تحولات سياسية وديموغرافية تهدد مستقبل الأردن.. ما علاقة إسرائيل؟

الأحد 20 ديسمبر 2020 02:01 ص

من المنطقي أن يطلق على الأردن وصف "الدولة الحاجزة"، فهي دولة صغيرة وضعيفة ومقسمة، تقع بين دول متنافسة أقوى، وكثيراً ما تغير تحالفاتها للحفاظ على ما يشبه التوازن في بيئة إقليمية متقلبة وغير يقينية.

وقد حافظت عمّان على هذا التوازن جزئيًا من خلال علاقة تعاونية مع إسرائيل صمدت أمام الصراعات والاضطرابات المتكررة التي غالبًا ما تميز النظام المنقسم في الشرق الأوسط.

لكن خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" لضم أجزاء من الضفة الغربية أدت إلى تدهور سريع للعلاقات بين الجانبين، وخاصة مع تدشين إسرائيل لعلاقات رسمية مع دول عربية أخرى خلال العام.

وقد خلق هذا الواقع الناشئ حالة من عدم اليقين المتزايدة لدى الأردن، الذي تتدهور مكانته كحاجز بين إسرائيل والعالم العربي.

تلاشي أهمية الأردن

لعب الأردن لسنوات دورًا مهمًا في تنمية دول الخليج العربي، وساعد في تطوير أجهزتها العسكرية والأمنية، حتى قبل استقلالها عن بريطانيا.

فقد وقف الجيش الأردني إلى جانب السعودية في الحرب اليمنية الأولى (1962-1967) وساعد القوات السعودية على إنهاء الاستيلاء على الحرم المكي عام 1979، كما ساعد الأردن في هزيمة جبهة تحرير ظفار في عُمان في 1962-1975 وأرسل 500 من رجال الدرك ليساعد في سحق الانتفاضة في البحرين عام 2011.

لكن مع مرور الوقت، تلاشت أهمية الأردن مع تغير موقف دول الخليج، حيث شجعت عائدات النفط الوفيرة دول الخليج على متابعة مشاريع التنمية التي تجاوزت المعرفة والموارد التكنولوجية للأردن، كما تطلب التهديد الإيراني الاصطفاف مع الدول الغربية التي لديها قدرات عسكرية أكبر بكثير من الأردن.

ويعني هذا أيضًا أن إسرائيل لم تعد بحاجة إلى الأردن كوصلة مع دول مجلس التعاون الخليجي.

وعلى سبيل المثال، لم يلعب الأردن دورًا في اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، كما كان إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية يعني بالنسبة لإسرائيل أيضًا أنها لم تعد بحاجة إلى الأردن كمحاور أمني مع الفلسطينيين.

وبعد التوقيع على إعلان المبادئ مع منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1993 واتفاقية أوسلو اللاحقة، قبلت إسرائيل الشعب الفلسطيني كأمة منفصلة عن الأردن، بحيث يمكنها بعد ذلك التواصل والتفاوض مباشرة مع الفلسطينيين أنفسهم.

مخاوف الأردن

هناك مخاوف عميقة لدى العاهل الأردني الملك "عبدالله الثاني" بشأن مصير الضفة الغربية في ظل تراجع احتمالات حل الدولتين، حيث يتخوف أن تقدم إسرائيل على نقل الفلسطينيين إلى الأردن، مما يعني إبطال معاهدة السلام بينهما لأنها لا تسمح بالهجرة القسرية.

وفي عام 2018، استعاد الأردن جيبين زراعيين صغيرين كان يؤجرهما لإسرائيل منذ 1994، فيما يبدو على الأرجح إظهارًا لمعارضة نية إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية، بما في ذلك وادي الأردن الخصب بين البحر الميت وبحيرة طبريا.

