جيوبوليتيك الفضاء.. تراجع التكلفة يعزز السباق نحو المريخ

الأحد 14 فبراير 2021 02:11 م

مع تراجع تكلفة الفضاء وسهولة الوصول إليه، تسعى القوى التقليدية مثل روسيا والولايات المتحدة إلى تنفيذ مشاريع أكثر طموحا واختبار التقنيات الناشئة.

وفي الوقت نفسه، تسمح التكاليف المنخفضة للقوى المتوسطة بدخول السباق، ودعم البرامج في كل من الفضاء وعلى الأرض.

وفي تتابع سريع، وصلت 3 مركبات فضائية من الإمارات والصين والولايات المتحدة مؤخرا إلى المريخ في غضون 10 أيام فقط.

وأصبحت الإمارات خامس دولة تصل إلى الكوكب الأحمر عندما وصلت المركبة المدارية "أمل" في 9 فبراير/شباط لدراسة الأحوال الجوية على المريخ.

وأصبحت الصين بعد ذلك الدولة السادسة التي تصل إلى الكوكب عندما وصلت مركبة الفضاء "تيانوين-1" في 10 فبراير/شباط.

ومن المقرر أيضا أن تهبط المركبة الأمريكية الخامسة على المريخ في 18 فبراير/شباط.

وفي وقت لاحق من هذا العام، تأمل الصين أن تصبح الدولة الثالثة التي تقوم بهبوط سلس على سطح المريخ وتنشر مركبة جوالة على الكوكب الأحمر.

وستقوم مهمة "المريخ 2020" بالولايات المتحدة بالبحث عن علامات على صلاحية حياة الميكروبات على المريخ وإجراء اختبار الأكسجين للبعثات المأهولة في المستقبل. وكذلك خططت وكالة الفضاء الأوروبية لإطلاق مهمة إلى المريخ بالتعاون مع "روسكوموس"، لكنهما أخرتا المهمة حتى نافذة الإطلاق في عام 2022.

وأدى نضج التقنيات المتعلقة بالمسبار والمركبات المدارية والمركبات الجوالة إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى الفضاء وخفض تكاليف برامج الفضاء، ما تسبب في موجة جديدة من البعثات إلى المريخ ووجهات أخرى من قبل القوى العالمية والمتوسطة على حد سواء.

وظهر عدد كبير من مزودي عمليات الإطلاق الفضائي، وكذلك شركات تصميم وتجميع المركبات الفضائية، على مدار الـ 20 عاما الماضية، ما قلل من تكاليف البعثات الفضائية للحكومات المهتمة باستكشاف الحدود النهائية للكون.

وأصبحت شركة الفضاء الأمريكية الخاصة "سبيس إكس"، رمزا لعمليات الإطلاق الرخيصة، لكن دخولها ساعد أيضا في خفض التكاليف لمقدمي الخدمات التجارية الآخرين.

وتنظر الإمارات أيضا إلى شعبية برنامجها الفضائي كوسيلة لجعل قوتها العاملة أكثر ابتكارا وتنافسية من خلال دفع الإماراتيين إلى السعي وراء وظائف في العلوم الصعبة مع تراجع ​​أهمية النفط والغاز.

وتوضح مهمة برنامج الفضاء الإماراتي السهولة النسبية لدخول المجال وتزايد عولمة صناعة الفضاء.

واستخدمت بعثة الإمارات إلى المريخ صاروخا يابانيا وليس صاروخها الخاص، ما يميزها عن القوى الفضائية الحقيقية مثل الصين والولايات المتحدة.

وتم تجميع المركبة المدارية المستخدمة في مهمة الإمارات أيضا في الولايات المتحدة، بدعم كبير من قبل الجامعات والشركات الأمريكية.

وتبلغ تكلفة إطلاق صاروخ "فالكون 9" من "سبيس إكس" حوالي 2600 دولار لكل كجم.

على النقيض من ذلك، فإن صاروخ "أتاس في" الذي صممته شركة "لوكهيد مارتن" قبل عقد من الزمن، يكلف نحو 8100 دولار لكل كجم.

وتتوقع "سبيس إكس" أن يدفع صاروخ "فالكون هيفي" الخاص بها تكاليف الإطلاق لكل كيلوجرام إلى الأسفل أكثر.

وأصبح سباق الفضاء أكثر تعقيدا مما كان عليه أيام الحرب الباردة بسبب الحجم الهائل للفرص والتقنيات الناشئة، خاصة للقوى العظمى مثل الولايات المتحدة والصين.

