التواجد العسكري الروسي يجعل قدرة (إسرائيل) على المناورة في سوريا محدودة

الأربعاء 30 سبتمبر 2015 02:09 ص

التقى الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو» على خلفية ازدياد التدخل العسكري الروسي في سوريا. وفي المعسكر الجوي الذي تبنيه روسيا بالقرب من اللاذقية شمال الدولة شوهدت حتى الآن 28 طائرة حربية، ومن المشكوك فيه أن تنجح الزيارة في تغيير السياسة الروسية في سوريا عموما وفي الشرق الأوسط خصوصا.

في اللقاءات السابقة بين رؤساء روسيا ورؤساء حكومات (إسرائيل) كان هناك حديث دائم أن إسرائيل تستعرض قلقها من بيع السلاح الروسي المتطور (طائرات، صواريخ، مضادات، سلاح للدفاع الجوي) إلى سوريا وإيران، ومن خلالهما يذهب إلى «حزب الله». ويتم تأكيد القلق بالمعلومات الاستخبارية التي يتم عرضها في اللقاءات.

الروس من جهتهم ينفون بأن السلاح يصل إلى «حزب الله»، وإذا حصل الأمر فإنه على عكس معرفتهم وموقفهم، ويعدون بفحص الشكوى الإسرائيلية.

عند عودة رؤساء الحكومات لإسرائيل يتفاخرون علنا بأن الزيارة قد حققت أهدافها، وأن الروس قد اقتنعوا بمصداقية الادعاءات الإسرائيلية.

هذا حصل أيضا هذا الأسبوع: «بنيامين نتنياهو» ورئيس الأركان «غادي آيزنكوت» الذي انضم للزيارة والتقى مع نظيره الروسي الجنرال «فاليري جارسيموف» حيث اتفقا على إنشاء لجنة برئاسة نائبيهما وتناقشا خلال أسبوعين في إقامة هيئة تنسيق لمنع الصدام بين الجيشين في سوريا.

يشار إلى أنه لا يوجد اتفاق مع الروس ويوجد تفاهم بأن يتم التحاور في محاولة للتوصل إلى هذا التنسيق.

لكن تجربة الماضي تؤكد أن هكذا تفاهم يتلاشى خلال وقت قصير، فروسيا تؤخر بيع السلاح بناء على مصالحها. هكذا حصل في صفقة بيع أجهزة دفاع وصواريخ اس 300 لايران.

تم توقيع الاتفاق وبعد ذلك تجمد لعدة سنوات. والآن وبعد توقيع الاتفاق النووي أعلنت روسيا انها ستحترم هذا الاتفاق.

من أجل تأكيد أهمية الزيارة قام «نتنياهو» بضم رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية للزيارة الجنرال «هرتسي هليفي»، بالإضافة إلى وجود المستشار الخاص للأمن القومي «يوسي كوهين» الذي سيعلن عنه بعد الأعياد رئيس الموساد القادم.

وشارك «هليفي» و«ايزنكوت» في اللقاء مع بوتين» لكنهما لم يتحدثا كثيرا، وفي اللقاءات مع نظرائهما استعرضا صورة الوضع في سوريا كما تراها (إسرائيل).

(إسرائيل) قلقة من إرسال السلاح إلى إيران ومنها إلى سوريا وحزب الله، والتقديرات هي أنه وصلت إلى أيدي «حزب الله» في السنوات الأخيرة صواريخ شاطيء – بحر من صنع روسيا.

وقلق آخر لدى (إسرائيل) يتركز في جهود إيران التي تستمر منذ عام بمساعدة حزب الله على «إقامة شبكات إرهاب في الجولان السوري، هذه المحاولات أفشلت حتى الآن من خلال الهجمات المنسوبة لسلاح الجو الإسرائيلي حيث قتل جنرال إيراني وقادة رفيعي المستوى في حزب الله (منهم جهاد مغنية) ونشطاء آخرين.

وفوق كل شيء يحلق التخوف الإسرائيلي من أن استمرار التواجد الروسي في سوريا من خلال طائرات حربية، دبابات، سفن، وحدات خاصة، أجهزة دفاع جوية، كل هذا سيقلص هامش المناورة للجيش الإسرائيلي عموما وسلاح الجو خصوصا، في الشمال.

لا تريد (إسرائيل) التدخل في الحرب الأهلية في سوريا بل على العكس، وقد يبدو الأمر في شدة البشاعة واللأخلاقية حيث إن استمرار الحرب يعزز من التفوق الإسرائيلي العسكري في المنطقة ويضعف من قدرة حزب الله وإيران اللذان ينزفان في ساحة المعركة. ومع ذلك فقد تدخلت إسرائيل في الحرب بين حين وآخر وكلما اعتقدت أن مصالحها الأمنية تتطلب هذا التدخل.