تدهورت علاقات الأردن مع إسرائيل في عام 2019 بشكل كبير، حيث أجرى الأردن تدريبات عسكرية محاكية لصد هجوم إسرائيلي عبر نهر الأردن، كما قدمت السلطات الأردنية مواطنًا إسرائيليًا للمحاكمة بتهمة دخول البلاد بشكل غير قانوني وحيازة مخدرات، وهي خطوة غير عادية بالنظر إلى أن الحكومة الأردنية  أعادت في الماضي الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم.

ومن الواضح أن الملك أراد أن يرسل إشارة إلى الإسرائيليين بأنه يأخذ قضية الضم على محمل الجد.

ومع ذلك، كان للعلاقات المتوترة بين الأردن وإسرائيل تأثير ضئيل على التعاون الأمني ​​والتجاري، حيث يواصل الأردن تبادل المعلومات الحيوية مع الاستخبارات الإسرائيلية، ولا تزال صفقة إسرائيل البالغة قيمتها 10 مليارات دولار لتزويد الأردن بالغاز الطبيعي لمدة 15 عامًا من حقل "ليفياثان" سارية المفعول (بدأ الضخ التجريبي في يناير/كانون الثاني الماضي)، كما استمرت منطقة التجارة الحرة الخاصة بهما في العمل كالمعتاد.

مستقبل غير مضمون

كان الأردن قبل ثورات 2011 يتمتع بحياة سياسية أكثر نشاطًا من العديد من الدول العربية، على الرغم من كونه ليس ديمقراطيًا، ومع ذلك، فقد تراجعت حرية التعبير والمشاركة السياسية بشكل ملحوظ منذ الربيع العربي، حيث حدت أجهزة المخابرات وقوات الأمن من قدرة الأحزاب اليسارية والقومية على التعبير عن مطالبها، حتى أن جماعة "الإخوان المسلمين"، التي تصرفت في العقود الماضية كمعارضة مخلصة للنظام الملكي، تم قمعها.

وعلى عكس الصورة الوردية التي حاول المسؤولون الأردنيون رسمها حول التعددية السياسية في البلاد، فإن الواقع هو أن الأردن ليس لديه نظام سياسي منفتح أو حديث.

ويعتبر خير مثال على ضمور الحياة السياسية الأردنية هو القمع الأخير لاحتجاجات نقابة المعلمين ضد قرار الحكومة بتجميد زيادات الرواتب (تحججت الحكومة ظاهريًا بجائحة كورونا) وكذلك القيود على الإعلام.

ووفقًا للإحصاءات الرسمية، فإن الاقتصاد الأردني أيضًا في حالة قاتمة، مع نسبة بطالة تبلغ 24% ووجود 40% فقط من السكان في سوق العمل، فيما يعد من بين أدنى المعدلات في العالم.

ومع ذلك، تحتل إعادة التوطين المحتملة لملايين الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس الشرقية قائمة أولويات الملك "عبد الله"، فهو تطور من شأنه أن يغير التركيبة السكانية للبلاد بشكل أساسي، حيث يشكل الفلسطينيون بالفعل أكبر مجموعة عرقية في الأردن.

وبالرغم أن سكان شرق الأردن هم قاعدة القوة التقليدية للنظام الملكي الهاشمي، فإن دورهم يضعف، ومعظمهم من الفقراء وعرضة للحركات الراديكالية، كما إنه من المرجح أن يختار البدو في جنوب الأردن الوقوف إلى جانب السعوديين بدل العيش في فقر، وهذه التغيرات الديموغرافية هي الحقيقة الواقعية التي يواجهها ملك البلاد اليوم.

المصدر | هلال خاشان/جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بنيامين نتنياهو منظمة التحرير الفلسطينية عبد الله الثاني حل الدولتين الإخوان المسلمين الاردن

ماذا تعني إدارة بايدن بالنسبة لدور الأردن في المنطقة؟

العاهل الأردني في البحرين.. ومباحثات مع ملكها حول مستجدات المنطقة

جيوبوليتكال: أنظمة الحكم في الممالك العربية تواجه تصدعات عميقة

الأردن يوقف مسؤولين كبارا دبروا مؤامرة معقدة للإطاحة بالملك