جون أفريك: الأيدولوجيا الشيعية قبل الاقتصاد في علاقات إيران الأفريقية

السبت 2 يناير 2021 01:01 م

أكد خبراء في الشأن الإيراني، أن الأيدولوجيا الشيعية هي أساس توسيع طهران لنفوذها الأفريقي خلال السنوات الماضية، وليس العلاقات الاقتصادية.

جاء ذلك في تقرير نشرته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، أمس الجمعة، واستعرض تاريخ العلاقات الإيرانية الأفريقية التي بُنيت منذ عام 1979 على منطق التوسع الأيديولوجي ومعاداة أمريكا، أكثر مما بُنيت العلاقات الاقتصادية والسياسية.

وتطورت العلاقات بين إيران والقارة الأفريقية في ظل نظام "محمد رضا بهلوي" ضمن سياق الحرب الباردة في سبعينات القرن الماضي، حيث أراد الشاه، حليف الغرب، تجنب توسع الشيوعية في أفريقيا، لذلك طور علاقاته مع بعض البلدان الأفريقية، لا سيما مصر وجنوب أفريقيا والجزائر والمغرب.

وفي هذا الإطار، نوه الباحث المتخصص في الشأن الإيراني "كليمان كيرث" إلى أن إيران قدمت دعمًا ماليًا واقتصاديًا للسودان والصومال والسنغال وإثيوبيا وزائير (الكونجو الديمقراطية حاليًا)"، مضيفًا أن "أفريقيا مع ذلك لم تكن سوى جزء من السياسة الخارجية لنظام بهلوي وليست أولوية".

وكان تأسيس جمهورية إيران الإسلامية عام 1979 بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين طهران والقارة الأفريقية، فمنذ ثمانينات القرن الماضي سعى النظام الجديد إلى تصدير ثورته ثم بدأ سياسة توسعية جمعت بين الأيدولوجيا الشيعية ومعاداة الإمبريالية.

وفي عام 1986، عندما كانت إيران في حالة حرب مع العراق قام "علي خامنئي"، رئيس جمهورية إيران الإسلامية آنذاك، بزيارة أفريقيا للمرة الأولى، لا سيما موزمبيق وأنجولا لمناقشة إمدادات النفط والتعاون الصناعي والتنمية الزراعية.

كانت الزيارة لتأكيد نفوذ طهران، لكنها استهدفت أيضًا إيجاد الدعم ضد الرئيس العراقي آنذاك، "صدام حسين".

ومن ثم زار الرئيس الإيراني "علي أكبر هاشمي رفسنجاني" أفريقيا في عام 1991 ثم في عام 1996، وقام خليفته "محمد خاتمي" بالشيء نفسه في يناير/كانون الثاني 2005، حيث استهدفت إيران سوق غرب أفريقيا مع الحفاظ على علاقات جيدة مع جنوب أفريقيا.

وتحت رئاسة "محمود أحمدي نجاد" (2005-2013) عززت الجمهورية الإسلامية نفوذها في أفريقيا معتمدة مساعدات التنمية، ووقعت طهران في مارس/آذار 2005 اتفاقية بمبلغ 1.5 مليون دولار كمساعدة لميزانية دولة غانا.

ووفق "حاجي بوبا نوهو"، الباحث المشارك في مركز مونتسكيو للأبحاث السياسية في بوردو، ومؤلف كتاب "إيران وأفريقيا.. التعاون في اختبار الحقائق"، فإن إيران تعمل بشكل سريع على تطوير سياسة تهدف إلى "تخفيف الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة عليها عام 1984، خاصة منذ عام 1995".

وفي هذا الإطار، تعمل إيران تدريجيا على زيادة تجارتها مع أفريقيا في مجالات تجميع السيارات وإمدادات النفط واستخراج الغاز والكهرباء والسلع الاستهلاكية، كما تعمل على تطوير التعاون العسكري، خاصة في المجال البحري. كما تنفق الدولة مبالغ كبيرة لبناء البنية التحتية الاجتماعية والصحية خاصة من خلال الهلال الأحمر الإيراني.

وفي عام 2017 افتتح وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" مستشفى في كمبالا بأوغندا، بتمويل جزئي من إيران.

وبحسب المدير العام السابق للمكتب الإيراني للدول العربية والأفريقية لمنظمة دعم التجارة "مسعود كمالي أردكاني"، فقد وصلت التجارة بين إيران وأفريقيا إلى مستوى قياسي بلغ 1.2 مليار دولار خلال عامي 2017 و 2018.

ورغم هذا النمو، فإن التجارة مع إيران في عام 2018 لم تمثل سوى 0.12% من إجمالي تجارة أفريقيا مع العالم، حسبما يشير "أردكاني".

ولذا يرى المدير العام الجديد للمكتب الإيراني للدول العربية والأفريقية في الأراضي الفلسطينية، "فرزاد بلتان" أن "استراتيجية إيران في أفريقيا سياسية أكثر من كونها قائمة على العقلانية الاقتصادية".

ونوه "بلتان" إلى أن الاستراتيجية الاقتصادية لإيران حققت نجاحًا محدودًا، باستثناء جنوب أفريقيا، حيث تعمقت العلاقة بين الطرفين.

وفي السياق ذاته، يؤكد مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط " أليكس فاتانكا" أن السوق التقليدية الإيرانية هي أوروبا، وفي السنوات الأخيرة توجهت طهران أكثر إلى شرق آسيا، خاصة الصين، مضيفا: "سياسة إيران تجاه أفريقيا هي مشروع ثانوي مرتبط بمشروع أكبر: المنافسة مع الولايات المتحدة".

وحسب تقدير "فاتانكا" فإن "سياسة إيران الخارجية القائمة على الأيدولوجيا في أفريقيا تعتبر كارثية، إذ تكلف طهران المال والوظائف والأسواق، ليس فقط في أفريقيا ولكن أيضًا في أماكن أخرى".

ووفق تقرير المجلة الفرنسية فإن إيران التي لديها 25 سفارة في دول أفريقية تثير قلق المملكة العربية السعودية التي تنظر "نظرة قاتمة إلى الوجود الشيعي في القارة الأفريقية".

كما تشعر مصر والمغرب بالقلق إزاء النفوذ الإيراني في القارة السمراء، لذلك قطع المغرب علاقاته مع إيران مرتين المرة الأولى في عام 2009 تنديدًا بـ"النشاط الديني لطهران" والثانية عام 2018 حيث اتهمت الرباط إيران هذه المرة بدعم جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية عبر "حزب الله" اللبناني.

كما يشتبه بانتظام في قيام إيران في تهريب أسلحة في أفريقيا، ما دفع السنغال إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد مصادرة شحنة أسلحة في لاجوس عام 2010، قبل أن تُستأنف العلاقات عام 2013.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

إيران الشيعة محمد رضا بهلوي على خامنئي أفريقيا الجمهورية الإسلامية

مصرفي: خروج الاقتصاد الإيراني من الركود بعد ربعين من النمو

إيران تتطلع لمضاعفة الصادرات إلى أفريقيا في 3 سنوات

إيران في أفريقيا.. لماذا تعزز طهران علاقاتها مع القارة تحت إدارة رئيسي؟