هذه المصالح كما جاءت على لسان وزير الدفاع «موشيه يعلون» ورئيس الأركان «ايزنكوت» هي منع وصول السلاح الجديد إلى حزب الله، وإجهاض عمليات ضد إسرائيل، وبذل الجهود من أجل عدم إلحاق الضرر بالطائفة الدرزية في سوريا.

خلال سنوات وقبل الحرب الأهلية في سوريا عملت طائرات سلاح الجو بدون معوقات في سماء سوريا، وفي العقد الأخير قصف سلاح الجو بشكل علني أهداف إرهابية، وكانت تقارير تحدثت عن تحليق فوق قصر «بشار الأسد في دمشق، ووصلت المسألة إلى ذروتها عند تدمير المفاعل النووي في 2007 وهذا الأمر منسوب لسلاح الجو الإسرائيلي.

منذ اندلاع الحرب الأهلية ازدادت حسب التقارير الأجنبية الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا، وكانت هناك 10 هجمات ضد قوافل سلاح في طريقها إلى «حزب الله».

تحرك سلاح الجو الإسرائيلي كلما توفرت معلومات استخبارية دون الحاجة الى التنسيق مع أي جهة. من الآن فصاعدا ستضطر (إسرائيل) إلى تنسيق خطواتها مع روسيا. لذلك كان هدف زيارة نتنياهو إضافة إلى توضيح مواقف ومصالح إسرائيل، الحفاظ على حرية العمل الإسرائيلية، والحصول على موافقة أو تفهم روسيا، سواء بشكل واضح أو بالصمت وإقامة جهاز تنسيق يقلص خطر الاحتكاك بين الطائرات الإسرائيلية وطائرات سلاح الجو الروسي. جهاز كهذا يستطيع العمل من خلال خطوط هواتف مباشرة ذكية أو حمراء تقوم بوصل القيادة لدى الطرفين. احتمال آخر هو الاتفاق على أن تقوم طائرات سلاح الجو بارسال اشارات تضامن لسلاح الجو الثاني وبالعكس.

لكن مشكلة (إسرائيل) ليست طريقة التنسيق بل جوهرية أكثر. الأمر الذي يهمها هو هل يمكن الوصول إلى تفاهمات مع روسيا حول تقسيم سماء سوريا إلى مناطق تأثير ونشاط.

(إسرائيل) تريد من روسيا ألا تتدخل في المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، وفي العمليات التي تقوم بها. (إسرائيل) من جهتها تتعهد بعدم الاقتراب من شمال الدولة حيث تقيم روسيا المعسكر الأكبر لها في سوريا.

لكن مشكوك فيه التوصل إلى هذا المستوى من التنسيق. إن موافقة بوتين» علنا على اقامة جهاز تنسيق هي مثابة اعتراف منه بحق (إسرائيل) في العمل في سماء سوريا. وكمن يؤيد استمرار نظام الاسد – فان التدخل الروسي الجديد يهدف الى منع معيار النظام في دمشق – سيعارض بوتين أي تجاوز لإسرائيل أو أي دولة أخرى لسيادة حليفه. وبالتأكيد فان اسرائيل لن تستطيع الطيران في سماء دمشق.

من خلال الذهاب الى موسكو تم تقييد حرية العمل الاسرائيلية. مرة اخرى (في المرة الأولى حصل هذا مع الولايات المتحدة بخصوص الاتفاق النووي) و(إسرائيل) تتعلم القيود على قوتها العسكرية  حيث تقف أمامها قوة عظمى عالمية لديها مصالح واضحة في الشرق الاوسط، وكل ذلك افضل من التعرض لخطر المواجهة على ارض الحليفة الوحيدة لروسيا في المنطقة.

باختصار، حتى وان تحققت تفاهمات من وراء الكواليس فمن الواضح أن حرية العمل التي تمتعت بها إسرائيل في سوريا لسنوات ستتقلص.

ومع ذلك، يجب رؤية الجانب الايجابي. فان تدخل روسيا العميق في سوريا قد يكون على حساب تأثير إيران في النظام السوري. رغم أنه من الصعب معرفة اعتبارات بوتين، واضح أن أحد أسباب قراره لزيادة تواجده العسكري ينبع من خيبة أمله من ايران وحزب الله. حيث لا تستطيعان الدفاع عن نظام «الأسد».

  كلمات مفتاحية

إسرائيل سوريا روسيا التواجد العسكري الروسي نتنياهو

مصادر إسرائيلية: روسيا أخطرت تل أبيب بالغارات على سوريا

قوات روسية تقاتل بجانب النظام السوري وتدفق المعدات العسكرية

تسخين الأجواء في الجولان ... من يحتاج «الأسد»؟!

قيادات عسكرية إسرائيلية تهاجم نتنياهو: حوّل أميركا لعدو .. واغتيال جهاد مغنية خطأ

إيران والجولان وثمن خطاب نتنياهو في الكونغرس

سوريا ساحة جديدة لفشل «نتنياهو»

روسيا و«إسرائيل» تبدأن مباحثات للتنسيق العسكري في سوريا