وكان سباق الفضاء في الحرب الباردة شديد التركيز على استكشاف القمر، وكذلك تطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية.

وبينما لا تزال برامج الفضاء الصينية والأمريكية تركز اليوم على القمر، فإن كلاهما يبحث بشكل مكثف في التسويق التجاري للفضاء و"استخدام الموارد في المواقع" (مصطلح يشير إلى جمع ومعالجة وتخزين واستخدام المواد التي عُثر عليها أو صنعت على أجرام فلكية بدلًا من إحضار هذه المواد من الأرض)، وكلاهما ضروري لتوسيع نطاق تطوير الفضاء والتغلب على قيود الإطلاق.

ويسعى برنامج "أرتيميس" التابع لوكالة "ناسا"، الذي يهدف إلى إرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول عام 2024، إلى بدء المزيد من الأبحاث حول تطوير "استخدام الموارد في الموقع" للمساعدة في تمكين البعثات المستقبلية إلى المريخ.

ويخطط المسبار المتجول التابع لوكالة "ناسا" لتنفيذ تجربة "استخدام الموارد في الموقع" لإنتاج أكسجين على المريخ بحيث يمكن استخدامه بعد ذلك لتزويد البعثات المأهولة المستقبلية، وربما كوقود دافع لرواد الفضاء العائدين.

ودخلت "ناسا" أيضا في المراحل النهائية من تجميع مركبتها الفضائية "سايكي"، المقرر إطلاقها عام 2022، والتي ستستكشف كويكب "سايكي 16"، الذي يحتوي على رواسب من الحديد والنيكل.

وستتطلب البعثات المأهولة إلى المريخ ابتكارات مهمة مع تطبيقات مباشرة على الأرض لحل تحديات تخص موطن الحياة والاستدامة والاتصالات، ويعتبر ذلك مجالا للمنافسة بين كل من الصين والولايات المتحدة لترسيخ مكانتهما كقوى عظمى تقود العالم.

وأدى الوصول الأسهل إلى الفضاء أيضا إلى سباق فضاء متوسط ​​القوة.

ويشارك الإماراتيون في ذلك، إلى جانب العديد من الدول الأخرى مثل تركيا وكوريا الجنوبية وإيران.

ويركز برنامج الفضاء لكل دولة أيضا على التقنيات ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن تدعم برامج الصواريخ والصناعات الدفاعية.

وحتى لا تتفوق الإمارات، كشف الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في 9 فبراير/شباط عن برنامج فضاء مدته 10 أعوام.

وجاء ذلك في نفس اليوم الذي احتفلت فيه الإمارات بوصول بعثتها إلى المريخ.

وحدد البرنامج التركي هدفا مفرطا في الطموح لتنفيذ مهمة إلى القمر في عام 2023.

وفي الوقت نفسه، تعمل كوريا الجنوبية على تطوير صاروخها الثاني، وتخطط لإطلاق أول صاروخ لها في وقت لاحق من هذا العام.

وعلى عكس الإمارات، تأمل كوريا الجنوبية وتركيا وإيران جميعا في تطوير الصواريخ محليا.

ويمثل هذا الطموح جهدا لتعزيز الصناعات الفضائية المحلية ولاستخدامها كنظم إطلاق للصناعات الدفاعية الصاروخية.

ومع تطوير برامجها الفضائية، وكلها بالتأكيد برامج صالحة للتطبيقات التجارية، تلفت تلك الدول الانتباه والشك حول انتشار تكنولوجيا الصواريخ الباليستية لديها.

وسوف تركز الدول الغربية على إيران وتركيا أكثر من كوريا الجنوبية، لكن سيول ركزت بشدة على تطوير الصواريخ في الأعوام الأخيرة.

وفي يوليو/تموز 2020، أعلنت كوريا الجنوبية أنها حصلت على موافقة من الولايات المتحدة لاستخدام الوقود الصلب لمركبات الإطلاق الفضائية، وهي تقنية يمكن نقلها إلى الصواريخ الباليستية.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مسبار الأمل اقتحام الفضاء بعثات المريخ مهمات الفضاء السباق نحو الفضاء ناسا وقود صلب استخدام الموارد في الموقع

جيوسياسية الفضاء.. لماذا أرسلت الإمارات مسبارا إلى المريخ؟

للمرة الأولى خارج الأرض.. ناسا تنتج الأكسجين على المريخ

هبوط مائي نادر في الظلام.. عودة 4 رواد من محطة الفضاء الدولية إلى الأرض

كبسولة بلو أوريجين التي حملت بيزوس للفضاء تهبط على الأرض