وتكشف عن وسيط جديد

رؤية «حماس» للخروج من الأزمة الفلسطينية الراهنة

«عباس» يستقيل من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

صحيفة إيرانية: تقارب طهران و«الأسد» من «فتح» يحمل رسائل لـ«حماس»

«محمود عباس» إلى أين؟ وإلى متى؟

استطلاع رأي: 86% من السعوديين يرون حماس "حركة مقاومة" و90% يحملون إسرائيل والأنظمة مسؤولية العدوان

«حماس»: جاهزون لإجراء الانتخابات وتسليم معبر رفح لحكومة التوافق

هل بإمكان «حماس» الفصل بين الدعوى والسياسي والعسكري؟