فوائد الحصار.. التكامل الخليجي سيكون أقوى مع استقلال الاقتصاد القطري

السبت 23 يناير 2021 01:51 ص

كان حصار قطر فرصة لتعزيز اقتصاد البلاد ويمكن أن يكون ذلك إيجابيا للتكامل الإقليمي بعد المصالحة، حيث تحدث بيان قمة العلا عن تكامل عسكري وسياسي واقتصادي أكبر بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

ولكن كيف سيتحقق هذا؟ وكيف ستؤثر تجربة الحصار على جهود الاندماج؟ وكيف يمكن لمجلس التعاون الخليجي أن يصبح مؤسسة أكثر فاعلية؟

سيتطلب النجاح طويل الأمد لجهود التكامل من دول مجلس التعاون الخليجي العمل معًا كشركاء متساوين، والاتفاق على أهداف مشتركة، وتعزيز مؤسساتهم متعددة الأطراف.

ولم تكن الخلافات بين قطر وجيرانها الخليجيين جديدة، لكن حصار 2017 مثّل جهدًا أكثر قوة من جانب الرياض وحلفائها للضغط على سياسة قطر الخارجية المستقلة، وهو ما دفع في النهاية إلى هذا الشكل من الحصار.

تضمنت سياسة قطر دعم جماعة "الإخوان المسلمين" والحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع إيران، التي تشترك معها قطر في أكبر حقل للغاز الطبيعي؛ ورعاية شبكة "الجزيرة" الإعلامية، التي ساهمت في إيصال صوت الاحتجاجات الشعبية وانتفاضات الربيع العربي.

وكان للحصار تأثير عكسي، حيث دفع قطر لتصبح أكثر استقلالية عن دول مجلس التعاون الخليجي.

لقد عززت قطر علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع تركيا، المنافس الإقليمي للسعودية والإمارات والداعمة لجماعة الإخوان المسلمين.

وطورت قطر أيضًا علاقات تجارية أوثق مع إيران، حيث أصبح المجال الجوي الإيراني ممرًا لقطر للوصول إلى بقية العالم.

واستمرت "الجزيرة" في تغطية القصص التي تنتقد جيرانها، بما في ذلك مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في عام 2018 في القنصلية السعودية في إسطنبول.

كما انفصلت قطر اقتصاديًا عن السعودية والإمارات والبحرين.

فقبل الحصار، كانت قطر تستورد الكثير من السلع والخدمات من جيرانها.

ولكن بعد الحصار، اضطرت قطر إلى تطوير طرق إمداد بديلة بسرعة، وزيادة الإنتاج المحلي للسلع والخدمات الأساسية، وتوسيع ميناء "حمد" البحري، الذي بدأ عملياته في أوائل عام 2017.

وفي حين أن هذه الخطوات تنطوي على تكاليف اقتصادية كبيرة، إلا أنها ساعدت قطر في أن تصبح أكثر اكتفاءً ذاتيًا ودفعت جهود التنويع الاقتصادي للدولة.

على سبيل المثال، تحولت قطر من الاعتماد على الحليب ومنتجات الألبان المستوردة من السعودية إلى دولة مكتفية ذاتيًا إلى حد كبير.

وفقدت الشركات في السعودية والإمارات والبحرين إمكانية الوصول إلى السوق التي وفرت هوامش ربح عالية، بالرغم أنها ليست كبيرة.

وبعد إعلان المصالحة، أشار وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" إلى أن بلاده لن تخفض من وتيرة علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع تركيا أو علاقاتها التجارية مع إيران. ما يشير إلى تمسك الدوحة باستقلاليتها.

وتعتبر زيادة الاستقلال خطوة ضرورية نحو التكامل الحقيقي والاعتماد المتبادل.

ويمكن لقطر أن تطرح على الطاولة شبكة أقوى من العلاقات الدولية، فضلاً عن طرق التوريد المتنوعة والمنتجات والخدمات المصنوعة داخل حدودها.

ويمكن إقامة علاقة تجارية أكثر توازناً بين قطر وجيرانها لتحقيق منفعة متبادلة أكبر.

لدى دول مجلس التعاون الخليجي مخاوف أمنية وعسكرية مشتركة تتطلب تنسيقًا إقليميًا قويًا.

كما أن لديها مخاوف مماثلة تتعلق بالسياسة الخارجية، مثل العلاقات بين العمال المهاجرين وبلدانهم الأصلية، بالإضافة إلى الاتفاقيات التجارية مع أوروبا والصين والاقتصادات الآسيوية الأخرى.

ومع ذلك، لكي تساهم الدول بشكل جوهري في إطار أمني إقليمي متكامل، فإنها بحاجة إلى قطاعات أمنية قوية وجيوش وتحالفات وشبكات خاصة بها لتقدمها على طاولة المفاوضات.

وفضلا عن ذلك، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي جميعها ضغوطًا اقتصادية بسببب انخفاض احتياطيات وعائدات الهيدروكربونات، ويتعلق الاختلاف بينهم بالإطار الزمني لهذا التراجع، لكن يجب عليهم جميعًا التعامل مع هذا التحدي.

وقبل أشهر قليلة من انتشار "كورونا"، نشر صندوق النقد الدولي تقريرًا توقع أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي قد تستنفد ثروتها المالية في غضون 25 عامًا.

ولا شك أن الوباء وما نتج عنه من انخفاض في أسعار النفط ساهم في تسريع هذا الجدول الزمني.

ويمكن أن يكون التكامل الاقتصادي الإقليمي مفيدًا بشكل خاص إذا تمكنت البلدان من التخصص في مختلف القطاعات والسلع والخدمات التي من شأنها أن تسمح بمكاسب من التجارة. ولتحقيق ذلك، يجب أن يتطوروا ويتخصصوا بشكل منفرد حيث أن التكامل الإقليمي الناجح يتطلب من البلدان أن يكون لديها أسس اقتصادية أقوى.

ويتطلب التكامل الإقليمي أيضًا من البلدان العمل معًا والتنسيق بشأن السياسة الخارجية.

تجد السعودية نفسها على وجه الخصوص في موقف محفوف بالمخاطر في السياسة الخارجية حيث تسببت الحرب في اليمن في خسائر اجتماعية واقتصادية وسياسية هائلة.

وتواجه الرياض انتقادات متزايدة بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان. كما أن جهودها لاحتواء إيران تواجه تحديات هائلة. وقد أشارت إدارة "بايدن" إلى أنها ستتخذ موقفًا صارما تجاه السعودية.

وكان إعلان "العلا" وقمة مجلس التعاون الخليجي خطوة أولى مهمة نحو المصالحة ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.

في الواقع، كانت المصالحة من جانب دول الحصار مدفوعة في المقام الأول من السعودية رداً على احتمالية إبرام اتفاق نووي إيراني جديد وكذلك لتقليل الضغوط الدولية على الرياض قبل قدوم إدارة "بايدن".

وبينما حذت دول الحصار الأخرى حذو الرياض في استئناف السفر والتجارة مع قطر، فإن هناك حاجة إلى مناقشات ثنائية بشأن القضايا المتبقية من أجل إعادة إقامة العلاقات الدبلوماسية والتجارية الكاملة.

ستستفيد جميع دول مجلس التعاون الخليجي من تنسيق وتكامل أكبر في الأمن والسياسة الخارجية والملفات الاقتصادية.

ولمنع المساس بمصالحها الوطنية واستقلالها، يجب على الدول الأعضاء تعزيز دور المؤسسات المتعددة الأطراف التي تدعم التكامل والتنسيق الإقليميين، وخاصة مجلس التعاون الخليجي.

ويجب على دول الخليج أن تمنح أمانة المجلس مزيدًا من الصلاحيات لمتابعة جهود التنسيق الاقتصادي والسياسي وحتى لعب دور أكثر رسمية في حل النزاعات الإقليمية.

 في النهاية، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي العمل معًا لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية وتحديات السياسة الخارجية التي يواجهونها جميعًا.

المصدر | نادر قباني/مركز بروكنجز – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حصار قطر تعزيز الاقتصاد القطري الاقتصاد القطري التكامل الخليجي مجلس التعاون الخليجي

ستاندرد تشارترد: اقتصاد قطر سينمو 3% بعد انتهاء الحصار

اقتصاد قطر يحقق أعلى التصنيفات الائتمانية عالميا

بعد المصالحة الخليجية.. قطر تكشف مصير القضايا المرفوعة ضد دول الحصار

ماذا تعني نهاية حصار قطر بالنسبة للإخوان المسلمين؟

توقعات بارتفاع تصاعدي للناتج المحلي في قطر خلال الـ5 سنوات المقبلة

أمير قطر عن أزمة المقاطعة: لا أود الحديث عن الماضي والعلاقات بمسارها الصحيح